27-أكتوبر-2023
طلبة فلسطين

(الصورة: فيسبوك)

يُتابع الطلبة الفلسطينيون بالجزائر ما يحدُث في بلادهم بكثيرٍ من الافتخار والعزة بما تحققه المقاومة، مع كثير من الألم  أيضًا لما يلحق بذويهم من قصف وتقتيل يومي يُنفذه الاحتلال الصهيوني، مقابل صمت عربي يعبر عن الهوان الذي وصلت إليه الأمة التي باع بعض أنظمتها قضية المسلمين والعرب الأولى.

طالبة فلسطينية لـ"الترا جزائر": نعيش قهرًا وحزنًا وترقبًا وخوفًا في كل دقيقة على أهلنا لأن الجميع في غزة مُعرّض للقصف والموت في أي لحظة

ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها فلسطين، إلّا أن طلبتها الذين يزاولون دراستهم بالجزائر مُصرِّين على مواصلة تعليمهم لأهميته في نضالهم المشروع ضدّ الاحتلال الغاصب.

بانر

صبرٌ وفخرٌ

مسّت الغارات التي تنفذها قوات الاحتلال الصهيوني على غزة والضفة الغربية معظم الطلبة الفلسطينيين بالجزائر سواءً من قريب أو بعيد، بحيث تجد عند كل واحد قصة يرويها تتحدث عن هوْل الكارثة وعن شجاعة الفلسطيني الثائر، الذي لم تخيفه دبابات وطائرات العدوان ومن يؤازره.

وقال الطالب الفلسطيني في قسم المحاسبة بجامعة سطيف، أحمد سالم، لـ"الترا جزائر" إنه قد فقد شقيقه وخاليه وأبناءهما الذين استشهدوا في عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها المقاومة ضد الاحتلال الغاصب، مشيرًا إلى أن مثله مثل باقي الفلسطينيين فخورٌ بحظ الشهادة التي نالها أفراد عائلته.

ورغم رضاه بما قدّره الله لعائلته وبني وطنه، إلّا أن أحمد لم يستطع إخفاء الحزن الذي يسكنه جرّاء هذه الفواجع المتتالية، معبرًا بذلك عن غضبه من التخاذل العربي والعالمي تُجاه ما يحدث بأرض المقدس.

وبدورها، أكدت طالبة فلسطينية بكلية الحقوق بجامعة الجزائر 1 في حديثها لـ"الترا جزائر" أنه بالرغم من عدم فقدانها لأي أحد من أقاربها في الحرب ضدّ غزة، إلّا أن ذلك لم يمنع من تأثرها بما يحدث لأبناء شعبها، قائلة في هذا الإطار "إنّنا نعيش قهرًا وحزنًا وترقبًا وخوفًا في كل دقيقة على أهلي لأن الجميع في غزة مُعرّض للقصف والموت في أي لحظة".

وبسبب العدوان الصهيوني على غزة، أكد من تحدثوا لـ"الترا جزائر" أن بعض الطلبة لم يستطيعوا الالتحاق بجامعاتهم في الجزائر، فيما ارتقى آخرون ضمن قائمة شهداء تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني.

وضعية صعبة

وأكدت الطالبة ذاتها أن العدوان المتواصل على غزة أثر كثيرًا على اقتصاد غزة المُتهالك أصلًا، بسبب الحصار الذي يعود لأكثر من ثمان سنوات، وهو ما تظهر تجلياته على القدرة الشرائية لمختلف العائلات الفلسطينية التي تتولى التكفل بدراسة أبنائها في الخارج، لكن هذا الوضع صعّب من الوضع المالي للطلبة.

بانر

وأشارت الطالبة ذاتها إلى أن القصف المتواصل على غزة مسّ أيضًا البنوك ومراكز الصرف، التي تتولى تحويل الأموال للطلبة الفلسطينيين في الجزائر، الأمر الذي جعل هؤلاء في وضع اقتصادي صعب جراء صعوبة تحويل الأموال.

وأشارت محدثتنا إلى أن بعض الطلبة اليوم بقوا دون أموال بسبب صعوبة تحويل الأموال، إضافة إلى تعففهم في طلب المساعدة.

وقال الطالب أحمد سالم، هنا، إنه بالرغم من أن النظام الجامعي الجزائري مجاني من حيث التعليم والنقل والإقامة، إلّا أن الطالب الفلسطيني بحكم تغرّبه يحتاج إلى مصاريف إضافية يصعب تأمينها حاليًا، جراء الوضع المالي الصعب لمختلف العائلات، وصعوبة الحصول على عمل  خارج ساعات الدوام في الجزائر.

ليكمل: "الحالة النفسية للطلبة الفلسطينيين جراء ما يحدث من عدوان صهيوني على ذويهم يجعلهم غير قادرين على دخول سوق الشغل في الوقت الحالي."

الطلبة الفلسطينيون بالجزائر  بقوا دون أموال بسبب صعوبة التحويل جراء قصف بنوك ومراكز صرف ببلادهم

وأصبح هذا المشكل لا يقتصر على الطلبة فقط، إنما أيضًا على  الجالية الفلسطينية المقيمة بالجزائر، التي تريد إرسال أموال إلى ذويها في غزة لإعانتهم ماليًا، حيث صار من الصعب توصيل الأموال سواء بالطرق النظامية أو التقليدية عبر التسليم باليد، وهو ما جعله من نقاشات الجالية الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وإضافة إلى الوضع المالي الصعب، يعاني الطلبة الفلسطينيون المغتربون صعوبة الاتصال بذويهم، بعدما خرب الاحتلال شبكة الهاتف وقطع الانترنت والكهرباء بشكل شبه كامل في غزة ومناطق من الضفة الغربية.

 اهتمام

وبالنظر إلى الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، حرصت وزارة التعليم العالي الجزائرية على أن يكون استقبال الطلبة الفلسطينيين المستفيدين من منح الدراسة في الجزائر مختلفة هذا العام، فقد تم استقبال 43 طالبًا منهم، الأحد الماضي من قِبل ممثلي الوزارة على مستوى مطار هواري بومدين الدولي.

وقدمت الجزائر خلال الموسم الجامعي الجديد 635 منحة للطلبة الفلسطينيين في مختلف التخصصات، موزعين على عديد الجامعات الجزائرية، وهو إجراء ليس بالجديد، إذ تمنح الوزارة الامتيازات نفسها الممنوحة للطلبة الجزائريين، بل تمكن من يريد البقاء خلال فصل الصيف بالجزائر غرفا صيفية بإقامات جامعية يتم تحديدها مسبقًا.

وتمثل هذا الاهتمام والتضامن من خلال الزيارة، التي أداها وزير التعليم العالي كمال بداري إلى الطلبة الفلسطينيين المقيمين بحي طالب عبد الرحمان ببن عكنون بالعاصمة، والتي قال عنها في منشور على حسابه الرسمي في فيسبوك إنه "خص الطلبة الفلسطينيين الأشقاء، المقيمين بإقامة طالب عبد الرحمان 2 -ببن عكنون، بزيارة، لتفقد أوضاعهم والاطمئنان عليهم".