09-يناير-2020

في مخيّم المقهى الثقافي براري (فيسبوك/الترا جزائر)

أطلقت أسرة المقهى الثقافيّ في مدينة برج بوعريريج، (200 كيلومتر إلى الشّرق من الجزائر العاصمة)، رافدًا جديدًا أسمته "المقهى الثّقافي براري"، بحيث يتمّ تنظيمه في الفضاءات الطّبيعيّة المفتوحة، من غابات وشواطئ وشلّالات وجبال ومنتجعات سياحيّة.

رشيد بلمومن: إنّ النّخب الجزائريّة مطالبة بابتكار أساليبَ جديدةٍ ومنسجمةٍ مع اللّحظة المعاصرة

تتضمّن جلسات المقهى الثّقافيّ براري، حكايات، وقراءة جماعية لبعض الإصدارات، ومطالعات حرّة. وتبادل كتب، وقراءات شعرية، وعزفًا فرديًّا، ورسم جداريّات على الصّخر. وشواءً على الجمر. وتبادل الأفكار والرؤى.. ورفع ورقة للسّلطات المحليّة، تتضمّن اقتراحات تهدف إلى ترقية المكان سياحيًّا وثقافيًّا. وكتابة تقارير صحافيّة عن المكان، تسويقًا لجمالياته وطاقاته السّياحية.

اقرأ/ي أيضًا: 13 طرفًا ليسوا معنيين بمشروع المقاهي الثّقافيّة في الجزائر

ويقول المشرف على المقهى، المصوّر عماد طيايبة، إنّه يمكن للرّاغبين من خارج الولاية أن يشاركوا. فالمبيت مضمون في عين المكان، مع الإشارة إلى أنّ "المقهى الثقافي براري" مموّل ذاتيًّا من طرف المشاركين فيه، مع العمل على فتح فروع للمشروع في الولايات التي تتوفّر على نخبة تملك القدرة على تولّيه.

تكون جوانب من المقهى مصوّرة، يقول عماد طيايبة، ويتمّ بثّه في مواقع التّواصل الاجتماعيّ. مع نشر صور الجداريّات التّشكيليّة مرفوقة بالنّصوص المكتوبة عن الأماكن المختارة في كتاب، بعد توفّر المادّة الكافية. وسينتقل المقهى في كلّ مرّة إلى نقطة سياحيّة. ويمكن أن يكون احتفالًا بعيد ميلاد شخصيّة ثقافيّة وطنيّة بحضورها.

من جهته يقول منسّق المقهى الثّقافيّ الشّاعر رشيد بلمومن، إنّ النّخب الجزائريّة مطالبة بابتكار أساليبَ جديدةٍ ومنسجمةٍ مع اللّحظة المعاصرة، لربط تلقّي الفنون بالحياة وفنّ العيش، "لو صرفنا عُشُرَ ما صرفناه على النّشاطات الثقافيّة داخل الجدران، على ربط الفعل الثقافيّ بالشّارع، لكنّا وصلنا اليوم، إلى فضاء ثقافيّ ينتج ويتلقّى الفعل الثقافيّ والفنيّ والأدبيّ ذاتيًّا. ولانعكس ذلك على سلوكه وتفكيره وممارساته وأفعاله وردود أفعاله".

ثمّة شابّ جديد مرتبط بالفضاءات المفتوحة، يقول محدّث "الترا جزائر"، إنّه "علينا اقتراح برامج ثقافيّة عليه بصفته فاعلًا ومتلقيًّا فيها. مع الاستفادة من خبرته في التّعامل مع التكنولوجيّات الحديثة لتسويق ذلك. لقد أوغلنا في ربط فضاءاتنا السّياحيّة والطبيعيّة بما هو فلكلوريّ، على أهمّية الفلكلور في سياقه المدروس، ولم نقترح رؤى جديدة لربطها بما هو تفاعليّ وصانع للوعي لا للفرجة فقط".

من هنا، يرى رشيد بلمومن أنّه على النّشطاء الثقافيّين أن يبعثوا مبادراتٍ تُموّل نفسها بنفسها، تحقيقًا للاستقلاليّة وتثمينًا للعقل المبادر واقترابًا من الشّابّ الذي، يرفض التّبعيّة للمؤسّسات الرّسمية المتكلّسة، "فثمة حديقة ومحطّة نقل وساحة عموميّة، وسوق وشارع ومركّب سياحيّ، وفضاء طبيعيّ في الجزائر بقي بلا مضمون ثقافيّ. وهو مستعدّ لأن يُموِّل شعبيًّا فنّاني الشّارع والفضاءات المفتوحة، الذّين آن لهم أن يعلنوا عن أنفسهم، عوضًا عن مضغ الشّكوى في فيسبوك".

ويختم بلمومن بالقول: "علينا الانتباه إلى أنّ الأجانب سوّقوا لفضاءاتنا الطّبيعية الخلّابة والثريّة بالجمالات، من خلال تعابيرهم الفنّيّة المختلفة، أكثر منّا نحن أولادها". ويأتي مشروع "المقهى الثقافي براري"ليساهم في اقتراح بدائل حقيقيّة في هذا الباب".

يبدو أن فعاليات المجتمع المدنيّ في الجزائر، بدأت تنخرط في ثقافة المبادرة والاقتراح

يبدو أن فعاليات المجتمع المدنيّ في الجزائر، بدأت تنخرط في ثقافة المبادرة والاقتراح، عوضًا عن انتظار البرامج الثقافيّة الحكوميّة الجاهزة. وهو المعطى الذّي، سيجد الرّؤوس الثّلاثة لوزارة الثّقافة في الحكومة الجديدة أنفسهم، ملزمين بالوقوف أمامه، واقتراح رؤى جديدة تتجاوز عقودًا من التّسيير الفاشل لقطاع الثّقافة.

اقرأ/ي أيضًا:

المقهى الثقافي في برج بوعريريج.. عام من تحدّي الرّكود

دار "ضمّة" تحتفي بالكتابة والقراءة في "مقهى الرّاوي"