21-أبريل-2022
منحوتة نصفية للرئيس تبون تثير جدلًا في الجزائر (فيسبوك/الترا جزائر)

منحوتة نصفية للرئيس عبد المجيد تبون تثير جدلا في الجزائر (فيسبوك/الترا جزائر)

ما تزال الصّلاحيات الممنوحة لولّاة الجمهوريّة في الجزائر، تثير جدلًا وتساؤلاتٍ، منها إمكانيّة التّدخّل في حركات وبرامج المدراء الولائيّين التّنفذيّين، والقدرة على توقيفهم، رغم أنّهم معيّنون بمراسيم رئاسيّة ومقترحون من طرف الوزارات التّي يتبعون لها؛ بما أربك ريتم كثير منهم وجعلهم يراعون مزاج الوالي أكثر ممّا يُراعون أمزجة وزراء القطاع!

نشر فنانون جزائريون رسالة تضامن مشتركة جاء فيها أنّهم يرون في توقيف الفنّان نور الدّين قويدري تعسّفًا 

كان آخر ما حصل في علاقة الولّاة مع المدراء الولائيّين، إقدام والي ولاية خنشلة علي بوزيدي على توقيف مدير دار الثّقافة والفنون المسرحيّ نور الدّين قويدري الذّي عُيّن منتصف عام 2019؛ بسبب عرض منحوتة نصفيّة أنجزها النّحّات رشدي بركاتي للرّئيس عبد المجيد تبّون قيل إنّها أثارت حفيظة بعض زوّار المعرض الفنّي لما توحي به من تقديس لشخص الرّئيس وإحالة الأذهان على تصرّفات العهد البوتفليقيّ؛ خاصّةً حادثة ما عُرف بالكادر.

أقدم والي ولاية خنشلة على توقيف المسؤول المباشر على دار الثّقافة والفنون دفاعًا عن قيم "الجزائر الجديدة"

من هنا أقدم الوالي، بحسب مصدر من مقرّ ولاية خنشلة، على توقيف المسؤول المباشر على دار الثّقافة والفنون دفاعًا عن قيم "الجزائر الجديدة" التّي بدأها الرّئيس تبّون بإلغاء لقب "فخامة الرّئيس" في إشارة منه إلى أنّ احترام الرّئيس الذّي هو رمز للجمهوريّة لا يعني تقديسه".

في هذا السياق، يقول الفنّان المسرحي رياض سقني إنّه تضاربت الأخبار؛ في ظلّ غياب بيان رسميّ من السلطات الولائيّة أو الوزاريّة، بين من يقول إنّ التّوقيف التّحفّظيّ كان بسبب رداءة المنحوتة، بما عُدّ إهانةً فنّيّة للرّئيس، ومن يقول إنّه كان بسبب ما فُهم تقديسًا له؛ "وفي الحالتين كلتيهما؛ فالوالي ليس ناقدًا فنّيًّا وليس حارسًا للنّوايا. إنّه فقط مطالب بتطبيق قوانين الجمهوريّة؛ وليس فيها ما يُعاقب على إحدى الحالتين". 

 

متضامن جدا مع مدير دار الثقافة خنشلة نور الدين قويدري على اثر توقيفه التعسفي من طرف والي ولاية خنشلة بسبب خارج عن نطاقه...

Posted by Farouk Khaldi on Wednesday, April 20, 2022

لا شكّ في أنّنا سنفرح عميقًا؛ يواصل محدّث "الترا جزائر"، بوجود توجّه رسميّ إلى إلغاء مظاهر تقديس الرّئيس، لكن ما معنى أن نراها مزروعةً في تصرّفات معظم المسؤولين والمناير الرّسميّة؛ من ذلك شروع نشرات الأخبار الحكوميّة بالحديث عن برقية تلقّاها الرّئيس من رئيس دولة هامشيّة، في ظلّ وجود أخبار مهمّة تتعلّق بالمواطنين؟ وقول كلّ مسؤول عند القيام بخطوة ما، أحيانًا تكون عاديةً جدًّا، إنّه فعلها بتوجيهات من الرّئيس؛ وكأن الجزائر ليست دولة مؤسّسات؟ أليست هذه التّصرّفات تقديسًا للرّئيس؟

ويختم رياض سقني بالقول: "ما قام به والي ولاية خنشلة في حقّ مدير دار الثّقافة والفنون هو ذرّ للرّماد في العيون للإيهام بأنّ هناك جزائر جديدة، بينما الواقع يقول إنّ هناك استمرارًا للجزائر القديمة. إذا أردتم أن تثبتوا العكس، هاتوا لنا قانونًا حقيقيًّا يضمن حقوق الفنّان، منها أن يكون حرًّا في إبداعاته". 

في السّياق، يقول الجامعيّ والنّاشط الثّقافيّ عمار كبّوب إنّ الفنّان حرّ في أن يبدع ما شاء؛ "فبأيّ منطق يُصادر الوالي حقّ تشكيليّ في أن يرسم أو ينحت الرّئيس؟ ثمّ إنّ للتّشكيل منطلقاتٍ جماليةّ وأخرى توثيقيّة". 

 

نطلب من السيد والي ولاية خنشلة مراجعة قراره في التوقيف التحفظي لمدير دار الثقافة لولاية خنشلة والذي نسانده كمثقفين ،لما...

Posted by ‎توفيق ومان‎ on Wednesday, April 20, 2022

ويذهب محدّث "الترا جزائر" إلى القول إنّ منع رسم أو نحت الرّئيس تشكيليًّا، بحجّة أنّ من مظاهر الجزائر الجديدة تجاوز تقديس الرّئيس، سوف يوصلنا إلى معاقبة من يرسمه كاريكاتيريًّا، بحجّة إهانته؛ "وفي الحالتين تقييد لحريّة الفنّ".

وأثار قرار الوالي جدلًا في مواقع التّواصل الاجتماعيّ، حيث تداول فنّانون ومثقفّون وإعلاميّون ونشطاء، منهم رئيس الرّابطة الجزائريّة للأدب الشّعبيّ توفيق ومان،رسالةً مشتركة جاء فيها أنّهم يرون في توقيف الفنّان نور الدّين قويدري تعسّفًا وأنّهم متضامنون جدًّا معه. 

وكتب المصوّر الفتوغرافيّ والنّاشط الجمعويّ في ولاية خنشلة فاروق خالدي أنّ ذنب قويدري أنّه فتح أبواب دار الثقافة لفنّان كي يعرض منحوتاته؛ وليس له علم بنوايا هذا الفنّان أو غيره، ولا هو حارس لهذه النوايا أيضًا! "إنّه إنسان مواظب وخدوم. وهو لا يجلس خلف مكتبه إلّا نادرًا لأنّه رجل ميدان".
 

 

متضامن جدا مع مدير دار الثقافة خنشلة نور الدين قويدري على اثر توقيفه التعسفي من طرف والي ولاية خنشلة بسبب خارج عن نطاقه...

Posted by Farouk Khaldi on Wednesday, April 20, 2022

وورد في رسالة فيسبوكيّة للمسرحيّ علي تمارت إلى والي خنشلة: "سيّدي الوالي أظنّ أنّ مدير دار الثقافة ليس حارس نوايا على الفنانين وتعابيرهم ما دام الدّستور يكفل حريّة التّعبير. خاصّةً إذا كان هذا العمل الفنّيّ عن حسن نيّة وليس القصد منه الإساءة لرئيس الجمهوريّة ربّي ينحّي من أعمارنا ويزيد في عمرو". في إشارة منه إلى العبارة التّي ترد كثيرًا في مسلسل "عاشور العاشر". 

 

متضامن مع صديقي الفنان المسرحي مدير دار الثقافة خنشلة Nourdine Kuidri على اثر توقيفه التعسفي من طرف والي ولاية خنشلة...

Posted by Ali Tamert on Wednesday, April 20, 2022

علي تامارت: لماذا ذهب الوالي مباشرةً إلى إجراء التّوقيف ولم يبدأ بإجراء الإنذار

ولنفرض أنّ نيّة الوالي كانت قطع الطّريق على عودة مظاهر "الشّيتة" أي المداهنة التّي ميّزت سنوات بوتفليقة، فلماذا ذهب مباشرةً إلى إجراء التّوقيف، ولم يبدأ بإجراء الإنذار، خاصّةً أنّ الحادثة غير مسبوقة؟