16-مارس-2024
(الصورة: فيسبوك) ترقية عقارية في الجزائر العاصمة

أدرجت وزارة السكن الجزائرية تعديلات جديدة في القانون المنظم لنشاط المرقين العقاريين بهدف رفع العراقيل التي تعيق تأدية هذه المهنة في ظروف حسنة، وتسببت في وقوع مواطنين في فخاخ بعض المحتالين سطوا على أموالهم دون أن يوفوا بتعهداتهم ويسلمونهم السكنات التي وعدوهم بها.

دعا المرقي العقاري ياسين لعلاوي في حديثه إلى "الترا جزائر" إلى ضرورة تغيير ذهنيات الإدارة للقبول ببعض التصاميم العصرية التي يقدمها المرقون العقاريون

ورغم إنجاز ألاف المشاريع السكنية بالجزائر في السنوات الماضية، إلا أن القانون المنظم لنشاط الترقية العقارية لم يعدل منذ 2011، الأمر الذي أجّل حل عديد المشاكل التي تعود لسنوات طويلة.

تغييرات

أعلن وزير السكن محمد طارق بلعريبي قبل أيام تحضير مصالحه لمشروع قانون تمهيدي يعدل ويتمم القانون رقم 11 – 4  الذي يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية في إجابته على سؤال لعضو بمجلس الأمة، وفق ما ذكر موقع صحيفة "الشعب" الحكومية.

وقال بلعريبي إنه "بعد مرور أكثر من عشر سنوات على صدور القانون رقم 11 – 04  المؤرخ في 14 ربيع الأول عام 1432 الموافق لـ 17 فبراير سنة 2011 الذي يحدد القواعد التي تنظم نشاط الترقية العقارية، ونظر لمعاينة صعوبات تمت مواجهتها أثناء تطبيقه، ثم تحديد ثلاث عوائق كبيرة، تتعلق خصوصًا بالأحكام المتعلقة بشروط ممارسة مهنة المرقي العقاري وبعقد البيع على التصاميم وبنمط تمويل المشاريع العقارية".

لكن الثلاثيني محمد الذي يعمل في مجال الترقية العقارية منذ 10 سنوات بالعاصمة، وتعرض شركته شققًا للبيع ببلدية برج الكيفان، يرى أن هذه الجوانب الثلاثة تشكل عائقًا بالنسبة للمرقين العقاريين الذين لا يملكون وثائق رسمية تخصّ ممارسة مهامهم، وهو ما لا ينطبق على حالته، وفق ما قاله لـ"الترا جزائر".

وأشار محمد إلى أن المطلب الذي يعد أساسيا بالنسبة له هو الرفع بعدد الطوابق في البنايات، وتعديل التحديد الموجود حاليًا، بالنظر إلى أن  ذلك سيمكن المرقي من بناء عدد أكثر من الشقق، ويساهم في التقليل من مشاكل نقص العقار الموجه لبناء السكنات، وبالخصوص بالمدن الكبرى كالعاصمة التي تدخل ضمن مجال نشاطه.

وفي موضوع التصاميم، دعا المرقي العقاري ياسين لعلاوي في حديثه مع "الترا جزائر" إلى ضرورة تغيير ذهنيات الإدارة للقبول ببعض التصاميم العصرية التي يقدمها المرقون العقاريون، والتي يجب أن تضمّن في القانون بهدف عدم استمرار قبول مشاريع بتصاميم مستهلكة.

وحسب  وزير  السكن، فإن "التعديلات المقترحة ستأخذ بعين الاعتبار التعليمات الأخيرة للسلطات العمومية، الناتجة عن توصيات مخطط الإنعاش الاقتصادي الذي يستهدف تحسين مناخ الأعمال من خلال التخلص من العقبات التي تعيق نشاط الترقية العقارية والملاحظات الناتجة عن المشاورة الواسعة التي بادر بها القطاع منذ أكتوبر سنة 2020 لدى القطاعات الوزارية والمهنيين العموميين والخواص والخبراء".

مشكل التمويل

وأوضح بلعريبي أن “المشروع التمهيدي للنص الذي يعدل و يتمم القانون رقم 11-04، يصبو أساسا إلى تقليص وبشكل محسوس، حالات المشاريع العقارية المتوقفة بسبب صعوبات مرتبطة بتمويلها”.

ويتضمن المشروع التمهيدي تخفيف إجراءات تجديد اعتماد ممارسة مهنة المرقي العقاري في حالة التعديل خلال ممارسة شركات الترقية العقارية نشاطاتها، بإشراك الهيئة المكلفة بمسك الجدول الوطني للمرقين العقاريين في تسيير هذا الجانب.

وورد في نص المشروع "إدراج فكرة البيع بالتقسيط الذي يعتبر شكلًا من أشكال البيع، والذي سيسمح للصيغ المنبثقة عنه، كصيغة البيع بالإيجار أن تجد لها مرجعية قانونية، إضافة إلى مراجعة، من خلال النصوص التطبيقية، كيفيات إعداد عقد البيع على التصاميم عن طريق تحسين آلية استبدال المقتنين المخلين بالتزاماتهم وإعادة إطلاق المشاريع التي تواجه صعوبات، وتسديد الأقساط بالتناسق مع مختلف مراحل الإنجاز وتكييفها مع أنواع البنايات المختلفة".

وقال  المرقي العقاري ياسين لعلاوي لـ"الترا جزائر" إن تجربته التي تقارب أربع سنوات في هذا المجال أثبتت أن التمويل هو أكثر مشكل يعيق تطوير هذه المهنة، وبالخصوص بعد تشديدها في الفترة الأخيرة لعدم تكرار التجاوزات التي حدثت في العقد الماضي، حينما كان تمويل المشاريع أمرًا سهلًا، داعيًا إلى ضرورة اعتماد مرونة في دعم هذا القطاع الذي يوفر مناصب شغل لعديد المهن، مع ضرورة المراقبة واحترام القانون.

ويطالب لعلاوي باعتماد الصيرفة الإسلامية في تمويل مشاريع الترقية العقارية، بالنظر إلى أن القروض بفوائد أثقلت كاهل المرقين العقاريين، وبالخصوص الشباب.

وما يؤرق لعلاوي أيضًا انطلاقًا من تجربته بولاية بجاية هو كثرة الوثائق الإدارية وصعوبة تحصيلها جراء البيروقراطية، فعلى سبيل المثال رخصة مباشرة المشروع التي يفترض أن لا تزيد مدة منحها – حسبه – عن 45 يوما، تتسبب عراقيل الإدارة في تأخير تسليمها إلى قترة قد تصل  ستة أشهر أو سنة كاملة، وهو ما يتسبب في خسائر لصاحب المشروع جراء زيادة التكاليف، جراء تأخر المشروع.

آجال غير محددة

وأضاف لعلاوي أن مشكل التمويل هو السبب الرئيس في تأخر تسليم السكنات للمكتتبين، معتبرا أن المرقي العقاري لا يتحمل المسؤولية لوحده في هذا الإشكال الذي يظل النقطة السوداء الأكبر في مجال الترقية العقارية.

غير أن المرقي العقاري محمد يعتقد أن أسباب عدم تسليم سكنات لأصحابها رغم دفعهم تكاليفها يرجع بالأساس لنية المرقي العقاري صاحب المشروع، ومدى نزاهته في عمله، حيث لفت في حديثه مع "الترا جزائر" إلى أنه طيلة السنوات العشر التي عملها في هذا الميدان لم يواجه مشكلا من هذا القبيل، ونفذ التزاماته تجاه المكتتبين بتسليم سكناتهم في آجالها ووفق التصاميم التي قدمت سلفا.

لكن هذا الوضع لا يكون مع جميع المرقين، إذ تشهد مختلف ولايات الوطن حالات لتحايل مرقين عقاريين على زبائنهم، وفق ما أكده رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه مصطفى زبدي لـ"الترا جزائر"، حيث رصدت المنظمة حالات عديدة لمواطنين لم يحصلوا على سكناتهم رغم دفعهم جميع الأقساط للمرقي العقاري المكلف بإنجاز شققهم.

ودعا زبدي وزارة السكن إلى ضرورة استشارة جمعيات حماية المستهلك في صياغة القانون الجديد المنتظر، قصد تضمينه مواد تضمن تعويض المكتتبين عند عدم تسليم سكناتهم أو تأجيل  ذلك، مع الحرص على تحديد المساحات التي تبنى عليها العمارات، والتقيد بالتصاميم المقدمة آنفًا.

وشهر ديسمبر الماضي، أعلن وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي إقصاء 173 مرقيا عقاريا بسبب عدم استكمالهم لمشاريعهم البالغ عددها  12638 سكن.

وأشار بلعريبي إلى إحصاء 393 مرقٍ عقاري عاجز, ما يعادل تأخر إنجاز 32176 مسكن, تم على إثر ذلك توجيه 439 إعذارًا.

يأمل معنيون بالعقارات أن يضع التشريع المرتقب حدًا للتجاوزات التي حدثت سابقًا وجعلت أروقة العدالة تعج بمختلف القضايا المتعلقة بالتحايل على المواطنين

وفي انتظار خروج النسخة الجديدة للقانون المنظم لنشاط المرقين العقاريين، يأمل المعنيون بالقطاع أن يضع التشريع المرتقب حدًا للتجاوزات التي حدثت سابقا وجعلت أروقة العدالة تعج بمختلف القضايا المتعلقة بالتحايل على المواطنين، بهدف تطوير إنجاز المشاريع السكنية في البلاد، وبالخصوص وأن الحكومة تستعد لإطلاق برنامج "عدل3".