19-أكتوبر-2019

عبد العزيز بوتفليقة، نبيل القروي (الترا جزائر)

"لقد كنتُ وسيطًا بين بوتفليقة والفرقاء التونسيين، لقد حاولت أن يتوسط بوتفليقة بين الغنوشي والسبسي، الاستنجاد بشخص مثل بوتفليقة للصلح بين الفرقاء في تونس ليس عيبًا، بوتفليقة شخصية عالمية، ودبلوماسي محنّك، لقد كان وسيطًا بين أمريكا وإيران وأزمات عالمية أخرى، اتصلّ بي أصدقاء جزائريون، أخبروني أن الرئيس الجزائري عاد من رحلته العلاجية (سبتمبر 2013)، ويريد أن يتوسّط لدى الإخوة الأعداء في تونس، زُرت الجزائر برفقة باجي قايد السبسي مرّتين، وتشاورنا مع بوتفليقة، تدخّله كان مكسبًا للأزمة التونسية"؛ بهذه الكلمات وصف نبيل القروي دور بوتفليقة في الصلح بين الفاعلين في تونس بعد الثورة.

عميل سابق في الموساد تلقى 150 ألف دولار من حساب بنكي لزوجة نبيل القروي

جزائري بين القروي وعميل الموساد

الباحث في سيرة نبيل القروي رئيس حزب "قلب تونس" وعائلته، يجد الكثير من التفاصيل التي تربط العائلة بالجزائر، فقد سبق لهم العمل والاستثمار في البلاد، بل إن هناك من يعتبر أن ثروة العائلة وصيتها صنعهما المال الجزائري. حيث ربطت نبيل القروي وشقيقه غازي علاقات قوّية مع المسؤولين والشخصيات النافذة في الجزائر. 

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات التونسية.. توق إلى نسخة جزائرية من التحول الديمقراطي

قبل أسابيع أثارت صحيفة "ذو غلوب أند مايل" الكندية قضية تعاقد نبيل القروي مع شركة علاقات عامّة في كندا، يديرها العميل السابق للموساد آري بن ميناشي. الصحيفة نفسها، ذكرت أنّ بن ميناشي تلقى مبلغًا بقيمة 150 ألف دولار كتسبيق على قيمة العقد (مليون دولار)، من حساب بنكي لزوجة نبيل القروي، تحديدًا من بنك في إمارة دبي. وبعدها  تلقّى 100 ألف دولار، من شخص جزائري مقيم في كندا، قال إنه يعرف القروي، بل وذهبت وسائل إعلام جزائرية إلى إن هذا الشخص مسؤول جزائري سابق، تربطه علاقة متينة مع نبيل القروي، وقد رفض عميل الموساد الكشف عن هوّية المسؤول الجزائري، لأنّ الأمر ليس مهمًّا بحسبه.

ومن المعروف عن بن ميناشي، أنه قام بتوقيع مجموعة عقود بملايين الدولارات مع أنظمة ديكتاتورية وزعماء ميليشيات، من بينهم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، بالإضافة إلى علاقة قديمة تجمعه مع الميليشيات الانفصالية في ليبيا. ويدور غموض كبير حول العميل السابق في الموساد، خاصة لعلاقته مع أنظمة وجهات في العالم الثالث تحديدًا، وادعائه بأن لديه قدرة كبيرة على التأثير في السياسات الخارجية لدول كبرى.

قروي آند قروي".. الحديقة الجزائرية

اشتغل نبيل القروي في مجال التسويق والمبيعات في شركات عالمية متعدّدة الجنسيات، كشركتي "بالموليف" و"هنكل"، ثم التحق بمؤسّسة "كنال+" التي كان يُدير مكتبها الخاص بشمال أفريقيا، قبل أن يضع حجر الأساس للشركة العائلية "قروي آند قروي" التي يديرها مع شقيقه غازي عام 2002، وهي شركة خاصّة بمجال الإعلام والإشهار، كانت أوّل صفقة كبيرة تتحصّل عليها الشركة في المغرب بعد أن ظفرت بعقد إشهار لمتعامل النقّال "ميديتيل"، بعدها وضع نبيل القروي الخطوة الأولى له في السوق الجزائرية، من أجل حملة إطلاق متعامل الهاتف النقّال "جازي"، حيث كان يُشرف على عملياتها من مكتب تم تأجيره داخل "فندق الجزائر"، (سان جورج سابقا) ، لكن في عام 2004، تغيّرت الهيئة المسيّرة لشركة "جازي"، وبعد أيّام تمّ فسخ العقد مع عائلة القروي ومنح عقد الإشهار لشركة لبنانية.

"اسمع النور اللّي فيك"

بعد فسخ العقد مع "جازي"، اقتنص نبيل القروي عقدًا أضخم من سابقه، بعدما منحته الشركة الكويتية "الوطنية للاتصالات" رخصة كمتعامل للهاتف النقّال، حيث دخلت علامة "نجمة" كمنافس قوّي لـ"جازي"، الذي كان يستأثر بالسوق رغم تواجد المتعامل الوطني "موبيليس".

صمّم نبيل القروي حملة إشهارية كبيرة لفائدة "الوطنية للاتصالات"، حيث غزت إعلاناتها شاشة التلفزيون الجزائري، فالكثير مّمن عايشوا تلك الفترة، يتذكّرون تلك الإعلانات المنتجة بجودة عالية، وبأفكار جديدة. إعلانات تمّ تصوير غالبيتها في تونس، يتذكّر الجزائريون أيضًا عبارة "اسمع النور اللّي فيك" التي كانت ترافق الإعلانات، حيث إن خبرة نبيل القروي منحته البطاقة البيضاء من طرف الشركة، خاصّة بعد أن تمّ تعيين صديقه جوزيف جاد كمسؤول مهم فيها.

توغّل نبيل القروي في أوساط المال والأعمال في الجزائر، وصار صديقًا للعديد من المسؤولين. تعامله المباشر مع التلفزيون الجزائري، جعله صديقًا مقرّبًا لمدير التلفزيون الجزائري آنذاك حمراوي حبيب شوقي. أثمرت تلك الصداقة عن شراكة أخرى، حيث موّل نبيل القروي وأنتج للتلفزيون الجزائري برنامج "آخر كلمة"، الذي كان يقدّمه نافع الجندي، وهي فكرة استوحاها القروي من برنامج فرنسي للمسابقات، كان التصوير يتمّ في تونس، فالجزائر في ذلك الوقت كانت لا تمتلك استوديوهات تستوعب أفكار نبيل القروي.

انطلاقًا من عام 2007، أسّس نبيل القروي قناته الخاصة "نسمة"، التي كانت حلمًا راوده منذ وقت طويل، منذ إشرافه على مسؤوليات في "كنال+"، منذ ذلك الحينّ توقفّ تعامل القروي مع التلفزيون الجزائري، وبدأ معركة تنافسية حيث كان القروي يحلم بقناة مغاربية تكسر احتكار القنوات العمومية للجمهور.

علاقات سياسية وديون عالقة..

لم تتحصّل قناة نسمة على ترخيص من السلطات الجزائرية كي تفتتح مكتبًا في الجزائر، فقد كانت سياسة الانغلاق مع الصحافة الأجنبية صفة جزائرية مميّزة في عهد بوتفليقة، لكن القناة كانت حاضرة لأوّل مرة في تغطية الانتخابات التشريعية لعام 2012. تمكّن نبيل القروي، من خلال مضاعفة الاتصالات مع كبار المسؤولين في ذلك الوقت من الحصول على جميع التسهيلات لتحقيق هذه التغطية.

تم تجهيز أستوديو ضخم على مستوى المركز الدولي للصحافة في فندق الأوراسي، وحلّ على القناة كضيوف وزراء ومسؤولون كعمارة بن يونس وأبو جرّة سلطاني وعبد العزيز بلخادم وناصر مهل وآخرون، كما أن مسؤولي القناة في تلك الفترة كانوا يستثمرون في فراغ المشهد الإعلامي الجزائري، ويستقطبون إعلاميين ووجوهًا جزائرية للعمل في القناة واستمالة المشاهد الجزائري.

فرضت الثورة التونسية على نبيل القروي التخلّي عن مشروع "مغاربية" القناة، كما تمّ التنازل تدريجيًا عن مساحة الترفيه في قناته، وبدأ يستثمر في حرّية التعبير الممنوحة للتونسيين بعد الثورة. ويقول المقرّبون منه، إنه وضع نصب عينيه منذ ذلك الحين أن يصبح رئيسًا لتونس يومًا ما.

بداية من عام 2013، بدأت بعض القضايا تطفو إلى السطح بشأن تهرّب ضريبي من طرف القروي في الجزائر، فشركاته لا تزال لحدّ اليوم تملك ديونًا غير مدفوعة لدى مؤسّسات الدولة الجزائرية، خاصة ديوان حقوق المؤلّف، الجمارك وصناديق التقاعد وتأمين الإجراء.

منظمة "أنا يقظ"  التونسية تقدّمت بشكوى إلى القضاء التونسي ضدّ القروي وشقيقه بخصوص شبهة تبييض الأموال

في السياق ذاته، فإنّ منظمة "أنا يقظ" التونسية، كانت قد تقدمت بشكوى يوم 14 آذار/مارس 2014 إلى القطب القضائي الاقتصادي والمالي بتونس، بخصوص شبهة غسل وتبييض الأموال، من قبل كل من غازي ونبيل القروي، وذلك باستعمال الشركات التي يملكانها في كل من المغرب والجزائر ولوكسمبورغ.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الجزائريون يحجون إلى تونس بحثًا عن وصفة الشفاء!

ليالي المدن الجزائرية في رمضان.. الحياة مجددًا