19-يناير-2024
رسيبوتي

المؤرخ الفرنسي فابريس ريسيبوتي (الصورة: لومانيتي)

أعاد المؤرخ الفرنسي فابريس ريسيبوتي في كتاب جديد له، تسليط الضوء على جرائم التعذيب التي ارتكبها زعيم اليمين المتطرف جان-ماري لوبان في الجزائر خلال الثورة التحريرية.

قال المؤرخ إن ما دفعه لإنجاز التحقيق هو ادعاء البعض أنه "لا توجد أدلة" على أن لوبان قد عذب في الجزائر عام 1957

وقدم ريسيبوتي في كتابه "جان-ماري لوبان والتعذيب" تحقيقًا تاريخيًا حول ماضي التعذيب لزعيم حزب الجبهة الوطنية السابق، جان-ماري لوبان، خلال فترة عمله بالجزائر التي استمرت نحو 3 أشهر سنة 1957.

وقال المؤرخ في حوار مع جريدة لوماتيني اليسارية، إن ما دفعه لإنجاز التحقيق هو ادعاء البعض أنه "لا توجد أدلة" على أن لوبان قد عذب في الجزائر عام 1957.

وأضاف أن الصدمة جعلته يدرك أن العديد من الوثائق المتعلقة بهذا الملف، التي نُشرت هنا وهناك، خاصة في الصحافة، من عام 1957 إلى عام 2002، لم تُجمع أو تُحاط بالسياق أو تُقدم للقراء.

وأبرز ريسيبوتي أن المصادر المتاحة- التسجيلات والتحقيقات والشهادات- تؤكد عدم وجود شك في قيامه بالتعذيب، وذلك عند مقارنتها بالسياق الدقيق للعملية العسكرية والأمنية التي أطلق عليها اسم "معركة الجزائر"، والتي شارك فيها لوبان.

وأضاف: "لم أتمكن من الوصول إلى ملفه العسكري. لقد راجعت وثائق كتيبته، وهي الفوج الأول للمظليين. ومع ذلك، فهي لا تسجل أبدًا الأنشطة غير القانونية مثل احتجاز "المشتبه بهم" سراً، وتعذيبهم، وإعدامهم بدم بارد".

لكن ما يثبت ذلك أن هناك حوالي 15 شهادة تم جمعها من عام 1957 إلى عام 2002 - والتي عند فحصها عن كثب، سمحت لي بوضع تسلسل زمني لأفعال لوبان، بل ورسم خريطتها.

وأوضح أن هذه الشهادات تصف ما وقع لعشرات الضحايا من التعذيب، وأيضًا الإعدامات الميدانية، خلال فترة وجود لوبان الفعلي البالغة شهرين ونصف في الجزائر.

كما تظهر الشهادات، وفق المؤرخ، أن لوبان أمر ومارس التعذيب في بعض مراكز التعذيب التي تم إنشاؤها بالعشرات في الجزائر العاصمة، بما في ذلك فيلا سيسيني أو فيلا روز، ولكن أيضًا أحيانًا في منازل بعض "المشتبه بهم" أمام الشهود.

وأشار إلى أن إحدى الضحايا ربطت عمله بالعسكري بول أوساريس، الذي كان يقود فرق الموت الحقيقية في الجزائر العاصمة.

ويأتي عمل ريسيبوتي بعد أشهر من إثارة المؤرخ الفرنسي الشهير المتخصص في الجزائر بنجامين ستورا جدلا واسعا، في آذار/مارس 2023، بحديثه عن أن لوبان لم يمارس التعذيب في الجزائر، وكان يدعي ذلك فقط لمغازلة اليمين المتطرف الذي يحن لفترة "الجزائر فرنسية".

وتراجع ستورا عن تصريحاته، حيث قال في تصريح لجريدة "لوموند"، "ربما ارتكبت خطأ، كان يجب أن أقول إن لوبان قد ارتكب أعمال تعذيب، كما قال الشهود لفلورنس بوجي (الصحفية التي عملت على الموضوع). لقد فعلت ذلك بحسن نية، كمؤرخ لم ير سجلات مكتوبة حول هذه القضية".