تصاعد غليان الشارع الجزائري منذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من نيسان/أبريل المنصرم، وتسلم رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح، الرئاسة المؤقتة لـ90 يومًا، عملًا بما ينص عليه الدستور.
تعزز رفض الجزائريين في الفترة الماضية لكل ما له علاقة ببوتفليقة، ورجال نظامه، بل حتى وجوه المعارضة التقليدية
ولا يزال الاحتقان يسود الشارع السياسي في البلاد، في ظل استمرار الحراك الشعبي، والمطالب بتنحية من تبقى من الباءات الثلاثة، وعلى رأسهم بن صالح نفسه.
اقرأ/ي أيضًا: ترجمة الغضب على رؤوس السياسيين.. محاكمات شعبية أم عنف يهدد سلمية الحراك؟
أزمة وخطوات الحلّ
تعزز رفض الجزائريين خلال الفترة الماضية لكل ما له علاقة بالرئيس المستقيل بوتفليقة، ورجال نظامه، بل حتى وجوه المعارضة التقليدية، التي يقول أستاذ العلوم السياسي بجامعة الجزائر، نور الدين صبايحي، إنها "تحاول لملمة جراحها بسبب رفض الشعب لها".
ومن جهة أخرى نالت أحزاب السلطة من غضبة الجماهير، ولم يشفع لها كما يتضح محاولاتها مواكبة تطلعات الشارع، بإعلانها مواقف ترضيه، وقد أدى ذلك، وفقًا لصبايحي، إلى "تشتيتها من الداخل، مع مخاوف من تأدية الممارسة السياسية في الساحة مستقبلًا من جهة أخرى".
ويصف صبايحي الوضع السياسي في الجزائر بـ"حقل الألغام"، خاصة بعد الاستدعاءات القضائية المتكررة لرجال أعمال ومسؤولين كبار سابقين، على رأسهم الوزير الأول السابق أحمد أويحيى.
تخبط الأحزاب
مع تطور الأحداث في الشارع وصولًا إلى تأجيل انتخابات الرئاسة إلى تموز/يوليو القادم، انقسمت الأحزاب الكبرى ذات الأغلبية البرلمانية على نفسها، خصوصًا حزبا السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
ويعرف الحزبان قلاقل وأزمات أكثر من غيرهما، باعتبارهما ذراعي الرئيس المستقيل بوتفليقة، ويأتي رجال الحزبين ضمن جملة ما باتت تعرف بـ"العصابة" التي يطالب الشارع الجزائري بتنحيتها ومحاسبتها.
ويقدر البعض أن حزب جبهة التحرير الوطني على الأخص، سينتهي دوره كإحدى النتائج المباشرة للحراك الشعبي، وباعتباره هيكل النظام المغضوب عليه شعبيًا.
وليس كل الغضب على الأحزاب من الشارع، فجزء منه من داخل الأحزاب نفسها، وهو ما أشار إليه الباحث السياسي عمار حمري، والذي قال لـ"الترا جزائر"، إن "ضغط الشارع ورفضه لبعض الرموز السياسيين، دفعت بالمناضلين إلى الاستقالات أو المطالبة بتنحية بعض رموز الأحزاب التي ينتمون إليها من وزراء سابقين بعد تبيّن تورّطهم في ملفات الفساد".
ويعتبر حمري أن ما يحدث في الأحزاب السياسية الكبرى بالجزائر "أمر طبيعي"، موضحًا: "ترتب ذلك على رفض في الشارع أولًا، ثم ما تبعه من ضلوع بعض الأسماء في قضايا فساد ثانيًا، فضلًا عن كونها، أي هذه الأحزاب، ظلت لأزيد من 19 سنة تلمّع صورة الرئيس بوتفليقة وتنفذ برنامجه السياسي والاقتصادي"، مؤكدًا أن هذه الأحزاب "فقدت ثقة الشعب وعليه فستفقد وعاءها الانتخابي، ويمكن حتى إفراغها من المناضلين والموالين لها"، وهو ما يحدث بالفعل.
العدالة وورقة مكافحة الفساد
من جهة أخرى لم تتوقف الاحتجاجات والاضرابات في عدة قطاعات، أهمها القضاء والمحاماة والتعليم العالي والصحة، مقابل تحرك قطاع العدالة وفتح ملفات الفساد، واستدعاء العديد من رموز النظام السابق للمحاكمات وسماع أقوالهم في التحقيقات التي حركتها محكمة سيدي امحمد.
الاستدعاءات والاعتقالات التي يتوسع نطاقها، فسرها المتابع للشأن السياسي في الجزائر عادل بختي، بأنها بتحريك من رئيس الأركان أحمد قايد صالح، الذي كان قد دعا في خطاب له، القضاءَ، للإسراع في محاسبة من أسماهم بـ"الفاسدين".
وعلى عكس آخرين يرون أن فتح ملفات الفساد الآن من باب إلهاء الحراك عن مطالبه السياسية، يرى بختي أنه "خطوة إيجابية"، قائلًا: "تحرك العدالة في هذا الوقت بالذات، بإمكانه أني ضعطي ضمانات للشعب الجزائر، وأمل في مكافحة الفساد وإحقاق الحق".
مع تطور الأحداث السياسية، انقسمت الأحزاب الكبرى على نفسها، وبدأت الانشقاقات داخلها في الظهور
يأتي ذلك كله في ظل استمرار الحراك الشعبي، الذي يدخل أسبوع الـ11، وتطالب جماهيره بتفعيل الحلول السياسية، وعلى رأسها إقالة عبدالقادر بن صالح، وحكومة نورالدين بدوي، وتشكيل هيئة مستقلة للانتخابات.
اقرأ/ي أيضًا:
هل انتهى "الأفلان" بنهاية عهد بوتفليقة؟
بعد استدعاء أويحيى.. صيف ساخن جدًا للقضاء الجزائري مع ملفات الفساد