اتخذ القضاء العسكري الجزائري، بدعم من قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، خطوة اعتبرها كثيرون جرئية، بتوقيف ثلاث شخصيات نافذة وحبسهم مؤقتًا.
في خطوة وصفها كثيرون بالجريئة، حبس القضاء العسكري كل من سعيد بوتفليقة والجنرالين توفيق وطرطاق
وقضى كل من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، والقائدين السابقين لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين الملقب بـ"توفيق"، والجنرال بشير طرطاق؛ ليلتهم الثانية في الحبس المؤقت، بقرار من قاضي التحقيق العسكري، بتهم التآمر على الدولة والجيش.
اقرأ/ي أيضًا: غليان الشارع السياسي.. احتجاجات وإضرابات وقضايا فساد وانشقاقات داخل الأحزاب
"خطوة جريئة"
في خطوة وصفها كثيرون بـ"الجريئة"، أطاح القضاء العسكري الجزائري بدعم من قايد صالح، بأبرز رموز ما باتت تعرف بـ"العصابة"، وذلك بعد تهديدات صريحة من المؤسسة العسكرية ضد من وصفتهم بـ"المتآمرين على الجيش والشعب"، فتم توقيف كل من السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق والجنرال بشير طرطاق.
وخرجت تسريبات مساء السبت الماضي عن إيقاف الثلاثة، قبل أن يتأكد الخبر أمس الأحد، وبذلك يكون الثلاثة النافذين في نظام بوتفليقة، قد قضوا ليلتين في السجن العسكري، بتهمم تتعلق بتهديد بالأمن الوطني للبلاد.
وكلّف الوكيل العسكري للجمهورية لدى المحكمة العسكرية بالبليدة، قاضي تحقيق عسكري، بمباشرة إجراء التحقيق. وبعد توجيه الاتهام، أصدر الأخير أوامر بالإيداع في الحبس المؤقت للمتهمين الثلاثة.
وبث التلفزيون الجزائري الرسمي، صورًا للشخصيات الثلاث، لحظات دخولهم إلى مقر المحكمة العسكرية بصحبة عناصر من جهاز المخابرات. وظهر شقيق بوتفليقة ومدير المخابرات السابق الجنرال بشير طرطاق، والقائد الأسبق لنفس الجهاز الفريق محمد مدين، وهم بصدد الدخول إلى مبنى المحكمة.
وكان رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، قد هاجم الشخصيات الثلاث متهمًا إياهم بالضلوع في "أنشطة معادية للجيش والحراك الشعبي"، وخص بالاتهام الجنرال توفيق الذي ذكره بالاسم ووجه له تحذيرًا شديد اللهجة، ودعاه إلى "التوقف فورًا عن تلك الأنشطة التي يراد منها زعزعة استقرار البلاد".
وخلال تحذيراته، أشار قايد صالح إلى اجتماع وصفه بـ"المشبوه"، قال إنه عُقد في 30 آذار/مارس الماضي، جمع الشخصيات الموقوفة الثلاثة، بالرئيس الجزائري الأسبق اليامين زروال، لإقناعه بتولي هيئة رئاسية انتقالية، كان يعتزم شقيق بوتفليقة تشكيلها ونقل السلطة إليها في مرحلة انتقالية بعد إعلان بوتفليقة إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان/أبريل الماضي، وتمهيدًا لاستقالته التي تمت في الثاني من نيسان/أبريل الماضي.
هل أحرجوا الجيش؟
وعزى الزعيم السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، في تقدير موقف نشره عبر صفحته على فيسبوك، توقيف الشخصيات الثلاثة إلى التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع السابق، اللواء خالد نزار، واعتراف رئيس الدولة السابق اليامين زروال.
وكان خالد نزال قد كشف مضمون اتصالات جرت بينه وبين شقيق بوتفيلقة، أبلغه فيها باعتزامه دفع شقيقه إلى إعلان حالة الطواىء وإقالة رئيس أركان الجيش.
من جهتها علقت حركة مجتمع السلم، على التطورات المتعلقة بتوقيف الشخصيات الثلاثة، بوصفها بـ"الخطوة المهمة على طريق مساءلة المسؤولين مهما كانت قوتهم وحصانهتم وامتداداتهم".
ودعت الحركة في بيان لها، إلى "إطلاق مسار الحقيقة والعدالة لمعرفة الجهات التي تضررت انتخابيًا وسياسيًا وعلى المستوى الشخصي، من تدخلات جهاز المخابرات الذي كان لسنوات طويلة ذراعًا للنظام السياسي بكل مكوناته في التزوير الانتخابي وملاحقة الأحزاب والشخصيات ونشر الفساد، مع ضرورة الاعتراف والتعويض المعنوي".
الحيتان الكبيرة
ووصف المحلل السياسي، نور الدين بهناس، الشخصيات الثلاثة الموقوفة بـ"الحيتان الكبيرة" من مجموع أفراد ما باتت تعرف بـ"العصابة"، موضحًا أن هذه الشخصيات الثلاثة كانت بالغة النفوذ، ومتحكمة في "المصائر السياسية للبلاد".
وأضاف بهناس في حديث لـ"التر جزائر" قائلًا إن إيقاف هؤلاء يُعد "ضربة قوية لما يسمى بالدولة العميقة التي كانت تحكم الجزائر من وراء السّتار في العهدة الرئاسية الرابعة لبوتفليقة، خاصة بعد مرضه".
اعتبر البعض أن خطوة إيقاف الشخصيات الثلاثة، جاءت بعد التصريحات الأخيرة للواء خالد نزار ومن قبله الرئيس السابق اليامين زروال
ويعدّ توقيف الشخصيات الثلاث من أبرز مطالب الحراك الشعبي في الجزائر، خاصة في الجمعة الأخيرة، حيث رفعت شعارات كثيرة في العاصمة الجزائرية وعدد من الولايات، مطالبة بملاحقة ما وصفه المتظاهرون بـ"رأس العصابة"، السعيد بوتفليقة، إضافة للجنرال توفيق الذي اتهمه المتظاهرون بالضلوع في اندلاع سنوات العشرية السوداء.
اقرأ/ي أيضًا:
بعد استدعاء أويحيى.. صيفٌ ساخن جدًا للقضاء الجزائري مع ملفات الفساد