26-يوليو-2017

تحظى العروس باهتمام خاص في الجزائر وللاحتفال بها طقوس متنوعة (فايز نور الدين/أ.ف.ب)

تحظى العروس في الجزائر بعدّة ألقاب، منها "المربوحة" و"قصّة الخير" و"دار الهنا"، ويتراوح مهرها بين ربع دولار في بعض المناطق الأمازيغية و5000 دولار في مناطق أخرى. وهو الوضع الذي يجعل أسرتها تنفق على لوازمها والطقوس المرافقة لزفافها وما يليه، أكثر ممّا ينفق أهل الزوج.

الحزام هو طقس يلي الزواج في الجزائر ويتمثل في حركة يقوم بها الزوج توحي بأنه يضع للعروس حزامًا في ما يشبه الأمنية بأن تكون ولودًا

من الأمثال الشعبية المتداولة في الفضاء الجزائري "اخطب لابنتك مثلما تخطب لولدك"، ومن الطرائف السائدة أن الرجل يحافظ على سواد شعره حتى يزوّج ابنته. وهي ليست إشارة على كبر سنّه بل على استنزاف جيبه. فالجزائري يأخذ التكفل بإعداد ابنته لبيت الزوجية ضمن "النيف" أي الشرف العائلي، فلا فرق عنده بين عار ألا تكون عذراء وعار أن تزفّ من غير أن تكون "مكمولة الجهاز".

من جهة الذهب مثلًا، يتكفل الزوج ببعض القطع، مثل الخاتم والأقراط والأساور والعقد، هذا في بعض المناطق. أما القطع الأخرى، وهي الأغلى، مثل الحزام والتاج، فهي من واجب الأب. كما أن هذا "الواجب" يمتدّ إلى ألبسة إضافية وأغراض للبيت وهدايا لقريبات الزوج وطقوس نجملها في ما يلي:

"فال الصباح".. نبدأ بالحلو والعطر

ما أن تشرق شمس اليوم الموالي للزفاف، حتى تتجمّل العروس وترتدي فستانًا مختلفًا عن فستان الزفاف، وتجلس في صدر البيت، حتى يدخل عليها أهلها وأهل الزوج من الرجال، في طقس يسمى "الحزام". حيث يدخل الرجل، فيقوم بحركة توحي بأنه يضع لها حزامًا على مستوى البطن، في ما يشبه الأمنية بأن تكون ولودًا، مرفوقًا بالزغاريد والغناء. وبعد أخذ صور للذكرى، يتلقى هدية من أم العروس تتمثل في كيس من الحلوى والمكسرات ومنديل وقارورة عطر.

"اتركوا لنا مطبخكم.. سنعد الإفطار"

ما أن ينتهي طقس "الحزام" حتى تنبري نخبة من قريبات العروس، عادةً ما يكنّ من العازبات حتى يلفتن الانتباه إلى مهارتهنّ في الطبخ، فقد يحظين بإعجاب أمّ عازب ما، إلى دخول مطبخ أهل العريس لإعداد الفطور. هناك أسر تحضر معها حتى الزيت والتوابل والملح، ولا تستعمل شيئًا على حساب العريس ما عدا المواعين. ومن السّائد ألا تدخل عليهنّ من قريبات العريس إلا أمه أو أخته أو زوجة أخيه، لترشدهنّ إلى تفاصيل المطبخ.

لا يسمح بالخطأ في إعداد هذه الوجبة الخاصّة أو بالرداءة، لأنها تمثّل صورة أهل العروس، وستشوّه صورتها بين محيطها الجديد إذا حدث أن كان الطعام غير مثير للإعجاب. إذ يحضره أقرباء العريس وجيرانه وأصدقاؤه المقربون وصديقات أمه وأخواته. ويختلف من منطقة إلى أخرى، غير أن اللحم فيه يكون من الأساسيات.

جبّة الهناء

تحرص أم العروس على توفير عدد من الفساتين و"الجبة" لقريبات العريس واشتهرت بتسمية "جبة الهناء"

تحرص أمّ العروس على توفير عدد من الفساتين و"الجبة"، بعدد قريبات العريس، أكثر من حرصها على توفير فساتين ابنتها العروس. فمن السّائد أن تهدي جبّة لأمه وجدّتيه وخالاته وعماته وزوجات أعمامه وأخواله وإخوته وكبيرات السن في محيطه العائلي تسمّى "جبّة الهناء"، وقد تضاف إليها هدايا صغيرة أخرى في بعض المناطق مثل العطر والحناء ومبلغ من المال. في إشارة إلى أنهم أصبحوا أسرة واحدة.

هدية العودة

يغادر أهل العروس بعد الغداء، فلا تبقى معها إلا أمها لأيام معدودات، حتى تستأنس ببيتها الجديد، وتزوّدها بنصائح تتعلّق بمعاملة الزوج وأهله. هنا، تكون قد اشترت قبل العرس أصلًا، هدايا توزّعها على جاراتها وقريباتها بعد عودتها إلى البيت، كنوع من الشكر على أن ابنتها حظيت بزوج، وقد تركز على اللواتي سبق لهن أن عايرنها بالعنوسة قبل أن تخطب، وهي بهذا هدية يحكمها الانتقام أكثر من المحبة.

كبر مساحة البلاد وثراء عاداتها وتقاليدها ولهجاتها، انعكس على تعدّد واختلاف الطقوس المتعلّقة بما قبل الزفاف وما بعده. وهو من الحقول القليلة التي بقيت محافظة على ما وصل الجيل الجديد من الأجداد، عكس حقول أخرى فقدت روحها وطقوسها، مثل الختان والحصاد وبناء بيت جديد.