05-نوفمبر-2022
ورقة نقدية من فئة 2000 دينار جزائري (فيسبوك/الترا جزائر)

تخليدًا لستينية استقلال البلاد (1962) وانعقاد القمة العربية  أصدر بنك الجزائر المركزي ورقتين نقديتين من فئة 2000 دج، رافقتهما ضجة واسعة أثيرت عبر منصات التواصل على المستوى اللغوي بسبب بعض محتوى الورقتين النقديتين. فرى البعض أنّ هناك خطأ لغويًا في كتابة القيمة (الرقم) باللغة العربية، في حين رأى آخرون أنّ الكتابة صحيحة وجاءت بالخط الكوفي.

الناشط بورزيق سماعين: الورقة النقدية قبل أن تصدر تصمم أولًا من قبل خبراء فنيين ملمّين بكل أنواع الفنون والغرافيك

وبحسب الجريدة الرسمية "الورقة الأولى تذكارية من الفئة 2000 دج صدرت بمناسبة انعقاد القمة العربية بالجزائر، والورقة الثانية من الفئة ذاتها (2000دج)، تخلّد ذكرى مرور ستون سنة على استقلال الجزائر (1962).

وجاءت "القيمة النقدية للورقتين النقديتين مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية"، دون وجود اللغة الفرنسية، وذلك لأول مرة.

الخط الكوفي

وعقب صدور الورقتين النقديتين من فئة 2000 دج، وبداية تداولهما في السوق، أثير جدل واسع بمنصات التواصل الاجتماعي بالجزائر، وتساءلوا حول احتمال وجود خطأ؟ في كتابة القيمة بالعربية الفصحى وتحديدًا في كلمة "ألفا دينار".

رأى نشطاء أنّ الخطأ يكمن في غياب همزة القطع على الألف، وبدل كتابة "ألفا" دينار، كتبت "ألفا" دينار، غير أنّ نشطاء آخرين اعتبروا أنّ الكتابة صحيحة وسليمة ولا وجود لخطـأ ومرّد ذلك أنّ "ألفا" مدونة بالخط الكوفي الذي من خصائصه أنّ "الهمزة" لا توجد فوق أو تحت حرف الألف،والخط الكوفي هو أقدم أنواع الخط العربي، نشأ في أواخر القرن السابع عشر، مع بدايات ظهور الإسلام في مدينة الكوفة العراقية، كما يرجح أنه استعماله انتشر نحو مائة عام في الحيرة القريبة من الكوفة، بحسب مصادر تاريخية.

وأوضح الإعلامي أسامة بوزقاق حول الجدل الدائر،في منشور توضيحي على حسابه بفايسبوك: "كلام كثير متداول يبرر غياب الهمزة والمسافة بين الكلمتين بالقول إن العبارة بالخط الكوفي الذي لا يعتمد الهمزة ولا المسافات".

 وأضاف بوزقاق: "لا أنكر أن هذا الكلام صحيح ظاهريًا، لأن خط الكوفي فعلًا من خصائصه عدم الاعتماد على الهمزة واعتماد مسافة واحدة بين الحروف والكلمات تكون بعرض القلم أو كما يقول مختصون".

لكن موضحا قال: "إنّ الخط الوارد في الورقة النقدية هو خط كوفي حديث مكتوب ببرامج التصميم وفي مثل هذا النوع تكون الهمزة متوفرة ولو كانت محرمة في قوانين الخط ما تم إدراجها، وغياب الهمزة لا يعيب الخط الكوفي، فهناك خطاطون محترفون أدرجوا الهمزة".

وتساءل "لو كان غياب الهمزة مقتصرًا على الخط الكوفي، ما تبرير غيابها في باقي الأوراق النقدية الأخرى رغم أنها بخطوط مختلفة؟، كما أنّه في مثل هذه المستندات الرسمية من المفروض تقديم قواعد اللغة العربية على القواعد الفنية، وكان على المصمم تجنب هذا النوع من الكوفي أصلًا تفاديًا للبس، وهناك خطوط أخرى أكثر تماشيًا مع الثقافة والهوية الجزائرية، على حدّ تعبيره.

وفي المنشور المتداول هناك اتهام بالجهل بقواعد اللغة العربية في تبرير كتابة ألفا بدل ألفين، والحقيقة أن مثار النقاش ليس هذا أصلًا فنحن متفقون تماما أنها تكتب: ألفا وليس ألفي ولا ألفين، لأنه خبر مرفوع لمبتدأ محذوف تقديره "هذه"، أصل الكلام: هذه ألفا دينار، وعلامة الرفع الألف لأنه مثنى وحذفت النون لأنه مضاف. وفق أسامة بوزقاق.

بدوره، رجّح الناشط أحمد أولحسن عباد وجود خطأ في كتابة القيمة بالحرف العربي قائلًا: "عجَّ الفيسبوك هذه الأيام بالحديث عن ورقة 2000 دج الجديدة، بين مرحِّب ومنتقد وساخر.

الذين انتقدوا الورقة، حسبه، أغلبهم تحدث عن الخطأ أو الأخطاء اللغوية في كتابة قيمة الورقة باللغة العربية، وأنا واحد منهم، فكان ما يثير حفيظتي هو غياب الفاصل أو المسافة بين كلمتي "ألفا"و"دينار". اليوم، وأنا أتصفح جريدة "الشروق"، وقعتُ على هذا المقطع في مقال حول الورقة النقدية الجديدة، هذا مضمونه: "وحول هذا الجدل أوضحت مدققة لغوية أن (ألفا دينار) مكتوبة بخط يسمى الخط الكوفي الذي من قواعده أن الهمزة ليس لها وجود فوق الألف أو تحته كون أنه أول الخطوط العربية ظهورًا في التاريخ يوم كانت الهمزة لا توضع على الألف، كما أن من مميزاته عدم وضع مسافة بارزة بين الكلمات".

وعلّق بقوله: "لا أدري إن كان ما ورد في المقطع صحيح أم لا، ولهذا أرجو من الذين لهم دراية بالخطوط العربية أن يفيدونا في ذلك. أتمنى أن يكون ما ورد في المقطع صحيحاً، لأن الوقوع في خطأ لغوي وفي رمز من رموز الدولة، أمر غير مقبول".

وتابع قوله: "على كل غرضنا ليس الذم ولا النقد الهدَّام ولا السخرية، وإنما تقويم الجهة المُصدِرة للورقة إن كانت قد أخطأت، والثناء عليها إن أصابت".

مدافعون: لا وجود لأي خطأ

في مقابل ذلك، كتب الأكاديمي والبروفيسور في كلية الآداب واللغات محمد خان حول القضية: "كثر اللغط والتغليط والتلخبيط" في عبارة العملة النقدية الجزائرية الجديدة، مكتوب عليها ألفا دينار.

وفي إعرابه ذكر أنّ "الفا" خبر مبتدأ محذوف، مرفوع بالألف لأنه مثنى، وحُذفت النون للإضافة. أمّا "دينار: مضاف إليه مجرور.

وبحسب خان " ليس في العبارة خطأ، بل هي صحيحة سليمة، والقاعدة الأصولية أنّ الاسم إذا انفرد رُفع غالبًا؛ لأنه في موضع الإسناد".

 وأوضح الكاتب أنّه "يجوز إسقاط الهمزة؛ لأننا نقرأ الكلمة دون همز، (وتسهيل الهمز مشهور عن الإمام ورش ونحن أتباعه)، والجيّد فيها أنها بالعربية، ومقابلها بالإنجليزية، أما الفرنسية فركبت البابور (السفينة). في إشارة منه إلى الاستغناء لأول مرة عن كتابة الفرنسية  في العملة الجزائرية.

من جهته، أشار الناشط بورزيق سماعين في منشور على حسابه بفايسبوك إلى سلامة كتابة القيمة بالعربية قائلًا: "إن كتابة الرقم بالحروف في الورقة النقدية الجديدة فئة 2000 دج من دون همزة القطع أثار جدلًا كبيرًا لكنه من غير الممكن أن يحدث الخطأ هنا كل ما في الأمر أنها (ألفا دينار) مكتوبة بخط يسمى الخط الكوفي الذي من قواعده أن الهمزة ليس لها وجود فيه فوق الألف أو تحته كون أنه أول الخطوط العربية ظهورا في التاريخ يوم كانت الهمزة لا توضع على الألف كما أن من مميزاته عدم وضع مسافة بارزة بين الكلمات ."

وأضاف بورزيق: "الورقة النقدية قبل أن تصدر تصمم أولا من قبل خبراء فنيين ملّمين بكل أنواع الفنون والغرافيك وتمر على عملية تدقيق من كل النواحي ،لأن العملة النقدية تمثل سيادة الدولة."

نقد جديدة 

في هذا السياق، أثير جدل من نوع آخر، حول اعتماد اللغة الإنجليزية بدل الفرنسية، واجتمعت التفسيرات الفيسبوكية، حول توجه الحكومة نحو تعميم الإنجليزية، خاصة بعد قرار وزارة التربية تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية.

وتضمنت الورقة الأولى (2000 دج) الصادرة بمناسبة انعقاد القمة العربية بالجزائر صورة مقام الشهيد، فوقه الخريطة الجغرافية للعالم العربي وفي قاعدته شعار الدول العربية، إضافة إلى تمثل خريطة الجزائر ومنارة جامع الجزائر.

واحتوت الورقة الثانية ( 2000 دج) المخلّدة لستينية الاستقلال صورة احتفالات الاستقلال لمواطنين يحملون العلم الوطني، وخريطة العالم العربي وخريطة الجزائر ومنارة جامع الجزائر.

أصدر بنك الجزائر، إلى جانب ورقتين نقديتين جديدتين من فئة ألفي دينار، قطعة معدنية بقيمة 50 دينارًا،

وأصدر بنك الجزائر، إلى جانب الورقتين النقديتين  من فئة ألفي دينار، قطعة معدنية بقيمة 50 دينارًا،  عليها صورة الشهيدة حسيبة بن بوعلي وتاريخ ميلادها واستشهادها.