وصف عدد من نواب المجلس الشعبي الجزائري (الغرفة السفلى في البرلمان)، الخميس 22 أيلول/سبتمبر الجاري، سياسة وزيرة التربية نورية بن غبريط بـ"سياسة الهروب إلى الأمام"، بعد تجاهلها الجدل الكبير الحاصل في الساحة التربوية بشأن الأخطاء الموجودة في عدد من الكتب المدرسية، وأهمها ما سمي بفضيحة "الاعتراف بإسرائيل" وإقصاء اسم فلسطين من خريطة العالم في الصفحة 65 من كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط، فضلًا عن أخطاء عديدة في الكتب المدرسية تدور حول الهوية الجزائرية.
تجاهلت وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط الأخطاء الموجودة في عدد من الكتب المدرسية وأهمها ورود "إسرائيل" في كتاب للجغرافيا
وقد برمجت إدارة مجلس الشعب الجزائري، استفسارًا للوزيرة على سؤالين لنائبين في تكتل الجزائر الخضراء، الذي يضم ثلاثة أحزاب من التيار الإسلامي، والأسئلة تتعلق بملف الأساتذة المتعاقدين، متجاهلين بذلك "فضيحة" الخريطة، والتي كانت حديث العام والخاص في الجزائر وخارجها فضلًا عن مقاطعة التلاميذ للمدارس خلال الأيام الأخيرة.
اقرأ/ي أيضًا: خريطة إسرائيل.. عودة حديث التطبيع إلى الجزائر
"إيداع السؤال المتعلق بملف الأساتذة المتعاقدين يعود لأشهر"، بحسب النائب يوسف خبابة، حيث طرحه عقب الإضرابات والاحتجاجات التي خاضها الأساتذة وما سموه "مسيرة الكرامة من أجل المطالبة بالإدماج"، مضيفًا للصحفيين أن "الجواب عن هذا السؤال تجاوزه الزمن وليس وقته الآن وخاصة أمام الجدل الكبير الذي تعرفه المنظومة التربوية الزوبعة التي أثيرت بسبب الأخطاء في الكتب المدرسية".
كما ذهب النائب إلى أن "برمجة الإجابة على هذا الملف اليوم بالذات ليس إلا تواطؤًا من إدارة المجلس مع الوزيرة ومحاولة للتستر على الفضائح التي أغرقت قطاع التربية في الجزائر والتعامل مع مثل هذه القضايا بإسفاف".
كل الأنظار كانت مشدودة للمجلس الشعبي الجزائري وما ستقوله وزيرة التربية الوطنية حول الأخطاء التي وردت في الكتب المدرسية، لكن الوزيرة اعتمدت حوار "الطرشان" وكأن لا علم لها بالموضوع. وقد تحدثت النائبة عن تكتل الجزائر الخضراء حفصة خالدي لـ"ألترا صوت" أن "حديث الوزيرة عن الإصلاحات في المنظومة التربوية ورزنامة التوقيت الجديد للدراسة في الجنوب الجزائري، كان للتهرب من مسؤولية ما يجري في القطاع"، مضيفة أن "ما حصل إهانة لمجتمع بأكمله خصوصًا وأن الجدل الحاصل الآن يتعلق بمحتوى المناهج التربوية في الكتب المدرسية وما تحتويه من مغالطات تمس تاريخ وهوية الشعب الجزائري وتهدد عقول أبنائنا".
اقرأ/ي أيضًا: مسيرة الكرامة.. كفاح أساتذة الجزائر المتعاقدين
كما يرى المتتبعون للشأن التربوي في الجزائر أن البرلمان بقي بعيدًا عن الصراع في قطاع التربية الجزائرية، حيث قال العضو في نقابة عمال التربية عبد الكريم مسعودي: "إن ما يحدث في القطاع الحساس جعله يشهد العديد من الاحتجاجات والإضرابات، التي تعيق مزاولة التدريس، مع تواصل القفز عن الأخطاء التي يشهدها الكتاب المدرسي فضلًا عن مشاكل بالجملة أخرى، وكلها تهدد مستقبل التلاميذ".
من المنتظر أن تكون السنة الدراسية في الجزائر "ساخنة"، في ظل الجدل حول الإصلاحات المقترحة من الوزيرة واحتجاجات منتظرة من النقابات
سياسيًا، لقيت الوزيرة تأييدًا من الأحزاب الموالية للسلطة في الجزائر مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، حيث استغربت القوتين السياسيتين في البرلمان ما اعتبراه هجومًا على الوزيرة جراء خطأ في كتاب، فيما ذهب بعض نواب الحزبين نحو الدفاع عن الوزيرة بالقول إنها "لن تكون ضد سياسة الدولة التي تساند فلسطين دائمًا وأبدًا"، وكرروا إيجاد المبررات لها ورمي الكرة في مرمى "الخطأ المطبعي".
ويتساءل الكثيرون في قطاع التربية في الجزائر عن مكمن "قوة" وزيرة التربية الحالية نورية بن غبريط، بالنظر إلى حجم "الفضائح" التي عرفها القطاع في زمنها، منذ تعيينها على رأس وزارة التربية في الخامس من آيار/مايو 2014، ومن آخر هذه "الفضائح" تسريب أسئلة البكالوريا/الثانوية العامة وإعادة الامتحان فيما بعد، وقد كانت التوقعات حينها بإقالة الوزيرة من منصبها، أو إعفائها خلال التعديل الوزاري الجزئي الذي أجراه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على حكومة عبد المالك سلال في شهر حزيران/يونيو الماضي.
ومن المنتظر أن تكون السنة الدراسية في الجزائر "ساخنة"، في ظل الجدل الحاصل في القطاع حول "الإصلاحات" المقترحة من طرف الوزيرة، فضلًا عن تهديدات بعض نقابات التربية بالدخول في احتجاجات، فضلًا عن عدة مشاكل يتخبط فيها القطاع وأهمها النقل المدرسي وتهيئة المؤسسات التربوية.
اقرأ/ي أيضًا: