لم أجد ما أرد عليه إلا بالقول "لله ما أعطى ولله ما أخذ"، نعم توفيت الطفلة الصغيرة "آلاء شاور" التي لم تبلغ بعد سن الثلاث سنوات، بعد صراع مع مرض السرطان الخبيث الذي نخر جسدها، وزادها العذاب أكثر عندما كانت ضحية لحقنة من الدم الفاسد، قضية أثارت الرأي العام في الجزائر ووجهت أصابع الاتهام لمسؤولي مستشفى "بارني" بالعاصمة الجزائرية لأنها كانت واحدة من بين 13 طفلًا تلقوا نفس الدم الفاسد بالمصحة الحكومية.
في الساعات الأولى من يوم الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر فارقت الصغيرة آلاء الحياة، والدها محفوظ كان يبحث عن من يلملم جراحه، فالبنت كانت تصارع أمام عينيه، وكم هو صعب أن تتعذب فلذة الكبد، دون تمكنه من فعل شيء يخفف عنها الألم، سوى التضرع لله أن تُشفى أو أن تتوقف آلامها.
الطفلة التي تحمل جسدها داء السرطان الخطير، لكن ذلك الجسد الغض تلقى دمًا فاسدًا تسبب في إصابتها بداء الكبد الفيروسي لتظل تعاني أيامًا وأسابيع، في بلد العزة والكرامة يمكنه أن يقول بأن آلاء ضحية لمرات ومرات.
آلاء، تلك الطفلة الجزائرية التي أصاب جسدها السرطان، لكن ذلك الجسد تلقى دمًا فاسدًا تسبب في إصابتها بالكبد الفيروسي أيضًا
فهي التي عانت وكابدت الألم خلال سفرها الطويل من أقصى الجنوب الجزائري نحو الشمال، مئات الكيلومترات قطعتها الأسرة الصغيرة لحجز سرير بمستشفى بعاصمة البلد، ترجو الشفاء، لكن الصورة كانت قاتمة، فالمرض تضاعف مرتين.
اقرأ/ي أيضًا: من جنوب الجزائر إلى شماله.. سفر في أحضان المرض
من قتل آلاء؟ سؤال كبير يطرح اليوم لوزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في الجزائر. ومن نلوم؟ هل نحمّل وزارة الصحة والمستشفى وزر وفاة الطفلة؟ أم نضع ملفها في خانة التحقيقات التي لا تنتهي بنتائج وإن انتهت فمن هو الضحية الآخر؟
أم نلوم منظومة صحية مغلوطة، خصوصًا وأن آلاء القادمة من مدينة جانب بأقصى الجنوب الجزائري 2200 كيلو مترًا جنوبي العاصمة الجزائرية، في رحلة عذاب البحث عن علاج في كبريات المستشفيات في الجزائر، ماهي إلا واحدة من بين الآلاف الذين يتوقون لتلقي علاج أفضل في شمال البلاد؟
هي نفس الصورة والمشهد الذي يحمل مكابدة العشرات من سكان الجنوب عند البحث عن علاج ما في مستشفيات الجزائر، لتكون آلاء رحمها الله اليوم عنوانًا للتهميش والإهمال والتسيب، في وقت ترفع شعارات إصلاح المنظومة الصحية في الجزائر عاليًا، وتخصص الحكومة ميزانية ضخمة لضمان العلاج للمواطن وتحسين الخدمة في المصحات والمستشفيات.
ليبقى السؤال مطروحًا، من هو المتسبب في موت آلاء، ومن يتحمل تبعات موتها ومن يمكنه إطفاء نار المصيبة المضاعفة للأبوين؟
اقرأ/ي أيضًا:
الجزائريون في رحلة بحث عن الإنجاب
ذوو الاحتياجات الخاصة.. الأكثر اضطهادًا في الجزائر