17-سبتمبر-2023
الاستثمار الأجنبي في الجزائر

(الصورة: أخبار الوطن)

جدّدت كتابة الدولة الأميركية انتقاداتها لمناخ الاستثمار في الجزائر، غير أنّها رصدت "جهدًا واضحًا من السلطات لجهود تحسين جاذبية السوق الجزائرية"، وفق تقرير حديث نشرته على موقعها الرسمي.

لاحظت واشنطن أنّ خطة الحدّ من الاستيراد التي تعمل بها الحكومة منذ أكثر من عام أفرزت نقصًا في العرض وارتفاعًا في الأسعار

وقال التقرير الأميركي إنّ "هناك قطاعات متعدّدة توفر فرصًا للنمو على المدى الطويل ومنها القطاع الزراعي والسلع الاستهلاكية والطاقة التقليدية والمتجددة والرعاية الصحية والتعدين والأدوية والطاقة وإعادة التدوير والاتصالات والنقل".

وأحصى التقرير قائمة صعوبات تواجه الاستثمار الأجنبي في الجزائر، والتي سبق وأن وردت في تقارير منها تقرير ممارسة أنشطة الأعمال "دوين بيزنس" وضمّت "الإجراءات الجمركية المعقدة"، "البيروقراطية المرهقة"، "صعوبات التحويلات النقدية".

كما لفتت إلى شكاوى الشركات الدولية العاملة في الجزائر من أنّ "القوانين واللوائح تتغيّر باستمرار، مما يزيد من المخاطر التجارية بالنسبة للمستثمرين الأجانب".

إلى جانب منح الأفضلية للشركات المملوكة للحكومة على حساب القطاع الخاص وتخلّف القطاع المصرفي، إضافة إلى "التكامل الإقليمي المحدود والقيود المفروضة على الاستيراد، مما يعيق فرص الاعتماد على سلاسل التوريد الدولية".

ولاحظت واشنطن أيضًا أنّ خطة الحدّ من الاستيراد التي تعمل بها الحكومة منذ أكثر من عام، "أفرزت حالة من عدم اليقين التنظيمي، ونقصًا في العرض وارتفاعًا في الأسعار، واختيارًا محدودًا للسلع الاستهلاكية".

بالمقابل، سلّط التقرير الأميركي الضوء على الجهود التي تبذلها الحكومة لجعل السوق المحلية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، عبر "إصلاح قانون الاستثمار وتعديل قانون المحروقات وتقديم حوافر للمستثمرين وتطوير المنصة الرقمية للمستثمر".

وأشارت كتابة الدولة إلى جملة الأمور الإيجابية، منها مراجعة قانون النفط والغاز (المحروقات) في عام 2019، مما أدى إلى تحسين الشروط المالية ومرونة العقود من أجل جذب مستثمرين دوليين جدد. ويشجع القانون شركات النفط العالمية الكبرى على توقيع مذكرات تفاهم مع شركة المحروقات الوطنية سوناطراك.

وذكّرت الجهة نفسها أيضًا بإلغاء قاعدة "51/49" التي كانت تتطلب حيازة لغالبية أسهم جميع الشركات الجديدة لشريك جزائري، على الرغم من أنها احتفظت بشرط "القطاعات الإستراتيجية"، التي تم تحديدها مثل الطاقة والتعدين والدفاع والنقل والبنية التحتية والنقل وتصنيع الأدوية (باستثناء المنتجات المبتكرة). إلا أنّه تم في قانون المالية لعام 2021، إعادة اشتراط الملكية 51/49 لأيّة شركة تستورد سلعًا إلى الجزائر بقصد إعادة بيعها.

ورحبّت في السياق ذاته، بإلغاء قاعدة الاستثمار 51/49 التي كانت تشكل تحديات للمستثمرين فهي تعيق، وفق التقرير، وصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الأجنبية إلى الصفقات، لأنها لا تملك في كثير من الأحيان الموارد البشرية أو رأس المال المالي اللازم للتعامل مع المتطلبات القانونية والتنظيمية المعقدة.

إلى هنا، بوسع الشركات الكبيرة أن تجد طرقًا إبداعية للعمل في إطار القانون، وأحيانًا بالتعاون مع السلطات المحلية الأكثر مرونة في التعامل مع الاستثمارات الضخمة التي تَعِد بخلق فرص عمل كبيرة ونقل التكنولوجيا والتجهيزات.

يشير التقرير إلى مزاعم مفادها أن "الشركاء الجزائريين يرفضون أحيانًا استثمار الأموال المطلوبة في أعمال الشركة، ويشترطون أموالًا غير تعاقدية للفوز بالعقود، ويرسلون عمالًا غير مؤهلين إلى مواقع العمل".

مضيفًا أن المصنعين يشعرون بالقلق أيضًا بشأن حقوق الملكية الفكرية، حيث لا ترغب الشركات الأجنبية في التنازل عن سيطرتها على تصاميمها وبراءات الاختراع الخاصة بها، حسب تقرير كتابة الدولة الأميركية.

وأفادت بأنّ "العديد من الشركات الأميركية لديها سياسات تمنعها من الاستثمار في الخارج دون الاحتفاظ بحصة الأغلبية، وذلك بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية والسيطرة المالية على الشركات المحلية."

قانون استثمارات أكثر وضوحًا

وأشادت كتابة الدولة بقانون الاستثمار الصادر في تموز/جويلية 2022 والذي يكرّس "حرية الاستثمار" و"الشفافية والعدالة في معاملة الاستثمارات"، للمقيمين وغير المقيمين على حد سواء.

كما يشتمل القانون، وفق التقرير الأميركي، على ضمانة وطنية لحماية الملكية الفكرية ويدرج الأصول غير المادية (عمليات البرمجيات الحاصلة على براءة اختراع وما إلى ذلك) كأصول مشروعة. ويحدد القانون ثلاث فئات من الاستثمارات المؤهلة للحصول على الحوافز: الاستثمار في الصناعات ذات الأولوية بالنسبة للحكومة وهي التعدين والزراعة والصناعة والسياحة والطاقة وتكنولوجيا المعلومات؛ وفي المناطق الجغرافية المحرومة؛ وفي التنمية المستدامة. وتكون الحوافر في شكل إعفاءات ضريبية .

ونبّه التقرير من جانب آخر إلى الجهد الذي تبذله السلطات الجزائرية في مجال حماية الفكرية، موضحًا أنه برغم إدراج الجزائر في القائمة المراقبة لعام 2023 الصادرة عن مكتب الممثل التجاري الأميركي. فصدرت قوانين لحماية مصالح الشركات الأجنبية واستدل على ذلك بحكم صادر عن محكمة جزائرية لصالح شركة أدوية أميركية في أواخر عام 2020 في أول قضية تتعلق بانتهاك براءات اختراع مزعوم من قبل منتج محلي تلاحقها شركة أميركية في المحاكم.

واعترف التقرير بقيام وكالات إنفاذ القانون الجزائرية بمصادرة سنويًا مئات الآلاف من السلع المقلدة، بما في ذلك الملابس ومستحضرات التجميل والمواد الرياضية والمواد الغذائية وقطع غيار السيارات والأجهزة المنزلية.

وتقوم الحكومة حاليًا، حسب المصدر، بصياغة تشريع جديد بشأنه مكافحة التزوير والملكية الفكرية (صادق عليه مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير) لتحسين تطبيق القرارات والتنسيق بين الوكالات (لأسباب، من بين أسباب أخرى، جهود الإنفاذ غير الفعالة ضد تزييف العلامات التجارية وقرصنة حقوق النشر).

رحّب التقرير الأميركي بإلغاء قاعدة الاستثمار 51/49 التي كانت تشكل تحديات للمستثمرين

ولا يختلف التقرير الجديد عن الصورة النمطية المتداولة سنويًا في تقرير كتابة الدولة عن حالة الاستثمار الأجنبي في الجزائر، لكنه لمس التحسن اللافت في التشريعات والحوافز، التي تسعى بها السلطات لاستقطاب مستثمرين أجانب وتحويل البلاد إلى منطقة جذب اقتصادي.