23-يونيو-2023
منجم

(الصورة: presse express)

كثّفت الحكومة جهودها لتذليل آخر العراقيل في وجه إطلاق مشروع استغلال منجم الرصاص والزنك، بولاية بجاية، شرقي البلاد، حيث تراهن عليه لسدّ الطلب المحلي وتحقيق إيرادات من شأنها امتصاص البطالة بالمنطقة.

عدد من سكان قرية آيت بوزيد طالبوا بالتخلي عن المشروع  بمبرّر الأضرار الاجتماعية والبيئية والصحية على المنطقة

في هذا السياق، نظّم والي بجاية خلال شهر حزيران/جوان الجاري مقابلات مع ممثلي القرى والمنتخبين المحليين وأعضاء في البرلمان لشرح أهمية مشروع واد أميزور.

وتنشر الولاية على موقعها الرسمي دوريًا جردًا باللقاءات والمشاورات التي يشارك فيها ممثلون عن مصالح البيئة والشركة المختلطة الجزائرية-الأسترالية (Western Mediterranean Zinc WMZ) المكلفة بإنجاز واستغلال المنجم، للوصول الى إجماع  شعبي أكبر ورفع التحفظات المعلنة لقسم من السكان.

في الـ 16 من شهر حزيران/جوان الجاري، أعلنت الولاية عن إطلاق حملة يشارك فيها إطارات وزارة الطاقة، وأساتذة جامعيون من جامعة بجاية وباحثون في مجال النشاطات المنجمية ومجال البيئة والصحة مع المنتخبين المحليين وممثلي المجتمع المدني، والباحثين والاقتصاديين للترويج لأهمية المشروع المقرر أن يشرع في الإنتاج في 2025، لعزل الأطراف التي تراهن على توقيف المشروع .

وفي هذا السياق قال النائب ماسينيسا والي في تصريح لـ"الترا جزائر"، إن السلطات المحلية  تعمل على تذليل كل الصعوبات بمعية ممثلي الولاية في المجالس المنتحبة وأفاد البرلماني المنتمي للمستقلين أن عملًا مركزًا يجري لإقناع المترددين والمتخوفين من المشروع، بمن في ذلك التنقل إليهم ومحاورتهم".

هاجس اقتلاع الجذور

وتتمركز المعارضة في القرى الموجودة في منطقة الاستغلال ومحيطها، منها قرية آيت بوزيد الواقعة على حدود المنطقة المنجمية، حيث دعا سكانها في في بيان مرفق بتوقيعات ما يقرب من 100 مواطن في 26 أيار/ماي السلطات للتخلي عن المشروع  بمبرر "الأضرار الاجتماعية والبيئية والصحية على السكان"، ويشير السكان أساسًا إلى ما يعرف وُصف بـ "اقتلاع الجذور" أو الترحيل القسري عن أراضيهم إلى مناطق أخرى، وفي الخلفية أيضًا قلة العرض المالي المقدم سابقًا من السلطات لتعويض الممتلكات بما فيها من أشجار الزيتون المثمرة وأهميّتها الاجتماعية ورمزيتها في المنطقة.

وبحسب أحد نواب البرلمان ( طلب عدم الإفصاح عن هويته)، فإن مطالب السكان شرعية؛ فالجزائر تتوفر على ثورات معدنية وأحفورية تغنيها عن تدمير منطقة عمرانية وتهجير سكانها.

من جهتهم، أكد المشرفون على المشروع ووزارة الطاقة أنه ستستخدم تقنيات حديثة غير ملوثة ولا تشكل أي خطر على استقرار الأرضية أو المياه الجوفية"، تتضمن خفض الانبعاثات ومعالجة المواد الملوثة والتحكم في الردوم التي سيعاد استعمالها في تمهيد الطرقات وإعادة تهيئة الموقع.

 ولادة قيصيرية

منجم الزنك والرصاص بولاية بجاية، اكتشف في سنوات الثمانين من قبل الشركة الجزائرية للأبحاث المنجمية بمساعدة مهندسين روس ، ولكن استغلاله الذي كان مقررًا في سنوات الـ 90 من القرن الماضي لم يجسد، ثم استأنفت المحاولات المتعثرة في مطلع الالفية الجديدة بالموازاة مع إصدار قانون المناجم الجديد (2001)، الذي فتح القطاع أمام المستثمرين الأجانب.

وفي 2006 اطلقت دراسة جدوى اكتملت في 2010 ، لكن تعقيدات منها عدم التوافق على  طريقة وتقنيات الاستخراج  ومعارضة السكان وضعف القدرات المالية للشريك الأسترالي الذي حاز على رخصة البحث والاستكشاف في 2006  قوضت خطط استغلاله،

ورغم تراجع الاهتمام العلني به ، تواصلت الاستعدادات  التقنية للشروع في استغلاله ،و مع وصول الرئيس عبد المجيد تبون للحكومة أعطت السلطات أهمية كبيرة له، فتضمن مخطط عمل حكومة عبد العزيز جراد(فيفري 2020/جويلية2021) تطوير واستغلال المنجم وتجدد الالتزام في مخطط حكومة أيمن عبد الرحمن التي خلفتها. حيث أعلنت عن وضع برنامج متعدد السنوات للدراسات والبحث المنجمي الرامي لتثمين المواد المنجمية عبر تطوير مشاريع مهيكلة تضم منجم الحديد غار جبيلات والفوسفات والزنك بوادي اميزور.

وترجم هذا الالتزام ببعث المشروع ،فجاء الاستراليون بإخبار مفرحة بحشد أموالٍ مهمة لبعث المشروع مع إعادة هيكلة حصص الشركاء في 2022، والحصول على رخصة الاستغلال.

و في اجتماع مجلس الوزراء لـ 14 أيار/ماي  أمر الرئيس تبون، بـ"تسريع وتيرة إنجاز المشروع  وبتقليص كل الآجال المتعلقة بالورشات التقنية الفرعية، لتسريع دخول المشروع قيد الاستغلال خاصة وأنه تجاوز مرحلة التسويات الإدارية وبـ"اعتماد نظام الفرق في العمل، على مدار 24 ساعة، لتحقيق تقدم الأشغال لما له من أثر إيجابي على المستوى الوطني".

بجاية قطب صناعي صاعد

ومن شأن هذا المشروع تعزيز مكانة الجزائر كمصدر للمعادن، وتجسيد خطط تنويع الصادرات حيث يتوقع أن يذر المشروع مداخيل تقدر  بـ10 ملايير دولار.

و قالت وزارة الطاقة الجزائرية في بيان لها في قبل شهر  ان المشروع  سيذر من خلال إمكانياته المنجمية القابلة للاستغلال والمقدرة ب34 مليون طن و إنتاج سنوي يقدر بـ 170 ألف طن من مركز الزنك، مداخيل كبيرة وتقليص فاتورة الاستيراد من أجل تلبية الاحتياجات الوطنية والرفع من المداخيل بالعملة الصعبة عبر تصدير فائض الإنتاج.

 وسيشكل حسبها فرصة لأصحاب الشهادات الجامعية والمتخرجين من مراكز التكوين المهني عبر توفير حوالي 700 منصب شغل مباشر دون احتساب تأثيره الإيجابي على التنمية الاقتصادية للمنطقة.

تلعب السلطات في هذا السياق على المكاسب الضخمة التي ستحققها ولاية بجاية 

وتلعب السلطات في هذا السياق على المكاسب الضخمة التي ستحققها الولاية التي تمضي قدما لتصبح قطب اقتصادي رئيسي في الجزائر ، فإلى جانب كونها وجهة سياحية رئيسية  تتوفر على مئات الهياكل، فهي تحتضن عدة مشاريع للتطوير العقاري وفي الصناعة التحويلية أهمها مصنع "سيفيتال" للزيوت ومركب تكسير الزيوت الذي افتتح في أيار/ماي الماضي، الى جانب مصانع المواد الغذائية والميكانيكية وميناء نفطي. وتخطط الشركة المستغلة لبناء مصنع لمعالجة معدن الرصاص والزنك في المنطقة في غضون أعوام. حسب ما ذكرته مديرة المشروع  السيدة مريم تواتيلا، في تصريحات لها نقلتها وكالة الانباء الجزائرية في شباط/فيفري الماضي.