20-أغسطس-2019

وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي (أوبسارف ألجيري)

تعرّف الجزائريون على شخصية بلقاسم زغماتي، النائب العام السابق و وزير العدل الحالي، غداة ندوة صحفية متلفزة في 13 أوت/ أغسطس 2013، أصدر خلالها مذكّرة توقيف دولية ضدّ شكيب خليل وزير الطاقة السابق، أحد المقرّبين من رئيس الجمهورية الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى زوجته الفلسطينية، وابنيه، ومدير مكتبه السابق رضى حماش.

بلقاسم زغماتي سبق وأن فتح ملفّات فساد الشركة الوطنية للمحروقات "سوناطراك"

 كلّفت تلك الخرجة، إقالة زغماتي من النيابة العامّة، مباشرة بعد عودة الرئيس بوتفليقة من فترة علاج بمستشفى فال دو غراس الفرنسي، وذكرت وسائل إعلامية آنذاك، أن قرار الإقالة كان انتقامًا منه، بسبب تحريكه ملفّات فساد، وردت فيها أسماء مسؤولين من محيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

اقرأ/ي أيضًا: ملف خالد نزار.. مدريد أمام اختبار قضائي

العودة من الباب الواسع

بمرسوم رئاسي، وقّعه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، في 16 مايو/ أيّار الماضي، تمّ تعيين بلقاسم زغماتي نائبًا عامًا لمجلس قضاء الجزائر من جديد، وتزامن هذا التعيين، مع تصريحات نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الشعبي الوطني قايد صالح، الذي شدّد على ضرورة الإسراع في  تطبيق الإجراءات القانونية، لمحاربة الفساد، داعيًا إلى إعادة فتح الملفّات السابقة، على غرار ملف بنك الخليفة، وقضية سوناطراك 1 و2، وملف الطريق السيار شرق-غرب.

 بحسب بعض المتابعين، تعود أسباب تعيين بلقاسم زغماتي، إلى اطّلاعه السابق على ملفّات الفساد، وإشرافه على إدارة بعضها، هنا، يعتبر المحامي والحقوقي عمار خبابة في تصريح إلى "الترا جزائر"، أن بلقاسم زغماتي مشهود له بالكفاءة والحسم، وإدارة الملفّات المعقدة، واشتغل في منصب النائب العام في عدّة مجالس قضائية، منها وهران والجزائر العاصمة، وقد أقيل من منصبه أثناء معالجته لقضية شكيب خليل، على حدّ تعبيره.

 جدل قانوني

تم ترقية النائب العام بلقاسم زغماتي إلى منصب وزير العدل، في 31 جويلية/ تمّوز من السنة الجارية، خلفًا لسليمان براهيمي الذي انهيت مهامه بطريقة مثيرة للجدل، هذا التعيين أثار حفيظة بعض الحقوقيين ورجال القانون، إذ أن صلاحيات رئيس الدولة المؤقّت عبد القادر بن صالح، لا تسمع له بإجراء تعديلات حكومية، لأن الدستور يحدّد صلاحياته، ويمنع عنه إجراء تغيير جزئي على الحكومة في فترة حكمه المؤقّتة للبلاد.

 ويدور حديث في الأوساط الإعلامية، أن خلفية إقالة سليمان براهيمي، تعود إلى علاقاته الشخصية بوزير العدل الأسبق طيب لوح، هذا الأخير، يُشتبه في تورّطه في وقائع ذات طابع جزائي تتعلّق بالفساد، وقد تمّ منعه من السفر إلى الخارج بسببها.

وفي سياق تبرير تعيين زغماتي على رأس وزارة العدل، رغم التحفّظات الدستورية، يرى ملاحظون أن التعيين يهدف إلى تسريع إجراءات التحقيق ومحاكمة المتورّطين في الفساد، عبر توافق وانسجام العمل بين السلطة التنفيذية والقضائية، إذ أنّ النصوص القانونية تمنحه صلاحيات أكبر من منصب النائب العام، بينما يمتلك النائب العام صلاحيات ضيّقة، إذ يُمكن لوزير العدل، تكليف النائب العام باتخاذ قرار يتعلّق بأعمال السيادة دون الاحتكام إلى النصوص والإجراءات الواجب اتخاذها.

رهانات وزير العدل

 وفي سياق مكافحة  آفة الفساد، أكد وزير العدل زغماتي في تصريح لوسائل إعلامية، على ضرورة استرجاع هيبة الدولة باحترام سيادة القانون، مشدّدًا على "دور العدالة في هذه الفترة الحرجة التي تعيشها الجزائر"، مشيرًا إلى تفشي ظاهرة الرشوة والاختلاسات، والتعدّي على الممتلكات العامة، في الادارة والمرافق العمومية ودواليب الدولة.

ويشكّل ملف استرجاع الأموال المنهوبة المنقولة أو العقارية إلى الخارج، رهان الحكومة الجزائرية الرئيسي، خاصّة تحت تراجع مداخيل العملة الصعبة، وهو تحدٍ صعب التنفيذ، في ظلّ تعقيدات إجرائية وإدارية خاصّة عدم حصول الأحكام على صيغتها النهائية، إذ يحتاج الأمر إلى تقديم إثباتات وأدلّة و وثائق، قصد الحجز والمصادرة بهدف الاسترداد النهائي في إطار التعاون الدولي.

 وتُحيل تجارب بعض الدول في محاربة الفساد، إلى صعوبة استرجاع الأموال والأصول المنهوبة المهرّبة إلى الخارج، فعلى سبيل المثال، لم تتمكّن دولة تونس، على مدار سنوات من استرجاع سوى 38 مليون دولار من عائلة بن علي وحاشيته، من إجمالي بـ 10 مليار دولار، أمّا في الجزائر، وبحسب الخبير المالي والاقتصاد الدولي الدكتور سليمان ناصر، في تصريحات سابقة، فإن حجم الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج، من قبل كبار المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال بطريقة غير مشروعة، خلال 20 سنة الماضية، تتراوح من 300 إلى 350 مليار دولار.

تحفظات نقابة القضاة

مؤخّرًا، أقدم وزير العدل، بلقاسم زغماتي، على توقيف قاضيين تحفظيًا وإنهاء مهام وكيل جمهورية، وحسب بيان لوزارة العدل، فإن الوزير أمر بتوقيف القاضي لدى محكمة الحراش، عن تهمتي الاخلال بواجب التحفّظ وانتحال الصفة، كما تمّ إنهاء مهام قاضي مجلس تيارت، بسبب سوء استغلال الوظيفة، في حين جاء توقيف وكيل الجمهورية بمحكمة تلمسان بسبب سوء استغلال الوظيفة والخرق العمدي للإجراءات القانونية.

وفي هذا الصدد، اعترضت النقابة الوطنية للقضاة على قرارات وزير العدل، وجاء في بيان لها، أن الفقرة الأولى من المادة 65 من القانون الأساسي للقضاء، يسمح لوزير العدل بأن يُصدر قرارًا بإيقاف أيّ قاض مؤقتًا عن العمل، في حال ارتكابه أخطاء جسيمة، وذلك بعد إجراء تحقيق أوّلي وإعلام مكتب المجلس الأعلى للقضاء، كما تنصّ الفقرة الثانية من المادة بعدم التشهير في حالة التوقيف، بحسب البيان.

وأشار البيان، إلى أن إنهاء المهام من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء وحده، طبقًا للمواد 68/84/86 من القانون الأساسي للقضاء، ودعت النقابة الوطنية للقضاة، المصالح المركزية لوزارة العدل، وكلّ الفاعلين في الساحة الإعلامية، إلى احترام القانون والكفّ عن التشهير والمساس بشرف القضاة.

نقابة القضاة اعتبرت القرارات التي أصدرها وزير العدل بلقاسم زغماتي غير قانونية

في السياق ذاته، ذكرت صحيفة وطنية، أن تعيين بن يحي فريدة، عضو  في المجلس الأعلى للقضاء، على رأس مجلس الدولة، يعدّ خرقًا للقانون العضوي لمجلس القضاء، حيث تنصّ المادة 06 منه، على أنّه "لا يحقّ للقضاة بالمجلس الأعلى للقضاء، أن يستفيدوا من ترقية في الوظيفة أو التنقل خلال فترة إنابتهم".

اقرأ/ي أيضًا: 

سجن الحراش.. ملايير الدولارات وراء القضبان

"لجنة عقلاء" تثير غضب الشارع الجزائري