24-فبراير-2020

الناشط فضيل بومالة (فيسبوك/الترا جزائر)

تفاعل نشطاء جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصّة فيسبوك وتويتر، بشكلٍ كبير مع مجرّيات محاكمة الناشط السياسي فضيل بومالة التي استمرّت لساعات طويلة، كما كان بعض الحاضرين من الصحافيين والنشطاء والمثقّفين، ينقلون عبر صفحاتهم الفيسبوكية وتويتات مختلفة، مجريات المحاكمة أولًا بأوّل، إضافة إلى أهم ما صرّح به المتهم والمحامون خلال جلسة محاكمة فاقت 16 ساعة، منذ منتصف النهار إلى ما بعد الواحدة صباحًا.

قال الصحافي نجيب بلحيمر،إن فضيل بومالة كان يحاكِمُ النظام في يوم محاكمته

انتهت الجلسة في الساعات الأولى للصباح الباكر، بعد تداول مرافعاتِ لـ 36 محاميًا جاؤوا من عدة ولاياتٍ من الوطن، للدفاع في قضية الناشط فضيل بومالة، بمحكمة الدار البيضاء بالجزائر العاصمة، وهو الذي يقبع في السجن منذ تاريخ 19 أيلول/سبتمبر 2019، حيث قضى فترة 158 يومًا في السجن، بتهمتي "المساس بالوحدة الوطنية"، و"نشر منشورات من شأنها إلحاق الضرر بالوحدة الوطنية"، وقد قرّر القاضي رفع الجلسة بعد إرجاء النطق بالحكم في القضية، إلى غاية الفاتح من آذار/مارس المقبل.

اقرأ/ي أيضًا: غضب في محاكمة بومالة بعد تأجيل النطق بالحكم

كان المحامي مصطفى بوشاشي، آخر من رافع عن المتهم، بعد ساعات مرهقة من عمر هذه المحاكمة، التي وصفها الحاضرون بـ"التاريخية"، واعتبروا أنها تدين النظام وممارساته المجحفة والمتعدية على العدالة المستقلة، في حقّ نشطاء سياسيين في الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ سنة.

محاكمة النظام والقضاء

من جهته، قال الصحافي نجيب بلحيمر، الذي كان يحضر الجلسة بخصوص هذه القضية، "إن فضيل بومالة كان يحاكِمُ النظام في يوم محاكمته، وأن المسألة في طبيعة نظام الحكم أنه مهترئ ومتكلس".

كما تابع في منشور آخر عبر فيسبوك قائلًا على لسان بومالة خلال المرافعة: "أنا مؤمن بعلمانيتي السياسية، التي تعني الفصل بين العسكري والسياسي، وهذه ليست فكرتي بل أنا تلميذ بن مهيدي وعبان".

أما بعد المحاكمة، فكتب الصحافي نجيب بلحيمر، منشورًا تحليليا بعنوان "أنا فضيل بومالة، باسم الحرية أحاكمكم"، أوضح فيه أن الناشط قد تحوّل خلال أكثر من ساعة إلى قاضٍ يحاكم النظام، ويذكّر بمعركته التي يربطها بما يسعى إليه الجزائريون من خلال ثورتهم السلمية، ويفرض نفسه على الجميع كثائرٍ من أجل الحرية بقوله : "أنا أؤمن بأن الحرّية هي الوطن"، حرية لم يسلبها منه وضعه في زنزانة، أضاف بلحيمر، وهو غير مستعدٍ للتنازل عنها حتى لو كلفه الأمر البقاء في السجن، حيث قال بومالة مدافعًا عن نفسه "أنا لست بريئًا، أنا ملتزم بقضيتي".

عقَّب نجيب بلحيمر، أن حالة من التماهي مع المبدأ الذي قاده إلى السجن، حولت جزءًا من مرافعة بومالة، إلى تجديد للعهد مع النضال السياسي، والانخراط الكامل في الثورة السلمية، التي تحوّلت محاكمته إلى إحدى محطاتها، ومن إعلان التمسك بالحرية والنضال من أجلها ينتقل إلى مساءلة القضاء، على حدّ قوله.

في السياق نفسه، انتشر عبر مواقع التواصل هاشتاغ #فوضيل_بومالة_يحاكم_النظام، وقد احتوى هذا الهاشتاغ، على أهمّ ما صرح به المتهم، في منشورات شغلت معظم الصفحات الفيسبوكية الناشطة للحراك، وحسابات العديد من المدوّنين، إضافة إلى تسجيلات صوتية نسبت إليه خلال مرافعته المطوّلة.

عدالة مبتورة

من جهته قال الصحفي محرز رابيا، إن فوضيل بومالة قدّم مرافعة استثنائية خلال محاكمته، وهو الأمر الذي جعل الحاضرين يصفّقون بحرارة، مما أغضب القاضي الذي رفض هذا الأمر، وطلب منهم التصفيق في مكان آخر، على حدّ تعبيره.

وأضاف محرز رابيا، أن فوضيل بومالة قال إنه "لا يريد الشفقة، بل يبحث عن العدالة، وتساءل قائلًا: إن لم يحمني القضاء في بلادي فمن سيحميني في هذه البلاد؟".

أشار محرز رابيا، إلى أن وكيل الجمهورية التمس بعدها سنة حبسًا نافذة في حق بومالة، إضافة إلى غرامة مالية قدرت بـ 100 ألف دينار جزائري.

الجدير بالذكر هو أن القاعة قد انتفضت بعد رفع الجلسة بشعارات مدوية، حيث ردد الحاضرون داخل قاعة المحاكمة، شعار "دولة مدنية ماشي عسكرية" و"وينك ياعدالة" ،"جزاير حرة ديمقراطية"

والعديد من الشعارات الأخرى، مستنكرين تأجيل النطق بالحكم الذي اعتبروه مماطلة غير مجدية ومشبوهة.

محاكمة سياسية للعقل المفكر

من جهتها، وصفت المحامية زوبيدة عسول في تصريح بعد خروجها من قاعة المحكمة، هذه المحاكمة بـ التاريخية، لأنّ فوضيل بومالة هو شخصية مثقّفة ومفكرة، حيث "دافع عن نفسه بمرافعة رائعة، تحدث فيها عن خمسة أشهر قضاها في سجن الحراش".

وأوضحت المحامية، أن هذه المحاكمة مهمّة لأنها تأتي بالتزامن مع مرور عام على بداية الثورة السلمية، حيث كان من بين الشخصيات التي نشطت الثورة الشعبية.

أشارت زبيدة عسول، إلى كثافة حضور المحامين الذين بلغ عددهم حوالي خمسين محاميًا، حيث لم يتّسع الوقت لمرورهم جميعًا، واعتبرت المتحدّثة، أن المتابعة التي يخضع لها بومالة في هذه المحاكمة، هي متابعة سياسية على وجه الخصوص، ولا علاقة لها بالمحاكمة القانونية، وهذا ما عبر عنه المحامون حسبها أمام هيئة المحكمة، حيث أشاروا إلى كلّ الانتهاكات الحاصلة في قانون الإجراءات الجنائية عبر هذه القضية، وختمت عسول، أنه بعد مرافعات الدفاع، لا يمكن للحكم سوى أن يكون البراءة في حقّ بومالة، على حدّ قولها.

أما الناشط سمير بلعربي، الذي خرج من السجن منذ فترة قصيرة، فقال إن فضيل بومالة قد عرى النظام، وفضح ممارساته، وقد كان يناضل رفقة كل الجزائريين.

وأضاف الناشط أن قضية بومالة، هي قضية العدالة الجزائرية التي يجب أن تتحرّر، وهي قضية كل الجزائريين التواقين إلى دولة وعدالة مستقلين، بضيف المتحدّث.

سمير بلعربي: ستبقى المحاكمة راسخة في كل الأذهان لأنها محاكمة للعلم والعقل، للفكر وللقلم والصوت الحرّ

وأشار بلعربي، إلى أن النظام أراد محاكمة بومالة، لكنه هو من حاكمه، وعبّر عن أسفه لعدم خروج المتهم من السجن وتبرئته عقب الجلسة. مستطردًا "ستبقى المحاكمة راسخة في كل الأذهان والقلوب، لأنها محاكمة للعلم والعقل، للفكر وللقلم والصوت الحرّ".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تأجيل محاكمة الإعلامي فضيل بومالة إلى نهاية الشهر الجاري

إيداع فضيل بومالة الحبس المؤقّت