22-يناير-2024
إنفلونزا

الاستعجالات تسجل يوميًا عددًا من المصابين بالإنفونزا الموسمية (الصورة: Getty)

اكتظت استعجالات مستشفيات الجزائر في الآونة الأخيرة بمرضى يظهرون أعراضًا متشابهة بين إصابات الإنفلونزا الموسمية وفيروس كورونا، من حيث ارتفاع درجة حرارة الجسم والشعور بالإعياء الشديد والسعال الحاد وسيلان الأنف..، في وقت يؤكّد الأطباء أن الفيروسات السائدة حاليًا تعود في معظمها للإنفلونزا.

الدكتور محمد كواش لـ"الترا جزائر: وزارة الصحة لم تسجل أي تحاليل إيجابية لمتحور "جي آن 1" والفيروس المسؤول عن الموجة الأخيرة يبقى فيروس الإنفلونزا الموسمية

وفي الواقع، لم يعد السؤال حول ماهية الفيروس المنتشر ملحًا كثيرًا في السنة الأخيرة، بعد أن تحول كورونا من جائحة عالمية إلى فيروس عادي فَقَدَ الكثير من شراسته وأصبح أغلب الأطباء يتعاملون معه على أنه فيروس موسمي مثل غيره. لذلك، أصبح المرضى يعزفون عن القيام بالتحليلات المخبرية التي تكشف طبيعة الفيروس ويتعاملون مع المرض بالطرق المعروفة لعلاج الحمى والرشح والزكام.

ورغم ذلك، انتشرت إشاعات كثيرة على مواقع التواصل، نُسِبَ بعضها تصريحات غير صحيحة لأطباء معروفين يحذّرون من خطورة المرض، وحاول آخرون التهويل عبر الحديث عن عودة قوية لفيروس كورونا مع المتحور الجديد "جي آن 1"، وهي الأخبار التي سارعت وزارة الصحة لنفيها تمامًا وطمأنة المواطنين بأن الوضعية الوبائية عادية ولا تستدعي أي قلق.

لكنها في الوقت ذاته، ذكّرت بالإجراءات الوقائية ضدّ الفيروسات المنتشرة والتي ترتفع حدتها بسبب الانخفاض المحسوس لدرجات الحرارة هذه الأيام ويكون تأثيرها أكبر على كبار السن الذين تفوق أعمارهم 65 سنة وأصحاب الأمراض المزمنة كأمراض القلب والرئة وداء السكري والسمنة، وأمراض الفشل الكلوي، وفقر الدم وكذا النساء الحوامل، بالإضافة لمهنيي الصحة بحكم عملهم في بيئة تعرضهم للإصابة.

لذلك، جاء تشديد وزارة الصحة على ضرورة التلقيح المتوفر في الصيدليات ضد الإنفلونزا الموسمية وتجديده كل سنة، سيما المعرضين لخطر المضاعفات الصحية، لأن فيروس الأنفلونزا يخضع لتغيرات مع كل موسم، ونصحت بالامتثال لإجراءات الوقاية المعروفة، مثل غسل اليدين بالماء والصابون، والفرك بالهلام الكحولي، والحد من ملامسة المرضى، وارتداء القناع الواقي، والتباعد الجسدي.

متحور جديد

أما بخصوص فيروس كورونا الذي عَاوَدَ الانتشار في عدة دول، لا تزال المعلومات عنه في الجزائر غير تفصيلية، حيث يتم يوميًا استعراض عدد الإصابات دون تحديد المتحور، وهي حالات -وفق ما تنشره وزارة الصحة- تعدّ على الأصابع دون تسجيل أي وفيات أو إصابات تستدعي العناية المركزة.

وما نعلمه بشكل عام من منظمة الصحة العالمية أن المتحور "جي آن 1" ظهر في أواخر سنة 2023 وهو سلالة فرعية من فصيلة "أوميكرون". وبحسب نفس المصدر، فإن انتشار هذا المتحور يمثل ما يقرب من 37% من جميع العينات المبلغ عنها عالميًا، و أن هذه السلالة الجديدة تتمتع بمعدل انتشار مرتفع وقدرة على إصابة الأفراد الذين تم تطعيمهم باللقاحات القديمة ضد فيروس كورونا،  وقد تم صنفته  على  أنه "متغير مثير للاهتمام" لكن دون أن يشكل تهديدا كبيرا للصحة العامة، فالخطر الإضافي على الصحة العامة العالمية الذي تشكله سلالة " جي آن 1" يعتبر منخفضًا حاليًا.

دراسة حديثة أثبتت أن المتحور الجديد لكورونا لا  يُسبب مضاعفات خطيرة كتلك التي سببتها المتحورات الأولى والأنظمة الصحية تعوّدت عليه وأصبحت جاهزة لمواجهته

ويتميّز هذا المتحور بأنه ينتشر في مناطق كثيرة من العالم في وقت متزامن، ما يدل على سرعة حركته، فقد تم اكتشافه لأول مرة في 25 آب/أوت 2023 ثم أصبح لاحقا المتحور الأكثر انتشارًا، وفي 16 كانون الأول/ديسمبر 2023 تم تأكيد وجوده في 41 دولة.

وفي دراستهم لهذا المتحور، نبّه العلماء إلى العدد الكبير من الطفرات التي تطرأ عليه، وأبرزها هو التغيير في جزء البروتين الشوكي الذي يرتبط بالخلايا البشرية، والمعروف باسم طفرة L455S، و تعتبر هذه المنطقة هدفًا رئيسيًا لتحديد الأجسام المضادة التي تساعد في منع العدوى.

ووفقًا لدراسة نشرت في مجلة The Lancet Infectious Diseases، فإن طفرة L455S قد تقلّل قليلًا من قدرة "جي آن 1" على الارتباط بالخلايا البشرية ولكنها تزيد من قدرته على التهرب من الجهاز المناعي، وهذا يجعله أقل قابلية للانتقال ولكنه أكثر قدرة على إعادة إصابة الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد-19. وما يميز المتحور الجديد أنه لا  يسبب مضاعفات خطيرة كتلك التي سببتها المتحورات الأولى وكما أن الأنظمة الصحية تعودت على الفيروس وأصبحت جاهزة لمواجهة الوضع.

الوقاية مطلوبة

وبالإسقاط على الجزائر، يقول الدكتور محمد كواش، طبيب مختص في الصحة العمومية في تصريح لـ"الترا جزائر" أن الجزائر عرفت مؤخرًا انتشار موجات زكام قوية جدًا من حيث شدة الأعراض والمدة الطويلة، تميزت بالصداع الشديد والسعال الحاد وحمى والام في المفاصل، بالإضافة إلى سيلان أو انسداد الأنف و فقدان حاستي الذوق والشم، وبعض الاضطرابات الهضمية مثل الإسهال والقيء.

وبحسب الدكتور فإن وزارة الصحة لم تسجل أي تحاليل إيجابية لمتحور "جي آن 1" وأن  الفيروس المسؤول عن هذه الموجة يبقى فيروس الإنفلونزا الموسمية.

الدكتور كواش: ارتداء الكمامة والتباعد المكاني ضروري لتفادي نقل العدوى بين الأفراد 

وأضاف الطبيب في حديثه أن المجتمع منذ سنوات تعود على ظهور زكام قوي كل سنتين إلى ثلاث سنوات بسبب التحورات التي تحدث للفيروسات القديمة،  فتصبح أكثر شراسة ومقاومة لقاحات والمضادات الحيوية. كما أكد على أن سنوات جائحة "كوفيد-19" ساهمت في زيادة شدة الزكام، وهذا بسبب إجراءات السلامة التباعد التي جعلت الجهاز المناعي لا يتعرف على الكثير من الفيروسات، بالإضافة إلى أن الموجة مرت بمرحليتن الأولى خلال الدخول المدرسي وكانت قوية جدا والثانية خلال عطلة الشتاء والتي كانت فيها العدوى بسبب كثرة التجمعات العائلية.

ولتفادي الانتشار السريع للمرض، نصح الدكتور بالالتزام بإجراءات وقائية استباقية ضد عدوى الزكام مثل التباعد المكاني واستعمال الكمامات، الحرص على نظافة اليدين، وتناول الطعام الصحي الذي يعزز جهاز المناعة، والتقرب للمستشفيات عند ظهور الأعراض الأولى خاصة للمواليد الجدد وكبار السن .