22-نوفمبر-2019

ميناء العاصمة (لودفيس مارين/أ.ف.ب)

بلغت صادرات الجزائر خارج المحروقات 1.31 مليار دولار خلال السداسي الأوّل من السنة الجارية، وهي نسبة تمثل 6.90 في المائة من الحجم الإجمالي للصادرات، مقابل 1.45 مليار دولار خلال الفترة نفسها من سنة 2018، مسجّلة تراجعًا بنسبة 10.01 في المائة.

تُشير بيانات السداسي الأول من سنة 2019  إلى تراجع مداخيل الجزائر من الصادرات  إلى حدود 100 مليون دولار

أمّا صادرات الجزائر في المواد نصف المصنعة فبلغت 999.5 مليون دولار هذه السنة، مقابل 1.129 مليار دولار في الفترة نفسها من السنة الماضية، أي بتراجع قدره 11.93 في المائة، وتبقى نسبة المواد الغذائية هامشية في مداخيل الصادرات، إذ قدّرت بـ 208.02 مليون دولار، مقابل 251 مليون دولار سنة 2018، مسجّلة تراجعًا قدره 12.23 في المائة.

اقرأ/ي أيضًا: قانون المحروقات الجديد.. رهانٌ آخر لجذب الاستثمارات الأجنبية

وفي مجال الصادرات أيضًا، بلغت مداخيل المواد الخام قيمة 40.53 مليون دولار، مقابل 52.36 دولار سنة 2018، تراجعًا هي الأخرى بـ ـ22.58 في المائة، أما بالنسبة للعتاد الفلاحي، فنسبة التصدير تبقى ضعيفة جدًا، حيث لم تتعدى قيمة 0.19 مليون دولار.

وبحسب بيانات مديرية الدراسات والاستشراف، التابعة للجمارك، بلغت صادرات الجزائر خلال السداسي الأوّل من السنة الجارية 18.96مليار دولار، مقابل 29.20 مليار دولار، صدرتها خلال الفترة نفسها من سنة 2018، أي انخفضت بنسبة 6.57 في المائة مقارنة بالسنة الماضية.

2019 عام الخيبة

في سياق مرتبط، أعلن وزير التجارة سعيد جلاب، أن بداية سنة 2019، ستكون سنة الصادرات في الجزائر، بينما تكشف المعطيات والبيانات الواردة أعلاه، ضعف وتواضع حجم الصادرات خارج المحروقات وتراجعها، وهيمنة القطاع النفطي عليها، إضافة إلى كلّ ذلك، تُشير إحصائيات جمركية إلى أنه حتى الصادرات خارج المحروقات، تتضمّن موادًا مشتقّة من المواد البترولية والنفطية، كالزيوت، والمواد الكيمائية، والأسمدة.

وعلى عكس تفاؤل الوزير، تُشير قراءة في بيانات صادرات السداسي الأوّل، بين سنتي 2018 و2019، إلى تراجع مداخيلها هذه السنة إلى حدود 100 مليون دولار، وهو رقم مرشّح للارتفاع إلى غاية نهاية سنة 2019.

تجدر الاشارة، إلى أن صادرات الجزائر خارج المحروقات، لم تتجاوز طيلة الـ 14 سنة الأخيرة، قيمة 24.15 مليار دولار، وتكشف هذه الأرقام هشاشة الاقتصاد الجزائري في بنية وتركيبة الصادرات الجزائرية، وهي الوضعية لتي تعكس غياب رؤية واضحة الأفق في نجاعة الذهاب إلى تنويع مصادر الدخل بالعملة الصعبة، وهذا رغم وجود عدد كبير من المصدّرين في الجزائر ( 43418 مُصدّر) بين شخص طبيعي وشخص معنوي، بحسب المركز الوطني للسجل التجاري.

إدارة بيروقراطية

سعت الحكومات الجزائرية المتعاقبة، على تشجيع الصادرات خارج المحروقات، حيث أسّست صندوقًا خاصًا لترقية الصادرات، بموجب قانون المالية لسنة 1996، وتُخصّص موارد الصندوق لتدعيم المالي للمصدّرين ومرافقة نشاطاتهم التسويقية والتجارية في الخارج، ويتكفّل الصندوق بتحمّل أعباء دراسة الأسواق الخارجية، وتكاليف المشاركة في المعارض بالخارج، وتحمّل مصاريف الشحن والنقل البحري والجوّي للبضائع من الموانئ الجزائرية إلى الخارج بـ 50 في المائة للمنتجات الزراعية، و25 في المائة للمنتجات غير الزراعية.

في مقابل ذلك، وإن استحسن المتعاملون في مجال التصدير بعض التحفيزات، إلا أن الإجراءات البيروقراطية التي تطبع القطاع، تُعرقل السير الحسن لتطوير التجارة الخارجية.

في هذا السياق، يقول م. عصام، أحد مصدّري المواد الفلاحية في حديث إلى "الترا جزائر" إن التعويض على مصاريف الشحن يتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنة كاملة للعملية الواحدة، مؤكّدًا على ضرورة رفع نسبة الدعم إلى 80 في المائة، وهي النسبة المخصّصة حصريًا للتمور، واعتبر عصام، أن تكاليف النقل تكلّف فاتورة باهضة خاصّة النقل الجوي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى بيروقراطية المعاملات البنكية في الجزائر، والتي تقوم بتحويل نصف مداخيل المصدّرين بالعملة الصعبة التي تصبّ في حساباتهم إلى العملة الوطنية، وفق قاعدة 50 في المائة إلى الدولار، و50 في المائة إلى العملة الوطنية.

موانع سياسية

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي رياض هاوي، أنه لا يمكن الحديث عن التصدير دون الحديث على المبدأ الاقتصادي الشهير الذي لخصه ريكاردو في كلمتي (comparativement advantage)، ويقصد بهذا المبدأ، المنتجات التي يمكن أن ننتجها بأكثر فعالية، وأكثر جودة وأقل تكلفة، وهي مجموعة السلع والخدمات التي يمكن أن ننافس بها منتجات دول أخرى.

هنا، يعتقد رياض هاوي في حديث إلى "الترا جزائر"، أنه من الصعب تحديد المنتجات المتوفّرة على شرط الجودة والتكلفة المنخفضة في النسيج الصناعي الجزائري، معتبرًا أن ضعف النسيج الصناعي يعود إلى غياب المنافسة، على حدّ قوله.

وفي تقدير المتحدّث، فإن حلّ المشكلة يكمن في فتح المجال للشركات العالمية، التي لديها خبرة مزدوجة في تحكمها بالتكلفة خبرتها في الأسواق العالمية، مستطردًا: "أي نسيج صناعي يحتاج إلى القدوة في تطوير نسيجه التجاري الخارجي".

السوق الأفريقية والعربية

 من جانبه، يؤكّد خبراء في مجال التجارة الخارجية، أن الجزائر تمتلك مؤهّلات كبيرة في مجال تنويع صادرتها خارج المحروقات، شرط أن يتمّ استغلال نفوذها السياسي، والاقتصادي، ضمن التكتّلات الاقتصادية الإقليمية، كمنظمة التجارة الحرّة للقارة الأفريقية، التي تضمّ 55 دولة سنويًا.

التبادل التجاري الحرّ بين البلدان العربية، والتي صادقت عليها الجزائر إلى جانب 19 دولة عربية، لإنشاء منطقة التبادل العربي الحرّ، بهدف تشجيع المبادلات التجارية والإعفاء التام الحقوق الجمركية، يحمل آفاقًا واعدة للمنتجات الجزائرية.

قرار وزير التجارة؟

في سياق الحديث عن التجارة الخارجية، شدّد وزير التجارة، سعيد جلاب، على ضرورة تسقيف أسعار التمور الجزائرية الموجّهة للتصدير، ومنع بيعها بأثمان متدينة لدول أجنبية، هنا، تجدر الإشارة أن مبيعات الجزائر في سوق التمور بلغت حدود 65 مليون دولار، علمًا أن السوق العالمي للتمور يطرح للتدوال ما قيمته 2 مليار دولار تقريبًا، وتسعى الجزائر إلى بلوغ قيمة 100 مليون دولار سنويًا من صادرات التمور. إذ يبلغ عدد المتعاملين في نشاط تصدير هذا المنتوج الفلاحي في الجزائر 155 متعاملًا.

رغم الامكانيات المتوفّرة، لم يقدّم تصدير التمور أي قيمة مضافة إلى اقتصاد الجزائر، ويعود السبب إلى طابع المضاربة والاحتيال، فبحسب ع. مقران متعامل في مجال تصدير التمور، فإن الوزير أشار إلى متعاملين يقدّمون فواتير بأسعار متدنية (0.04 دولار/ كلغ)، لكنه يتجاهل أن الفارق في السعر الحقيقي، يتمّ دفعه نقدًا في الخارج.

رغم الامكانيات المتوفّرة، لم يقدّم تصدير التمور أي قيمة مضافة إلى اقتصاد الجزائر

ويضيف المتحدّث أن بعض المتعاملين يصدّرون منتجاتهم من التمور بأسعار مرتفعة نسبيًا، تتراوح ما بين 2.55 و5 دولار للكيلوغرام،(حسب النوعية وتكلفة الشحن)، وهي أسعار مضخّمة، تهدف إلى تهريب العملة الصعبة، باعتبار أن بعض مصدّري هذا المنتوج، يمتلكون شركات (offshort)، وبالتالي تصبّ التحويلات المالية في حساباتهم المالية بالعملة الصعبة مباشرة،  ويخلص مقران، إلى أن طابع المضاربة وبيروقراطية الإدارة، جعلت تصدير التمور محتكرًا من طرف المهرّبين على مستوى الحدود الشرقية ومافيا العملة الصعبة، على حدّ قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟

إلغاء قاعدة (49-51).. انفتاح اقتصادي أم مقايضة سياسية؟