21-سبتمبر-2023
نساء يستعرضن الحلي القبائلي (فيسبوك/الترا جزائر)

جزائريات بالجبة القبائلية (فيسبوك/الترا جزائر)

أعادت حادثة طرد تلميذة من ثانوية ببلدية القصر بولاية بجاية، شرق الجزائر، بسبب لباسها الحديث مجددًا حول الهندام  المسموح والمرفوض ارتداؤه في المؤسسات التربوية، وكذا الهامش الموجود للطاقم التعليمي والإداري للإقدام على قرار عدم السماح للتلميذ بالالتحاق بقسمه.

تبقى الاجتهادات  بشأن ما هو مباحٌ وممنوعٌ ارتدائه داخل الحرم التربوي مبنية على الرؤية الشخصية للتلميذ

وفي ظلّ عدم اعتماد لباس موحد في المدارس الجزائرية، تبقى الاجتهادات  بشأن ما هو مباحٌ وممنوعٌ ارتدائه داخل الحرم التربوي مبنية على الرؤية الشخصية للتلميذ وأوليائه وإدارة المدرسة لها، واجتهاداتهم الشخصية وفق قراءاتهم المختلفة للقانون الداخلي للمؤسسات.

تفاعل واسع

رفضت إحدى ثانويات بلدية القصر بولاية بجاية دخول تلميذة بحجة ارتدائها "هندامًا غير محترم"، حيث كانت مرتدية تنورة تقليدية خاصّة بالمنطقة، وهو زيٌّ  ترتديه النساء في يومياتهم وفي الأعياد والمناسبات، الأمر الذي لقي تفاعلًا كبيرًا وسط جزائريين عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ رغم أنّ إدارة المؤسسة التربوية، تداركت، هذا الخطأ وأكّدت بأن اللباس التقليدي الجزائري غير ممنوع في المدارس، وهو هندام محترم.

في هذا السياق، قال بير رياض، متسائلًا: "هل يعقل مدير يمنع تلميذة من الدراسة بسبب لباس محترم ومحتشم، ناس بجاية المنتخبين على مستوى الولاية، الشعب انتخبكم للدفاع عليه  وهذا المدير داس كل الخطوط الحمراء".

في النحو، علق إلياس، عبر منشور فيسبوكي على الحادثة: "سبحان الله ولا حولا ولا قوة إلا بالله، أنت في بجاية سيدي المدير ولباسها محتشم، ولا يوجد نص قانوني يمنعها ارتداء مثل كذا لباس".

وبين سعيد كملوس أن "الجبّة القبائلية رمز للهوية الجزائرية ولتراثها الثقافي، فكيف لتلميذة من القصر ببجاية تطرد من الثانوية لأنها ترتدي هذه الجبّة التقليدية؟"، مضيفًا أن "مديرة التربية قدمت اعتذارًا لأم التلميذة، وكذا مدير الثانوية الذي قال إنه لم يكن على علم بهذه القضية. لأنه لا يمنع أي لباس بالمدرسة ما دام لباسًا محتشمًا".

محاربة اللباس الجزائري

من جهته، أشاد كريم مرداسي بتصرف التلميذة ووالدتها قائلًا: "تحية تقدير لحرائِر جرجرة.. بعد منع تلميذة من دخولها الثانوية بحجة أنها تلبس جبة تقليدية رغم أنها لباس جزائري قبائلي أصيل وارتدائها للمئزر. لا يوجد ما يمنع قانونيًا ولا تربويًا ارتداء لباس تقليدي. فما نراه من ألبسة فاضحة أو ثقافات مستوردة من الشرق أو الغرب يتم التغاضي عنه، بينما يحارب كل ما هو جزائري أصيل على أرضه؟".

وكتبت ميلا بلة في منشور على فيسبوك قائلة إن "فستان التلميذ من لباس المنطقة، وهو محتشم ولا عيب فيه، وليس منافٍ للنظام الداخلي للمؤسسات التربوية. أكثر ما زادني غيضًا هو إخراجها من المؤسسة في أول يوم للدخول الاجتماعي. متضامنون معك حبيبتي ويحيا اللباس القبائلي الذي نعتز ونفتخر به".

وأشار حليم سعايدية قمادة، إلى أن ارتداء اللباس التقليدي في المدرسة ليس جديدًا، حيث يوجد "من يدرس أو يُدَرس بالقشابية أو البرنوس أو لثام الرجل الأزرق أو النقاب أو الجلباب أو الحجاب أو الخمار.. فلا أحد يزايد بمشروعية الأمر".

رأي القانون

وأضاف حليم قائلًا: "حسب مدير المؤسسة التعليمية، فإنه يتحدث عن المئزر كلباس رسمي وقانوني داخل المدرسة بالطبع مع لباس محترم، إنه نص مطاطي لأن كلمة (محترم) تخضع لأهواء الأفراد".

بدوره، قال رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، لـ"الترا جزائر" إن "ارتداء اللباس في المؤسسات التربوية يخضع للقانون الداخلي لكل مؤسسة، والذي يتضمنه دفتر المراسلة الذي يقدم للتلميذ عند كل دخول مدرسي للاطلاع عليه ووليّه".

وأقر دزيري أنه لا يوجد زي موحّد تعتمد عليه كل المؤسسات التربوية، حيث يعود الأمر لكل مؤسسة في تحديده، إلّا أنه يتم تضمينه ضمن إجراءات متشابهة تتعلق بأن يكون اللباس محتشمًا، وغير قصير، فيما تكون حلاقة التلاميذ البنين قصيرة وغير غريبة، إضافة إلى إلزامية ارتداء المئزر، على حدّ تعبيره.

وكل سنة دراسية يثار جدل حول المظهر الذي يجب أن يعتمده التلاميذ داخل المؤسسات التربوية، فقد شارك أمس كثير من النشطاء منشورًا لأم تحتج لطرد ابنها الذي يدرس السنة الثالثة ابتدائي في أول أيام السنة التعليمية الجديدة بسبب تسريحة شعره.

بات واجبًا على وزارة التربية التحرك لاعتماد لباس موحد ينهي كل هذا الجدل

وبسبب هذه الحوادث المتكررة التي تخرج النقاش في قطاع التربية عن جوهره الأساسي المتعلق بتحسين مستوى التعليم والرقي به، بات واجبًا على وزارة التربية التحرك لاعتماد لباس موحد ينهي كل هذا الجدل الذي لا يقدم ولا يؤخر ويدخل المدرسة في صراع إيديولوجي هي في غنى عنه.