08-أكتوبر-2019

مشاركون في تظاهرة الشريط المرسوم بالجزائر (فيسبوك/الترا جزائر)

تعرّضت مسابقة "الكوسيبلاي" التي أُقيمت على هامش مهرجان الشريط المرسوم، في طبعته الثانية عشر بساحة رياض الفتح بالعاصمة "مقام الشهيد"، إلى سيل من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تقليد عدد من الشباب لشخصيات من رسوم المانغا اليابانية، حيث ربطت هذه التعليقات في مُجملها، هؤلاء الشباب بالحراك الشعبي والأوضاع التي تمرّ بها البلاد، ورمزية الفضاء الذي أقيمت فيه التظاهرة.

إقامة المهرجان الدولي للشريط المرسوم في الجزائر خلّف موجة من الانتقادات

رغم أنّ برنامج مهرجان الشريط المرسوم، الذي تواصلت فعالياته من 1 إلى 5 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، يضمّ عددًا من الأنشطة الثقافية، منها الورشات المفتوحة، ومعارض اللوحات، وعروض الأزياء الخاصّة بشخصيات المانغا اليابانية، ومعارض لكتاب الشريط المرسوم، إلا أنّ الانتقادات ركّزت فقط على جانب المسابقة الخاّصة بـ "كوسبلاي إينمي مانغا".

اقرأ/ي أيضًا: سولكينغ ستايل.. مزيج بين موسيقى الراب والأنمي الياباني

مقام الشهيد

اهتمّ جانب من الانتقادات الموجّهة إلى المهرجان الدولي للشريط المرسوم في الجزائر "فيبدا"، على الفضاء المكاني التي أقيمت فيه التظاهرة، ورغم أنّ القائمين عليها يحافظون على تنظيمها كلّ سنة، بساحة رياض الفتح بالعاصمة، منذ انطلاقها، إلّا أنّ كثيرًا من التعليقات حاولت أن تربطه برمزية المكان، باعتباره معلمًا لشهداء ثورة التحرير. هنا، نشرت صفحة "طلاب جامعة سعد دحلب البليدة" تدوينة فيسبوكية مرفوقة ببعض الصور من الحدث الثقافي، تقول إن "هذه صور من مهرجان كوسبلاي إينمي مانغا، أُقيم أمام مقام الشهيد، إنّه التقليد الأعمى".

حاولت تعليقات كثيرة، أن تصبّ في اتجاه أنّ ساحة رياض الفتح "مقام الشهيد"، لا تصلح لاحتضان هذه التظاهرة، إذ يُعلّق الشاب محمد خلّافي على ذلك بالقول: "عن أيّ ثقافة تتحدثون؛ وأنتم تقلّدون أسوأ ثقافات للغرب، وأمام مقام الشهيد. هذا المعلم يمثّل أقدس أرواح الجزائريين والشهداء الأبرار".

في هذا السياق، تداول جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لشباب شاركوا في عرض "الكوسبلاي" ببدلات تُحاكي أشهر شخصيات المانغا والإنمي في العالم، وقد أثار انتشار فيديو لشباب يرقصون في حفل لموسيقى الميتال، موجة من الجدل، وقد ذهبت بعض التعليقات، إلى أن هذا النوع من الهوايات دخيلة على المجتمع الجزائري.

هوس بالمانغا

في مقابل ذلك، عرفت التظاهرة مشاركة واسعة للعديد من الفنانين والكتاّب الجزائريين والأجانب، الذين ساهموا في المعارض والندوات الفكرية وجلسات البيع بالتوقيع، كما استقطبت التظاهرة عددًا كبيرًا من المهتمّين بالإنمي الياباني. هنا، يقول سيد علي أوجيان الفائز بجائزتين في مهرجان" فيبدا"، عن فئة أحسن ملصق للطبعة الثانية عشر للمهرجان، وكذلك أحسن مجلّة مصوّرة في مسابقة نظّمتها الولايات المتّحدة في التظاهرة نفسها، إن ّهذا اللقاء كان مثمرًا، وشكّل فرصةً للتبادل الفكري والخبرات بين كتاب القصّة المصوّرة، خاصّة مع كتاب بولونيا والولايات المتحدة.

وردًا على الانتقادات التي طالت التظاهرة، قال سيد علي أوجان، في حديث إلى "الترا جزائر"، إنّه لا يكترث لهذه الانتقادات، ويجب الترحيب فقط بالانتقادات البناءة التي تساعده على تطوير نفسه على حدّ تعبيره.

من جهته، يُجيب أنيس بن علاق، الطبيب النفساني، على سؤال "الترا جزائر" المتعلّق بتأثير مثل هذه المهرجانات على الشباب الشغوف بالقصة المصوّرة وشخصيات المانغا، قائلًا إن هذا الجيل مثل أيّ شباب في العالم، يحبّون قصص المانغا والكوسبلاي، وعالم القصّة المصوّرة الساحر، وهما نوع من الهوايات التي تستقط شباب اليوم، "إذ يسمح لهم هذا بالتملّص من الواقع الذي يعيشون فيه، أو الهرب من حقيقة ما، رغم أنها في النهاية ليست سوى هواية".

 وأضاف المختصّ أنه ليس غريبًا أن يذهب بعض الشغوفين بعيدًا في شغفهم، أكثر من غيرهم، فهناك دائمًا في النهاية "متطرفون" لشغفهم في كلّ المجالات. وواصل حديثه بالقول إنه في علم النفس، يوجد نوع من الشخصيات يسمى بالشخصية الانتحارية، أصحابها هم أشخاص مسحوقون مجتمعيًا، ليس لديهم اهتمام سوى بالنشاطات المدرسية، غريبو الأطوار في نظر الآخرين، وكما يهتم بعضهم بالماورائيات، وبعضهم الآخر بعلم الفلك، يهتم هؤلاء بعالم المانغا، على حدّ قوله.

يُحاول بن علّاق تقديم قراءته في بعض ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرًا أنه لا غرابة في الاختلاف، وأن ردود أفعال الناس على تصرّفات أشخاص لا يفهمونهم، هو أمر كلاسيكي ومعتاد، "معتادون على سماع أن هذا سيئ، وهذا لا يمدّ بصلة لمجتمعنا، ويذهب البعض إلى الشيطنة والمساس بالأخلاق، وكل هذه أحكام سريعة ومعتادة".

كارين روز، زوجة السفير الأمريكي في الجزائر

زوجة السفير الأمريكي الأميرة ليا

في سياق آخر، أكّد سليم براهيمي، منظم مسابقة "كوسبلاي الجزائر" في حديث إلى "الترا جزائر"، أنّ المنظّمين آثروا هذا العام أن تكون الولايات المتحدة  ضيفة شرف للمهرجان، وقد حضر وفدٌ ضمّ 14 كاتبًا يُنتجون أشهر المجلّات المصوّرة في أمريكا والعالم، ويعملون لدى أكبر الاستوديوهات أشهرها "دي سي" و"مارفل".

يُضيف المتحدّث، أنه أشرف على مسابقة "الكوسبلاي" لهذه الطبعة على المستوى المتوسّطي، برعاية الديوان الوطني لحقوق المؤلف، بمشاركة دولتي تونس والمغرب، وحضور رئيسة لجنة الحكام الأمريكية سارة وولاي غومّيز. معتبرًا أنّ التحدي الأكبر الذي واجهه التنظيم حسبه، هو العدد الكبير من الزائرين، حيث كان عليهم توفير المساحة  المناسبة لإقامة كل النشاطات، "فالمساحة التي خصصت ووسعت هذا العام لم تكن كافية لاستيعابهم".

يُشير براهيمي، إلى وجود نوعين من المسابقات هما: أحسن مجلة مصوّرة في شقين: جائزة الاحتراف العالمي، والجوائز الوطنية، إضافة إلى مسابقة "الكوسبلاي" التي تمّ التسجيل فيها عبر الإنترنت، حيث أرسل المشاركون صورًا لأزيائهم الخاصّة بالإينمي الياباني، واعتمد التقييم على 50% تٌمنح لجودة نوعية البدلة، و50% المتبقية لأحسن أداء أمام لجنة التحكيم.

يُذكر أنّ كارين روز، زوجة السفير الأمريكي في الجزائر، ظهرت في تظاهرة الشريط المرسوم التي اختتمت يوم الأحد الماضي بالعاصمة، بزيّ الأميرة ليا في فيلم "حرب النجوم" الشهير، وهو فيلم أوبرا ملحمي أنتج عام 1977، من تأليف وإخراج جورج لوكاس، وقدّمت زوجة السفير تدخّلًا في إحدى ندوات هذه التظاهرة، باعتبار أن الولايات المتّحدة ضيفة شرف هذه الطبعة.

المهرجان عرف أيضًا عروضًا للقصص الجزائرية، أشهرها مجلة "مقيديش" لأحمد هارون، وهي أوّل مجلة جزائرية مصوّرة. احتفل كاتبها مع الزوّار بمرور خمسين سنة على ولادتها، حيث عاصرت هذه المجلّة عدّة أجيال منذ 1969 حتى سنة 1974.

نسخة جديدة من مجلة "مقيدش والأخوات لونجة" في جلسة بيع بالتوقيع

من جهته، نشر محافظ المعرض لزهاري لبتر، تدوينة فيسبوكية، أشار فيها إلى أن أحمد هارون كان قد وقعّ خلال بيع بالإهداء نسخة جديدة من المجلة بعنوان "مقيدش والأخوات لونجة" مع دار النشر "داليمن"، إضافة إلى جلسات أخرى للبيع بالتوقيع للفنانتين ياسمين صياد وبشرى مختاري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تويزة.. فلسفة مخرج عايش الإرهاب بقلبه

مانويل تيكسيرا غوميز.. قصّة حبّ لرئيس برتغالي لاجئ إلى بجاية