05-يناير-2020

قاعدة الحياة بعين أمناس (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

يُمثّل الوضع الاقتصادي، أكبر تحدّيات الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، ورهانًا حقيقيًا أمام الحكومة الجديدة لاسترجاع ثقّة الشارع الجزائري، المتمسّك بالاحتجاجات أسبوعيًا منذ أزيد من عشرة أشهر.

جاء الإعلان عن الطاقم الوزاري، ليُترجم الأولويات الاقتصادية عند الرئيس عبد المجيد تبون

جاء الإعلان عن الطاقم الوزاري، ليُترجم الأولويات الاقتصادية عند عبد المجيد تبون. فأمام حكومة عبد العزيز جراد الكثير من التحدّيات العاجلة، تتعلّق بالعجز المالي، ووقف تآكل احتياطي الصرف، وتدهور قيمة العملة الوطنية، وتحويل الدعم المالي من قيمة سلعية إلى قيمة مالية، والدفع بالقطاع الصناعي المفكّك كليًا، وإعادة النظر في قطاع التجارة الخارجية، وتطوير الصادرات خارج المحروقات.

اقرأ/ي أيضًا: شراكة الجزائر مع الاتحاد الأوروبي.. صفقة خاسرة من البداية؟

حكومة اقتصادية

عرفت هيكلة الطاقم الحكومي الجديد، استحداث وزارة المؤسّسات الصغيرة والمؤسّسات الناشئة واقتصاد المعرفة، بتكليف الوزير ياسين جريدان على رأسها. وتكليف وزراء منتدبين في القطاع الاقتصادي، ويتعلّق الأمر، بعودة بشير مصيطفى وزيرًا منتدبًا مكلّفًا بالإحصائيات والاستشراف، وتعيين عيسى بكاي وزيرًا منتدبًا مكلفًا بالتجارة الخارجية، وعبد الرحمان لطفي جمال بن باحمد، وزيرًا منتدبًا مكلفًا بالصناعة الصيدلانية.

أمّا الاقتصاد الرقمي، فقد عيّن نسيم ضيافات وزيرًا منتدبًا مكلّفًا بالحاضنات، وياسين وليد وزيرًا منتدبًا مكلفًا بالمؤسّسات الناشئة، إضافة إلى باقي القطاعات الاقتصادية التقليدية، كالصناعة والتجارة والمالية، والسياحة والفلاحة والصيد البحري.

يرى مراقبون، أن استحداث عدّة وزرات منتدبة في قطاع الاقتصادي، يهدف إلى تفعيل الأداء الحكومي أكثر في القطاع الاقتصادي، إذ يُعتبر الهيكل التنظيمي الجديد، خطوة نحو "لا مركزية" القرارات، والمرونة في بعث النشاط الاقتصادي.

إجراءات بيروقراطية

في مقابل ذلك، أشار بعض الفاعلين في المجال الاقتصادي، أن استحداث وزرات منتدبة، هو إجراء بيروقراطي، يجعل من المبادرة الاقتصادية رهينة الإدارة المركزية، وبالتالي خلق المزيد من البيروقراطية، بينما الاصلاحات الاقتصادية بحاجة إلى بيئة تشريعية وقانونية واضحة ومستقرّة، تعيد النظر في المشاكل الهيكلية الموجودة، وتسمح  بخلق مجال للمنافسة وروح المبادرة، ففي ظلّ هشاشة واحتكار القطاع المصرفي من طرف البنوك العمومية الريعية، يتساءل البعض عن جدوى استحداث وزارة منتدبة مكلفة بالمؤسّسات الناشئة، في وجود بيئة مصرفية لا تساعد على تطوير التجارة الرقمية.

من جهته، يرى مختصّفي المجال الاقتصادي، أن حكومة عبد العزيز جراد هي حكومة اقتصاديه بامتياز، حيث تضمّ 14 وزارة لها علاقة بالمجال الصناعي والتجاري والمالي والفلاحي.

 ويشكّل غياب وزارة الاقتصاد في الهيكل التنظيمي، الجانب السلبي في الطاقم الحكومي؛ فهذه الأخيرة تعمل على بلورة رؤية متكاملة، وتحدّد الأهداف المشتركة لكامل القطاعات، وتضع تصوّرًا اقتصاديًا شاملًا، يحدّد فيه فلسفة العمل الحكومي. فالاقتصاد الجزائري بحسب خبراء، لا يملك إلى غاية اليوم هويّة اقتصادية واضحة المعالم، ليبقى السؤال مطروحًا حول نمط الاقتصاد الوطني، هل هو قائم على التدخّل الاقتصادي أم التحرّر.

توجّهات مختلفة

 اللافت للانتباه في تركيبة الحكومة، عدم تطابق وجهات النظر بين وزير الصناعة وعبد المجيد تبون، فوزير الصناعة فرحات آيت علي، عُرف عبر مداخلاته بتوجّهاته الليبرالية، وانفتاحه على التجارة الدولية، بينما عبد المجيد تبون من أنصار تدخّل الدولة في القطاع التجاري والحمائية الاقتصادية، بقصد المحافظة على التوازنات المالية.

 يضاف إلى هذا، وجود وزير المالية عبد الرحمان رواية، الذي أشرف على صيغة التمويل غير التقليدي وطباعة النقود خلال فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة، وهي الصيغة التي سبق لعبد المجيد تبون انتقادها كآلية لسدّ العجز المالي.

في السياق نفسه، جاء إبقاء قطاع الطاقات المتجدّدة تحت إشراف وزارة البيئة، ليقلل من الدور الاستراتيجي لهذا القطاع، إذ بينما يرى مختصّون بضرورة الاهتمام بمجال الانتقال الطاقوي، كقطاع محوري في جلب العملة الصعبة، وتوفير مناصب شغل، وخلق ثروة للاقتصاد الوطني، خاصّة في ظلّ تراجع مداخيل قطاع المحروقات. كان من المنتظر إعطاء المزيد من الأهميّة لهذا القطاع الاستراتيجي، عبر استحداث وزارة منتدبة خاصّة بالمجال الانتقال الطاقوي.  

السياسة والاقتصاد

يظلّ الاقتصاد الوطني رهين التغييرات السياسية المحتملة، في ظلّ استمرار الحراك الشعبي، وإسهام الأزمة السياسية في تعثّر النمو الاقتصادي، الذي يجلب الشركات العالمية ويستقطب رؤوس الأموال الدولية، وفي هذا الشأن، تبرز مجموعة من الأهداف العاجلة، يجب على الحكومة تحقيقها كمحاربة الفساد والرشوة في القطاع الاقتصادي، وتوفير بيئة أعمال، ووقف نزيف احتياطي الصرف.  

هل استحداث 14 وزارة، سيرافقه خطة لإنتاج الثروة وجلب العملة الصعبة، أم أنها ستشكل أعباء مالية جديدة؟

 الأسئلة التي يجب أن تُطرح في هذا السياق: هل استحداث 14 وزارة سيرافقه خطّة لإنتاج الثروة والعملة الصعبة؟ أم أنها ستشكل أعباء مالية جديدة، تقع على عاتق المواطنين، يدفعونها من ضرائبهم لتصبّ في رواتب هؤلاء الوزراء؟

اقرأ/ي أيضًا:

الاتحاد الأوروبي أول زبون للجزائر والصين تحتل المرتبة الأولى كممون

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟