19-أغسطس-2019

المحامية بن براهم، الإعلامية حدّة حزام، سيّدة الأعمال سعيدة نغزة، والوزير السابق كمال بوشامة

تشهد الجزائر في الأسابيع الأخيرة، من عمر الأزمة السياسية التي أفرزها الحراك الشعبي مسارين سياسيين متعاكسين؛ مسار تقوده الهيئة العليا للحوار برئاسة رئيس البرلمان الأسبق كريم يونس، ومسار ثان تقوده النقابات المستقلّة وفعاليات المجتمع المدني المعارضة التي كان من المقرّر أن تعقد مؤتمرًا موسّعًا، السبت 17 أوت/ أغسطس الجاري، تم تأجيله إلى غاية الـ 24 من الشهر نفسه.

لم تسلم مبادرة هيئة الحوار بتشكيل لجنة حكماء تضمّ 41 شخصية من الانتقادات

مونولوغ سياسي

تواجه هيئة الحوار، موجة رفض وانتقاد بسبب ولادتها المتعثّرة، غير أنّها تحاول مجدّدًا استعادة مصداقيتها عبر توسيع عضويتها، وضمّ مستشارين وشخصيات بارزة إلى مجلس استشاري أطلق عليه "لجنة العقلاء".

اقرأ/ي أيضًا: ندوة المعارضة.. حلول في الوقت بدل الضائع

 وتأتي "لجنة العقلاء" بحسب منسق الهيئة كريم يونس، خلال كلمة بمناسبة اجتماع اللجنة لتكون "امتدادًا وقوّة اقتراح لعمل اللجنة عن طريق المشاورة، وإبداء الرأي من قبل مختلف الشرائح الأكاديمية والمهنية والثقافية وممثلي المجتمع المدني والوزراء وإطارات سابقين".

وشدّد يونس، على أن الدور الأساسي للحوار هو رسم نهج توافقي للخروج من المأزق، ولضمان مسار حقيقي ونزيه وشفاف للاستحقاقات الرئاسية، وفق آلية مستقلة تتكفل بالإعداد والتنظيم والرقابة وإعلان النتائج، على حدّ قوله.

وتعمل هيئة الحوار، على "الاستماع والإصغاء لمختلف الفاعلين في المشهد السياسي بهدف الخروج من الأزمة" لجمع المقترحات والأفكار قبل صياغة وثيقة تعرض على ندوة الوفاق الوطني المنتظرة نهاية السنة الجارية، مجدّدة مطالبة السلطات الجزائرية بتنفيذ تدابير التهدئة، كاستبعاد حكومة نور الدين بدوي والإفراج عن الناشطين الموقوفين".

لم تسلم الخطوة التي بادرت بها الهيئة بتشكيل لجنة حكماء تضمّ 41 شخصية من الانتقادات، بضمّها أسماء بعض الشخصيات كانت موالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودعمته للذهاب لعهدة رئاسية خامسة، على سبيل المثال سيّدة الأعمال سعيدة نغزة فضلًا عن مرشحين سابقين لأحزاب السلطة واستقبالها لتنظيمات طلابية ومجتمع مدني كانت موالية لبوتفليقة، وهو ما أعطى الانطباع بأن اللجنة بصدد "مونولوج سياسي".

مسار مواز

على نقيض هذا المسار، هناك خطّ ثان مواز تقوده النقابات المستقلّة وفعاليات المجتمع المدني المعارضة الذي كان مقررًا أن يعقد السبت الماضي مؤتمرَا موسعًا لكن تم تأجيله بسبب تأخّر السلطات في منح ترخيص لعقده.

يستهدف المؤتمر إلى جمع بين كتلتي المعارضة من قوى البديل الديمقراطي التي تضمّ جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس"، والتجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي"، وغيرها وكتلة قوى التغيير التي تضمّ أحزاب وشخصيات شاركت في مؤتمر قوى المعارضة من شخصيات سياسية وقادة تنظيمات مدنية وشخصيات مستقلّة بعين البنيان بالجزائر العاصمة في السادس جويلية/ حزيران الماضي.

وقال مسعود بوذيبة، النقابي البارز في مجلس الأساتذة لـ"الترا جزائر" أن المؤتمر يهدف إلى "تقريب وجهات النظر بين الكتلتين خاصّة وأن لديهما توافقات كبيرة بنسبة 90 في المائة فيما يخصّ تحليل الأزمة السياسية ووجهات نظر لإيجاد الحلّ" مضيفًا أن هناك بعض التفاصيل سيعمل المؤتمر المنتظر على إنهاء التباين في المواقف بشأنها.

ويرى متابعون للشأن السياسي في الجزائر، بأن هذا اللقاء يستهدف "نسف" المسارات التي تريد السلطة فرضها، هنا، يقول مصطفى لونيس، الأستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية لـ" ألترا جزائر" أن النقابات المستقلة تبحث عن خطة لصياغة أرضية حلّ سياسي، أكثر اتّساقًا مع وجهات النظر السياسية المعارضة، وأكثر قربًا من الشارع الجزائري وأكثر التزاما بمطالب الحراك الشعبي".

ويعتقد الأستاذ لونيس أن النقابات وقوى المعارضة السياسية والمدنية، لديها قوّة الاقتراح بالنظر إلى قربها من الشارع الجزائري بمختلف أطيافه، وتؤثّر بشكل عميق في قطاع واسع من العمال، وبإمكانها أن تصنع الفارق، داعيًا إلى أهميّة "الاستماع إليها من قبل السلطة لأننا اليوم في أزمة عمرها نصف عام، ولا يوجد حلّ سحري" يضيف المتحدّث.

مخاوف وضبابية الحلّ

تسارع المسارات السياسية، منذ بدء الحراك الشعبي في الـ 22 فبراير/ شبّاط الماضي، مرتبط أيضًا بقرب الدخول الاجتماعي والمدرسي، إذ ألمح عضو النقابة المستقلة للأطباء النقابي عبد النور مخالدي لـ"الترا جزائر"، إلى إمكانية عودة التوتّرات الاجتماعية والإضرابات في شتى القطاعات، خاصّة وأن النقابات أصبحت قوى فاعلة في الحراك الشعبي والنقابات المستقلّة تسيطر على قطاعات حيوية وحسّاسة كالصحّة والتعليم، فضلًا عن نقابات المصانع والمؤسّسات التي تأثّر عمالها بسبب وجود أصحابها في السجون في قضايا فساد، موضّحًا بأن النقابات يمكن أن تشلّ البلاد، بالنظر إلى تجارب الإضرابات خلال الثلاث سنوات الأخيرة.

ظلّ الحراك الشعبي متمسّكًا برحيل النظام السابق وعدم تقديمه أيّ تنازلات

في الوقت الذي استعاد الحراك أنفاسه وقوّته في الجمعة الـ26، من عمر المسيرات الشعبية وفي ظلّ تمسّك الحراك بمطالب رحيل رموز النظام السابق، وغياب تنازلات جديّة من قبل السلطة، هناك انسداد سياسي واضح ولا يبدو الحل للأزمة قريبًا في الجزائر بعد ستة أشهر من المسيرات والمظاهرات، إذ لا توجد مؤشّرات للتقارب حتى إن كان هناك إجماع على مسألة ضرورة الحوار والذهاب إلى انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة، بين المكوّنات الثلاث للمشهد الجزائري: السلطة والمعارضة السياسية والمدنية والحراك الشعبي.

اقرأ/ي أيضًا:

منتدى الحوار.. يمدّ يده إلى السلطة بشروط

فشل المعارضة في تحديد مرشّح توافقي يحرك الشارع الجزائري