26-أبريل-2024
(الصورة: فيسبوك) مهرجان عنابة للفيم المتوسطي

(الصورة: فيسبوك) مهرجان عنابة للفيم المتوسطي

مباشرة عقب افتتاح مهرجان عنابة السينمائي الدولي للفيلم المتوسطي في طبعته الرابعة، الممتدة إلى نهاية الشهر الجاري، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بالجزائر حول قائمة المدعوين، حيث يرى متابعون أنّ ضيوف المهرجان جلهم "مؤثرون" ووجوه تلفزيونية، وآخرون يرون أنّ أهل السينما غائبون عن هذا المحفل.

لم يمرّ حفل افتتاح مهرجان عنابة السينمائي الدولي للفيلم المتوسطي بهدوء، فقد أثار نشطاء جدلًا حول وصول وجوه فنية جزائرية يتفق كثيرون أنّ تجربتها في التمثيل ما تزال فتية وأنّ حضورها طاغ في مواقع التواصل الاجتماعي

جدل واسع أعقب افتتاح عنابة السينمائي ليس على صعيد البرنامج السينمائي، الذي يتضمن عديد الأفلام التي تمثل تجارب مختلفة من سينما حوض المتوسط ولا على صعيد الضيوف الأجانب الذين تتقدمهم بطلة سلسلة "لا كاسا دي بابل" الإسبانية إيتزيار أوتونيو والسوري سامر المصري والإيطالية مارتيناز زيقيوتي.. وغيرهم، وإنّما الانتقادات التي طالت منظمي المهرجان كانت بسبب الضيوف المدعوين.

من هم ضيوف عنابة السنمائي؟

يرى مهتمون ومتبعون للشأن الفني بالجزائر، أنّ الدورة الرابعة لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي "انتصرت" لحساب "نجوم" الدراما الرمضانية و"المؤثرين" وحتى "المغنين" على حساب صناع الأفلام الحقيقيين في الجزائر بينهم الذين لديهم باع طويل في الفن السابع.

لم يمرّ حفل الافتتاح "بخير" على منصات التواصل، حيث تداول نشطاء مقاطع فيديو وصور لوجوه فنية جزائرية يتفق كثيرون أنّ تجربتها في التمثيل ما تزال فتية وأنّ حضورها طاغ في مواقع التواصل فقط، ووجوه أخرى بارزة أكثر في الدراما مقارنة بالسينما.. ما جعلهم يطرحون أسئلة كثيرة ما علاقة هؤلاء بمهرجان سينمائي بحجم عنابة المتوسطي؟ ما علاقة مغن بمهرجان سينمائي؟ لما غابت عن المهرجان أسماء سينمائية جزائرية معروفة؟ وهل تحوّل المهرجان من سينمائي إلى درامي؟.. هذه الأسئلة التي طرحها متابعون ومهتمون بالشأن الفني الجزائري تعكسها عدّة منشورات على "فايسبوك" و"إكس".

أبرز المنشورات تلك التي وصفت بـ"الصرخة"، ما كتبه المخرج محمد حازورلي على حسابه بفايسبوك، حيث وجه رسالة تحمل غصة لكنها قاسية نوعًا ما في حق الإعلامي والناقد محمد علال المحافظ الجديد الشاب الذي يترأس المهرجان.

من يستحق الدعوة؟

وقال حازورلي: "إلى رئيس مهرجان عنابة السينمائي: كم كان عمرك عندما أخرج محمد حازرلي أول أفلامه السينمائية من إنتاج التلفزيون الجزائري "السخاب" سنة 1973 ومثل الجزائر في مهرجان " براغ Prague الدولي؟."

وأضاف: "كم كان في عمرك عندما أخرج محمد حازرلي ثاني فلم طويل "الألم" سنة 1975 عن مجازر 8  ماي 1945 في سطيف؟، كم كان في عمرك عندما أخرج محمد حازرلي ثالث فلم سينمائي طويل من إنتاج التلفزيون الجزائري عن الأسطورة "حيزية" سنة 1976.؟"

وخاطبه أيضا: "كم كان في عمرك عندما أخرج محمد حازرلي رابع فلم طويل "الهجرة" عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم للكاتب السوري الكبير ظافر الصابوني سنة 1980 ؟ كم كان في عمرك ؟."

ورأى حازورلي عدم دعوته كان عن قصد قائلا: "تجاهلت عمدا مخرجا حقق للجزائر 5 جوائز عربيا في أحلك سنين الإرهاب من 1994 إلى 2000 ! تم الإخراج في: أريس والأوراس- في بوحمامة وخنشلة وتبسة والنمامشة وجيجل والعوانة وًهم شاهدون على ذلك ..أين كنتم؟"

وختم رسالته بقوله: "أكتفي بهذا القدر وأتركك تواجه ضميرك "سيدي رئيس مهرجان عنابة، عنابة التي قمت بإخراج أكبر مباشر في تاريخ المنطقة في ساحة أول نوفمبر سنة 1986 "مهرجان شباب البحر الأبيض المتوسط" بمشاركة 25 دولة في قلب المدينة بحضور جماهير عنابة الرائعة،.. وهم يتذكرون.. أين كنتم؟."

المخرج التلفزيوني سعيد عولمي شارك منشور حازورلي على حسابه بفيسبوك وكتب: "أشعر بالألم عندما أقرأ هذه الصرخة المدوية للمخرج محمد حزورلي، المبدع الذي قدم الكثير للفن السابع،  أعبر عن خيبتي واستيائي العميق لعدم دعوة بعض المخرجين والفنانين الذين جعلوا من مهنتهم رسالة نبيلة وخلدوا أسماءهم في الذاكرة الجماعية."

 وأضاف عولمي: "المهرجان السينمائي، هو فضاءً للمنافسة والنقاش وتبادل الأفكار، إن هذا الأمر لا يمكن تجاهله أو تبريره بأي شكل من الأشكال".

قد يتفق البعض مع رسالة محمد حازورلي ويتعاطفون معه، في الوقت الذي لم تدل المحافظة بأي تصريح في هذا الخصوص، لكن يتساءل بعضهم الآخر هل بالإمكان دعوة كل السينمائيين الجزائريين من أصحاب التجارب القديمة وحتى الجديدة في مهرجان واحد؟.. سوف تكون الإجابة أقرب إلى عبارة "يستحيل ذلك"، باعتبار أنّ القضية تعاد للطرح في كل مرّة تشهد الجزائر تنظيم مهرجان سينمائي كبير، حيث ترتفع أصوات تشكو عدم توجيه الدعوة لها بالرغم من أنّها قد تشارك في مهرجانات أخرى أو شاركت في طبعات المهرجان نفسه في وقت سابق، وحدث ذلك في طبعات مختلفة لمهرجان وهران للفيلم العربي، والطبعات الثلاث السابقة لمهرجان عنابة السينمائي، وطبعات مهرجان الجزائر الدولي (أيام الفيلم الملتزم)، مهرجان المسرح المحترف، مهرجان مسرح الهواة بمستغانم، معرض الجزائر الدولي للكتاب.. وغيرها من الفعاليات الفنية والثقافية التي يرافقها جدل يشأن "قائمة الضيوف".

وحول المهرجان ومدعوييه انتقدت الممثلة الجزائرية حورية بهلول "طريقة" اختيار ضيوف المهرجان من ممثلين ومؤثرين وعبرت عن ذلك باستغراب: "سمّوا الأشياء بمسمياتها مهرجان رمضاني أو مهرجان سينمائي؟، وأضافت: "كي (لمّا) تكون مشارك في عمل سينمائي عرض خارج الوطن وقد تمت دعوتك في مهرجان عالمي، البلدان التي تحترم نفسها وتحترم الفنان، ولما يعرض في بلادك لا تتم دعوتك من بعد تتم دعوة واحد شارك في سلسلة فكاهية رمضانيه.. وليس مشارك بأي عمل يعني لا يمت للمهرجان بأيّة صلة وأنت لا تتم دعوتك، مهرجان عنابة السينمائي".

الناشطة بسمة على منصة "إكس" غردّت قائلة: رأيي في حفل افتتاح مهرجان عنابة كان ممكن يكون أفضل من ناحية التنظيم والضيوف وافتقد للإبهار مقارنة بالطبعات الثلاث السابقة".

ورأت أنّ هذه الدورة ولو في بدايتها تعدّ أحسن رغم أنّها كانت تأمل أن تكون أكثر وعبرت عن ذلك: "الطبعة هذه حسن لكن بعد غياب 4 سنوات وتولي حسن كشاش (ممثل) كمدير فني ومحمد علال محافظ  (إعلامي وناقد) كان متوقع مستوى أعلى أو يكون محليًا أحسن لأنه مازال ما وصل لمستوى يليق بالجزائر".

من جهتها، تساءلت الكاتبة حميدة شنوفي عن بعض "ضيوف" المهرجان ممن لاقوا انتقادا واسعا وقالت: "ما علاقة نوميديا لزول ومروان قروابي ومحمد رغيس بمهرجان متعلق بالأفلام السينمائية، لتتم دعوتهم إليه؟، قبل أن تضيف أنّها تسأل كمشاهدة من بعيدة فقط؟"

هل هناك حملة ضد المهرجان؟

ولكاتب السيناريو ياسين بوغازي رأي مخالف في الموضوع، حيث رأى أنّ "ما يحدث مع مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي يبدو أنه خرج على إطار سوء الإدارة وما أثير إلى ما يشبه محاولات إفشاله من جهة الضيوف والنجوم؟"

وقال في الصدد: "وإن كان الأمر بالنسبة للأجانب يمكن فهمه لظروف فإن خبر مقاطعة المخرج الجزائري "مرزاق علواش" للمهرجان إن صحت تأتي ضربة قوية وإن كانت في اعتقادي منتظرة لما صار يتميز به المخرج مؤخرا من تقلبات طباع ومواقف حدثت بمهرجانات كبيرة."

وأردف بوغازي: "وقبلها كان وصول وعودة الفنانة اللبنانية" "باميلا الكيك" فجأة من المطار وعدم التحاق النجوم الهوليوديين ممن أعلن عن مشاركتهم ثم عدم التحاق فنانين عرب كالسوري"دريد اللحام" وليس سرا عدم استدعاء شامل للفنانين والسينمائيين الجزائريين، بالشرق الجزائري وهذه رؤية واختيار للمحافظة مما اضعف صورة المهرجان في عيون وقلوب هذا الشرق الجزائري الحزين باعتقادي."

ووفقه "قضية تغيب الضيوف والفنانين قد تحدث عادة في المهرجانات العربية؛ لكن هذا التغيب اتسعت رقعته على مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي وصار يطرح أسئلة من قبيل هل هناك محاولات لإفشال المهرجان وتقزيمه؟ أو هناك ظروف استثنائية ستتوضح فيما بعد؟." وفي ختام منشوره تنمى بوغازي التوفيق للمهرجان في أيامه من عرض للأفلام".

الإعلامي المهتم بالشأن الثقافي عبد العالي مزغيش تناول قضية ما يحدث مع مهرجان عنابة ودعا إلى التربث وعدم تحميل الأخطاء إلى محافظ عنابة السينمائي لوحده.

وأوضح مزغيش في جزءِ من منشور طويل كتبه حول الموضوع: "لنتريث، نعم لنتريث قليلًا، فلا يمكن تحميل محافظ المهرجان محمد علال لوحده هذه الأخطاء التي وقعت خلال الساعات الأولى من عمر هذا المهرجان؛ مهما كان حجمها وتأثيرها".

وقال مزغيش إنّ "الرجل اجتهد وحاول وليس وحده من يتحمل كل ما هو سلبي، كما لا يمكن أن يحظى مُفردًا بالشكر والثناء دون سواه من المنظمين.."

 وأشار إلى أنّ" وجود طاقم تنظيم يضم رجالًا ونساء محيطين بمحافظ المهرجان؛ لذلك في حالة النقد يتم توجيه أصابع النقد بشكل عام وشامل،داعيا في السياق إلى عدم تحويل النقد إلى مسألة شخصية تتجنب الموضوعية والهدف السامي والنبيل لإصلاح خلل ما أو تصحيح خطأ أو خطيئة ما !!

ومقابل ذلك تساءل عن سبب "قبول ممثلين قال إنهم محسوبون على أعمال تلفزيونية ومسرحيون ومطربون؛ ممن لا صلة لهم بالسينما.. وكان بمقدورهم أن يتركوا الفرصة لدعوة صناع السينما الحقيقيين بدل قبول الدعوة والحضور دون مبرر؟! ؟

واعتبر أنّ "محافظة مهرجان عنابة ارتكبت خطأ فظيعًا حين استبعدت أو أهملت أو سهت عن مسألة دعوة فاعلين سينمائيين من حقهم الانتفاض والاحتجاج والغضب وهم يشاهدون من لا يستحقون حاضرين تطأ أقدامهم البساط الأحمر دون حشمة أو حياء !!

يعرض المهرجان عدد من الأفلام السينمائية الجزائرية والعربية والأجنبية من بينها "العربي بن مهيدي" لبشير درايس،"فرانز فانون" لعبد النور زحزاح، و"بنات ألفة" للتونسية كوثر هنية

للإشارة يعرض المهرجان عدد من الأفلام السينمائية الجزائرية والعربية والأجنبية من بينها "العربي بن مهيدي" لبشير درايس، "فرانز فانون" لعبد النور زحزاح، "بنات ألفة" للتونسية كوثر هنية، "القبطان" للإيطالي ماتيو جاروني، "روزينانت" للتركي باران غوندوزالب،.. وغيرها، إضافة إلى قسم مخصص للسينما الفلسطينية تحت شعار "تحيا فلسطين"، حيث سيعرض "بنك الأهداف" لرشدي السراج، "ذبذبات من غزة" لرحاب نزال.. وأخرى منوعة بين الأفلام القصيرة والوثائقية والطويلة.