04-أبريل-2022

(تركيب: الترا جزائر)

ووري جثمان الطالب الجزائري، محمد عبد المنعم طالبي، الثرى، في الفاتح من رمضان، السبت الثاني من نيسان/أفريل الجاري، بمقبرة خاركيف بأوكرانيا، بعد أكثر من شهر على مقتله جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

الطالب محمد عبد المنعم طالبي وُري الثرى بداية الأسبوع في مقبرة إسلامية بخاركيف

ووافقت عائلة الطالب محمّد عبد المنعم على تشييع جُثمان اِبنها هناك، بعد فشل كلّ المساعي الدبلوماسية في نقله إلى الجزائر جرّاء التعقيدات الإدارية الناتجة عن الحرب هناك.

وفي حديث لوالد الطالب الجزائري، مولاي عبد الحفيظ طالبي، لـ"الترا جزائر"، أكد والد محمد عبد المنعم، أنه عازم على نقل رفات ابنه عبد المنعم لدفنها في الجزائر بعد انتهاء الحرب، موضحًا أنه اتخذ قرار دفنه بعد 35 يومًا مكرهًا بعد فشل كل محاولاته لدفنه في الجزائر.

ما سبب قبولكم لقرار دفن اِبنكم محمد عبد المنعم على الأراضي الأوكرانية، بعد إصرار على نقل جثمانه للجزائر؟

يوم الأربعاء الماضي، على الساعة العاشرة صباحًا، بتوقيت الإمارات، وصلتني رسالة عبر "واتساب" من طرف الدكتور الذي يشرف على المشرحة بالمستشفى، الذي بقيت فيه جُثّة ابني، عن طريق سفارة الجزائر في كييف، بأوكرانيا.

جنازة

ويقول الدكتور في الرسالة أنه نظرًا للأحكام العرفية قرّرت الحكومة أن تدفن كل الجثث الموجودة في المشرحة ما بين 5 أيام إلى 7 أيام.

وقال الدكتور إنه لم يضع اسم ابني على قائمة الدفن، وطلب منّا أن نتخذ قرارًا بشأنه حتى لا يضعها في قائمة الدفن، لقد تعاطف معنا لنتخذ قرارًا ما، وربما بقيت جثة ابني أطول فترة ممكنة بلغت 35 يومًا.

اتصلت، فورًا، بالجهات المعنية لأعلمها بالخبر بالهاتف وبالرسائل الإلكترونية، بسفارة الجزائر في بولونيا ورومانيا وبخلية الأزمة في الخارجية الجزائرية عن طريق البريد الإلكتروني، واتصلت هاتفيًا بالسيد محمد هني رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية، بالمجلس الشعبي الوطني.

تلقيت ردًا من جهتين، من سفارة بولونيا، حيث أخبروني أنهم: "أوصلوا انشغالاتي إلى الجهات المختصة في الجزائر".

اقرأ/ي أيضًا: طالب يدرس الطيران.. أوّل الضحايا الجزائريين في أوكرانيا

أما الرد الثاني فكان هاتفيًا من طرف محمد هاني، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية، وتحدّثت معه مطوّلًا وتناقشنا الأمر معًا ووصلنا إلى تغليب صوت الحكمة والعقل، واتخذت القرار مكرهًا وهو قرار مؤلم وقاسٍ عليّ جدًا، وتلقيتُ منه وعدًا صريحًا أنه سيعمل ما في وسعه لتُنقل الرفات بعد استقرار الأوضاع، وتُدفن في أرض أجداده بالجزائر.

الترا جزائر: نعلم أن مدينة خاركيف بها مقابر إسلامية، كيف تمّ التنسيق بشأن دفن المرحوم هناك؟

في الحقيقة كنت على اتصال بأحد أعضاء جميعة مسجد المنار في خاركيف، منذ الـ 3 آذار/مارس الماضي، بفضل جهود بعض الأصدقاء تمكّنا من الوصول إلى هذا المسجد ووصلنا إلى أحد الإخوة، الذي يتقن العربية بالمسجد (والده سوري وأمه أوكرانية) يشتغل في هذا المسجد، أي كان الاتصال به، بعد استشهاد ابني، بإذن الله، بحوالي أسبوع.

بفضل هذا الشخص وصلنا إلى جثمان ابني، حيث أكد لنا وجود الجثمان في المكان الذي كان فيه، بعدما تنقل بنفسه وتأكد وطمأننا بذلك، وقبل ذلك لم نكن متأكدين لا نحن ولا السفارة من وجود الجثمان.

قبر الطالب محمد عبد المنعم طالبي

 بقيت على اتصال دائم معه، وقلت له منذ البداية إنني سأعمل المستحيل لنقل جثمان ابني إلى الجزائر وإن تعذّرت الظروف وانقطع الأمل، سأطلب منك مساعدتي في دفنه، ووافق الرجل منذ البداية على هذا.

وفي الأخير عندما جاءتني رسالة الدكتور من المشرحة، اتصلت بهذا الرجل وسألته إن كان مستعدًا لمساعدتي، انتظرت يومين لانشغاله، وبعدها أخبرني أنه جاهز وطلب مني مبلغًا من المال لأن هناك مصاريفًا، ويبدو أن المسجد لم يعد يتحمّل تكاليف الدفن لكثرة الموتى، ووجدنا صعوبة كبيرة في تحويل المال لأن التعاملات المصرفية مع أوكرانيا كلها مغلقة، واستعنت بأحد الأصدقاء وحول المبلغ بطرق أجهلها، ووصل المبلغ وبدأ في الإجراءات، وقدر الله أن يدفن جثمان الراحل في أول أيّام رمضان.

هل كانت هناك إمكانية لنقل جثمان الراحل، رحمه الله، (بعد كل التنسيق من الجزائر) أم تعتقد أن هناك تقصيرًا ما؟

لا يمكن أن أجيبك بـ"نعم" أو "لا"، ما أعرفه أن الأوضاع في مدينة خاركيف كانت سيّئة جدًا، لأنّها مدينة حدودية، وهي من أكثر المدن تضرّرًا  من هذه الحرب، ولكن هنا أأكد لك بأنني تلقيتُ عروضًا لنقل جثمان ابني من عديد الشركات الأجنية، على غرار شركة مصرية وفرنسية.

وقد أعطيت أرقام هذه الشركات لسفاراتنا في بولونيا، وبدؤوا في التعامل معها (شركة مصرية)، ثمّ صرفوا النظر عن ذلك، وزودتهم بعد ذلك بأرقام الشركة الفرنسية، وزودت خلية الأزمة في الجزائر، بهذه الأرقام أيضًا، ولكن لم يقبلوا التعامل مع هذه الشركة وشكّكوا فيها، لا أعرف السبب.

مقبرة خاركيف

من جهتي، اطلعت على السجل التجاري للشركة وسجلها الضريبي عبر الإنترنيت، وهي شركة مُعتمدة في فرنسا ولديها فروع في أوروبا الشرقية.

وهنا أجدّد تأكيدي؛ أنني لا أتهم أحدًا بالتقصير، ولكنّني كنت أشعرُ أنني وحيدٌ في مواجهة مصيري، لأنني كنت أتصل بجهات مختلفة، ولا أجدُ الجواب، أظل في الانتظار على الهاتف ثمّ يُقال لي إن المسؤول خرج، أو لا يُردُّ على اتصالي.

وفي الصدد، أثمّن جُهد، محمد هاني، مسؤول العلاقات الخارجية في البرلمان والنائب البرلماني إبراهيم دخينات، وبتوجيه من رئيس المجلس الوطني الشعبي، إبراهيم بوغالي، هؤلاء من وجدت منهم وقوفًا إلى جانبي، منذ الـ21 من شهر آذار/مارس الماضي، أي بعد انقطاع اتصالي بخلية الأزمة التابعة للخارجية.

هل تنوي العائلة نقل رفاته بعد انتهاء الحرب للجزائر؟

أعود مرّة أخرى وأشدّد بأنني اضطررت مكرهًا مدفوعًا دفعًا إلى اتخاذ قرار دفن ابني في خاركيف، ومازلت أطمح ولم ينقطع أملي في نقل رفات الشهيد "محمد عبد المنعم" إلى أرض أجداده لينام بجانبهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الخارجية ترد على نداء والد الطالب المقتول في أوكرانيا

والد الطالب المقتول بأوكرانيا يتوجه باكيًا لتبون: لا تتركوا جثمان ابني هناك