27-يوليو-2016

تلاقي مقترحات وزيرة التربية الجزائرية نقدًا لاذعًا(أ.ف.ب)

يعود الجدل مجددًا في قطاع التربية في الجزائر، حيث تواجه الوزيرة نورية بن غبريط رفضًا داخليًا لما أسمته بمقترحات من المنتظر تنفيذها في السنة الدراسية المقبلة، أهمها إلغاء الامتحان في مادة العلوم الإسلامية من امتحان شهادة البكالوريا/الثانوية العامة، فضلاً عن إسقاط اللغة العربية من المواد المدرّسة للشعب العلمية في الطور الثانوي وتعويضها بالفرنسية.

وُجهت انتقادات لاذعة لمقترحات بن غبريط واعتبرها البعض قد تمس من الهوية الوطنية الجزائرية

بلهجة الرفض والتهديد بشلل في القطاع التربوي في أيلول/سبتمبر المقبل، ردت عديد الجمعيات والنقابات التربوية على "المقترحات" أو "الإصلاحات" المرتقبة في قطاعها، والتي أعلنت عنها بن غبريط مؤخرًا، وأطلقت عليها تسمية "إصلاحات الجيل الثاني"، والتي من المنتظر عرضها على الحكومة قبل الدخول الدراسي المقبل.

اقرأ/ي أيضًا: إعادة جزئية لامتحانات البكالوريا في الجزائر

بدأت الانتقادات "اللاذعة" توجه لـ"إصلاحات الوزيرة" وتصفها بأنها "تمس الهوية الوطنية الجزائرية" وأول ردود الفعل جاءت من طرف رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم، الذي صرح: أن "الغلو والتطرف والتشدّد لا تصنعه التربية الإسلامية ولا اللّغة العربية ولا التاريخ وإنّما إفراغ المنظومة التربوية من الثوابت الوطنية هو الذي يجرّ علينا الويلات والفواحش ويزيل الحواجز بيننا وبين الدّواعش". وواصل رئيس جمعية العلماء المسلمين قائلًا إن "الإصلاح يبدأ بإصلاح عقل الإنسان الجزائري الذي لا يمكنه إصلاحه إلا بعقيدته ولغته وتاريخه".

كما أكدت التنسيقية الوطنية لأساتذة العلوم الإسلامية في الجزائر أن هذه القرارات هي "محاولة فصل المدرسة الجزائرية عن رافدها الأيديولوجي"، وبذلك "تتحول من مدرسة جزائرية أصيلة إلى مدرسة بلا هوية ولا معالم". كما اعتبر رئيس التنسيقية بوجمعة شيهوب في تصريح لـ"الترا صوت" أن "الإصلاحات المزعومة هي خطوات ضد قرارات جمهورية"، موضحًا أن "ما تقترحه الوزيرة ينافي قرارات أعلن عنها الرئيس الجزائري وهي قاضية بتعميم مادة العلوم الإسلامية في جميع الشعب وأن تكون في جميع الاختبارات الوطنية، فضلاً على القوانين الدستورية التي تنص على أن المدرسة الجزائرية تكوّن جزائريين بمعالم وطنية وتنشئ جيلًا متشبعًا بالمبادئ الإسلامية".

وهددت التنسيقية بمراسلة الرئيس بوتفليقة والتنسيق مع مختلف الشخصيات الجزائرية الوطنية والنقابات والأحزاب السياسية في الجزائر من أجل الدفاع عن ما اعتبرته "مكتسبات لا يمكن المساس بها والإضرار بالمنظومة التربوية".

دعت نقابات التعليم الجزائرية إلى عصرنة القطاع بالموازاة مع التكنولوجيات الحديثة دون إقصاء مقومات الهوية الجزائرية وطمس جذورها

اقرأ/ي أيضًا: نتائج دراسية "كارثية" خلال الفصل الأول في الجزائر

نقابات التربية من جهتها، رفضت المساس بالهوية الوطنية وخاصة ما تعلق بالعلوم الإسلامية والتاريخ واللغة العربية، حيث هددت النقابة الوطنية لعمال التربية بشن حملة من الاحتجاجات والإضرابات في بداية العام الدراسي المقبل، وقال الأمين العام للنقابة عبد الكريم بوجناح لـ"الترا صوت": إن "هذه الإصلاحات من أنها أن تشعل قطاع التربية من جديد إن تمت المصادقة عليها من الجهاز التنفيذي". كما اقترح المسؤول "عصرنة القطاع بالموازاة مع التكنولوجيات الحديثة دون إقصاء مقومات الهوية الجزائرية وطمس جذورها"، على حد تعبيره.

ووضح الأمين العام للمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مسعود بوديبة، في تصريح لـ"الترا صوت" أن "النقابة اقترحت فقط إنقاص عدد ساعات مواد العلوم الإسلامية والتاريخ والجغرافيا وعدم جعلها مواد اختيارية في امتحانات البكالوريا لرفع مستوى اختبارات البكالوريا وليس لتهديم قيمة من قيم المجتمع الجزائري".

ومنذ تقلد بن غبريط لمنصب وزيرة التربية في أيار/مايو 2014، كثر الحديث عن مقترحاتها في قطاع التربية، وكانت في كل مرة تصنع الجدل من خلالها، وهو ما يراه اليوم المتتبعون للشأن التربوي في الجزائر، مدخلًا للصراع مجددًا مع النقابات والمنظمات المجتمعية في الجزائر، قبيل انطلاق الموسم التعليمي الجديد، وخصوصًا، وأن بن غبريط، بحسب الكثيرين، نجت بأعجوبة من "فضيحة تسريبات البكالوريا الأخيرة"، وواجهت سهامًا حادة من مختلف الاتجاهات من طرف منتقديها من أبناء القطاع ومعارضيها من الأوساط السياسية وتحت قبة البرلمان الجزائري.

اقرأ/ي أيضًا:

صيف الجزائر.. نقاش بـ"العامية"

مسيرة الكرامة.. كفاح أساتذة الجزائر المتعاقدين