19-يناير-2024
 (الصورة: Getty) مناصر جزائري يرفع شعار وان تو ثري فيفا لالجيري

(الصورة: Getty) مناصر جزائري يرفع شعار وان تو ثري فيفا لالجيري

"وان تو ثري viva l’Algérie".. ثلاثة أرقام وكلمتين في شعار واحد بثلاث لغات أجنبية، حيث تلخّص هذه العبارة المقتضبةرمزية الفخر بالانتماء للوطن إنّه هتاف الجزائريين الشهير الذي دوّى في مختلف بقاع العالم.. فما قصته؟

تقول إحدى الروايات إن شعار "وان تو ثري فيفا لالجيري" يعود إلى مقابلتين تاريخيتين أجراهما المنتخب الجزائري لكرة القدم بالجزائر العاصمة ووهران ضد نادي شيلفد يونايتد الإنجليزي عام 1974

الأرقام الثلاثة 1 و2 و3 تنطلق بالإنجليزية، وتنطق كلمة الجزائر (Algerie) بالفرنسية، أمّا كلمة تحيا (Viva) فتقال بالإيطالية، هذا التنوّع اللغوي يعكس الانفتاح على ثقافات الشعوب وبديهة عفوية ترمي إلى الانتشار ولفت الانتباه، قبل الحديث عن قصّة هذا الشعار الذي تحوّل مع الظروف ومرور الزمن إلى هتاف خاصٍّ بالجزائريين فقط ولا أحد غيرهم، ومنح العبارة بشكل عام سلاسة ونغمة فنية.

حناجر الجزائريين تصدح بـ"وان توري ثري فيفا لالجيري" في كل مكان من العالم، خاصة في المحافل والتظاهرات الدولية وعلى رأسها البطولات والتظاهرات الرياضية وبالأخص كرة القدم، سواءً في كأس أمم إفريقيا، كأس العالم، الكأس العربية، أو بطولة أجنبية تشهد مشاركة منافس جزائري، أو حتى في البطولات المحلية، وبالتالي بات هذا الشعار لصيقًا بالجزائريين ولا يقتصر فقط على المحافل وإنّما يهتف به في الحياة اليومية ويدون على الجدران والرسومات الجدارية، بل حتى إن بعض المحلات التجارية في الجزائر اعتمدت هذا الشعار تسمية لها.

روايات مختلفة

اختلفت الروايات حول هذا الهتاف "العالمي" الذي رافق "الخضر" في مبارياتهم داخل الديار وخارجها، ولا يستغني عنه المشجعون الجزائريون لتحفيز المحاربين، وتقول الرواية الأولى أنّ الشعار يعود إلى خمسينيات القرن الماضي عندما كانت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي (1830-1962).

 وخلال هذه الفترة كانت الجزائر تخوض ثورة عظيمة من أجل التحرير ضد فرنسا الاستعمارية، فكان من بين الشعارات المرفوعة والمطالبة بالاستقلال وقتذاك، شعار بالإنجليزية بطابع سياسي محض "ّنريد أن نكون أحرار" (we want to be free)، وبالتالي ولد هذا الشعار مع انطلاق ثورة نوفمبر التي استمرت نحو سبع سنوات ونصف (1954-1962)، إلى غاية استقلال البلاد بعد إرغام فرنسا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكن مع مرور الوقت تحول الهتاف إلى "وان تو ثري فيفا لالجيري".

وهناك من يرجع هذا الشعار إلى فترة الحرب العالمية الثانية، فقد كان الجزائريون يحاولون إيصال صوتهم إلى العالم من خلال تنظيم مظاهرات ومسيرات وترديد شعارات سياسيية بلغات تعتمدها الأمم المتحدة وهي الإنجليزية والفرنسية، وذلك من أجل وصول الشعار إلى العالم والتعريف بالقضية الجزائرية.

هل وهران مهد هذا الهتاف؟

الرواية الثانية تقول إنّ تاريخ شعار "وان تو ثري فيا لالجيري" يرجع إلى مقابلتين تاريخيتين أجراهما المنتخب الجزائري لكرة القدم بالجزائر العاصمة ووهران ضد نادي شيلفيد يونايتد الإنجليزي عام 1974، وشهدت فوز الجزائر في المقابلة الثانية بملعب "بوعقل" بوهران غربي البلاد بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدف، فقام أحد لاعبي شيفلديونايتد عقب نهاية المقابلة وحيّا الجماهير بيده (بأصبعه)، فاعتقد الجمهور أنّه قال لهم سجلنا عليكم هدفًا، فردّوا عليه بالقول "وان، تو، ثري، فيفا بلكدروسي"، في إشارة إلى اللاعب الجزائري بلكدروسي الذي يعشقونه، وعند الخروج من الملعب تحول الشعار إلى "وان، تو، ثري، فيفا لالجيري." بحسب ما رواه المهتم بالتاريخ والتراث رشيد أور في برنامج تلفزيوني على قناة جزائرية خاصة.

وفي سياق الروايات المختلفة التي دارت حول هتاف "وان تو ثري فيفا لالجيري" هناك من أرجع ظهور هذا الهتاف إلى العام 1975 الذي استضافت فيه الجزائر ألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث جمعت المباراة النهائية في هذه التظاهرة المنتخب الجزائري مع نظيره الفرنسي الذي كان آنذاك يتكون أغلبه من لاعبين جزائريين على غرار رشيد مخلوفي.

وخلال هذه المباراة التي فاز بها "الخضر" بنتيجة ثلاث أهداف مقابل هدف واحد، ردد الجزائريون الذي تابعوها من المدرجات وقدر عددهم بنحو 100 ألف مشجع، العبارة الشهيرة "one two three viva l'algérie"، خاصة وأنّها جاءت بعد 13 سنة فقط بعد استقلال الجزائر في 1962، فضلًا على وجود عدد من اللاعبين ارتقى من عائلاتهم شهداء إبّان الثورة التحريرية.

وفي ظلّ عدم وجود رواية ثابتة تؤرخ لهذا الشعار، رأى آخرون أنّ قصته تعود إلى كأس العالم بإسبانيا، والذي شاركت فيه الجزائر، التي لعبت مقابلة ضد ألمانيا، وفازت بها، وبالتالي عندما سجلت الجزائر، هدفين، تمنى المشجعون أن تضيف الثالث، فقاموا بترديد عبارة "وان، تو، ثري"..

ماركة جزائرية مسجلة

وبالرغم من اختلاف الروايات حول أصل وقصة شعار "one two three viva l'algérie" تحوّل الأخير إلى علامة خاصة وماركة مسجلة باسم الجزائريين، وأصبح هتافًا يزلزل الساحات والفضاءات العمومية والملاعب في مختلف العالم، حتى أنّ الأجانب أو العرب صاروا أيضًا يرددون هذه العبارة كلّما التقوا جزائري أو نزلوا ضيوفًا على الجزائر، حتى إن أحدهم وإن أراد مجاملة الجزائريين، وإظهار معرفة سابقة بهم من قبل، فليس عليه سوى ترديد هذا الشعار، فقد أصب مع مرور الوقت كلمة السر للمرور إلى قلوبهم.

الشعار، لا يردده المواطنون فقط أو مشجعو الفريق الوطني الجزائري، أو فئة معينة من الشعب، بل يهتف به كل الجزائريين داخل وخارج بلادهم دون استثناء رجالًا ونساء، شيوخًا وأطفالًا، وأيضًا يردده السياسيون والمسؤولون، والفنانون والرياضيون والمثقفون، وحتى بعض الصفحات الممثلة للهيئات الدبلوماسية في الجزائر.

شعار "وان تو ثري فيفا لالجيري" ردده في كثير من المرات سياسيون ومسؤولون وحتى بعض الصفحات الممثلة للهيئات الدبلوماسية في الجزائر

 قبل أيام وجه الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، رسالة تحفيزية للمنتخب الجزائري عبر حسابه بمنصة "إكس" بمناسبة كأس أفريقيًا وقال إن "الأفناك جاهزون لكأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار"، متغنيا في القوت نفسه بالهتاف الأشهر "one two three viva l'algérie".