20-يوليو-2023
سياح في تونس (تصوير: ياسين غديري/الأناضول)

سياح في تونس (تصوير: ياسين غديري/الأناضول)

زار أكثر من 1.1 مليون جزائري تونس خلال ستة أشهر الأولى من سنة 2023، ليتأكد بذلك بقاء الجارة الشرقية كأحد الوجهات السياحية المفضلة للجزائريين، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى الاهتمام بالسياحة الداخلية، وما مدى نجاح الحملة التي وضعتها الحكومة العام الماضي لجعل الأماكن السياحية الجزائرية ضمن الوجهات الجديرة بالزيارة من قبل مواطنيها؟.

رئيس جمعية وكلات السياحة لـ "الترا جزائر": أعداد الجزائريين الذين يقصدون تونس تراجعت جراء ارتفاع الأسعار عالميًا بعد الجائحة

ورغم حديث الحكومة المتواصل عن جعل السياحة قطاعًا مساهمًا في الدخل القومي بنسبة كبيرة مثلما يحدث في كل الدول، إلا أن هذه الأهداف تظل مجرد كلام ولا تتماشى مع الإمكانات السياحة التي يتوفر عليها بلد بحجم قارة.

استقطاب متواصل

قال وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين عقب لقاء جمعه بسفير الجزائر بتونس عزوز باعلال إن بلاده استقبلت هذا العام  إلى نهاية حزيران/ جوان الماضي مليون و 131 ألف سائح جزائري، وهي مستعدة لتأمين أفضل ظروف الاستقبال للسياح الجزائريين وتسهيل إجراءات الدخول.

وبحث المسؤولان عددًا من المسائل التي تخص التعاون بين البلدين خاصة في مجالي السياحة والصناعات التقليدية، منها مقترحا يتعلق بإمكانية برمجة رحلات الجالية الجزائرية بفرنسا نحو مطار توزر نفطة الدولي  التونسي، مع إمكانية قضاء عطلتهم هناك، ثم التحول إلى الجزائر.

 واستعرض اللقاء إمكانية التعاون لإحداث مسالك سياحية مشتركة خاصة فيما يتعلق بالسياحة الصحراوية والثقافية وتنسيق المشاركة في التظاهرات والصالونات الدولية.

وذكر بلحسين بالمناسبة بمتانة العلاقات التاريخية التي تجمع الشعبين التونسي والجزائري والإرادة المشتركة لقيادتي البلدين لبناء شراكة إستراتيجية في القطاعات الواعدة ومن أهمها قطاعي السياحة والتعليم العالي .

وبدوره، أشار السفير الجزائري إلى أن قطاعي السياحة والتعليم العالي يشهدان ديناميكية متميزة على مستوى التعاون الثنائي وهما من القطاعات التي تعتمد على الموارد البشرية المؤهلة.

من جهته، قال رئيس الجمعية الوطنية لوكالات السياحة والأسفار محمد أمين برجم لـ"الترا جزائر"، إن تونس تبقى ضمن الوجهات الخارجية المفضلة للسياح الجزائريين، بالنظر إلى قرب المسافة، وتنافسية الأسعار،ملفتا في الوقت ذاته أن الأرقام المقدمة تبقى أقل مما كان يسجل قبل جائحة كورونا، إذ أن أعداد الجزائريين الذين يقصدون تونس تراجعت جراء ارتفاع الأسعار عالميًا بعد الجائحة.

وتتحدث أرقام غير رسمية إلى أن اكثر من 2.5 مليون جزائري كانوا يزورون تونس قبل جائحة كورونا.

تغير

ويرفض بلرجم أن تفهم الأرقام المقدمة من وزير السياحة التونسي على أنها دليل لفشل، حملات  تشجيع السياحة الداخلية في الجزائر، بالنظر إلى أن الإغلاق الذي شهده العالم جراء الجائحة منذ 2020  غير المعادلة، وسمح للجزائريين باكتشاف بلادهم التي صارت من الوجهات التي يقصدونها في السنوات الأخيرة، بالرغم من المشاكل المتعلقة بضعف عدد الأسرّة التي لا تزيد عن 170 ألف سرير، وارتفاع تكلفة الفنادق، وبالخصوص في الولايات الساحلية، والتي تتطلب مراجعة.

وقبل أيام، قال وزير السياحة مختار ديدوش إن طاقة الاستقبال الوطنية بلغت 1.590 مؤسسة سياحية وفندقية توفر 146.500 سرير، فيما ارتفع عدد الوكالات السياحية إلى ما يقارب 4.800 وكالة معتمدة وكذا أكثر من 200 دليل في السياحة.

وفي فصل الصيف، يساهم المواطنون بكراء منازلهم بالولايات السياحية في زيادة طاقة الاستقبال حتى وإن بقت العملية تتم في الغالب خارج الإطار القانوني.

وفي مجال المشاريع الاستثمارية السياحية التي هي في طور الإنجاز تم إحصاء -حسب الوزير- 734 مشروع توفر 90460 سرير و25730 منصب شغل بتكلفة إنجاز إجمالية قدرها 560 مليار دينار، مشيرا إلى وجود 32 محطة حموية و3 مراكز للمعالجة بمياه البحر، إضافة إلى 24 مشروع في طور الإنجاز في مجال الاستثمار الحموي.

وحسب ممثل وكالات السياحة والأسفار، فإن الجزائر كانت وجهة سياحية ثانوية لأبنائها، إلا أنها أصبحت من الوجهات المهمة بعد الجائحة، وذلك بفضل عدة عوامل منها الإجراءات المتخذة من قبل السلطات بشأن تحويل الاقامات الجامعية في الفترة الصيفية كمراكز لاستقبال للعائلات ذات الدخل الضعيف، والسماح للعائلات بتأجير منازلها للسياح.

وأشار بلرجم إلى أنه في السنوات السابقة كانت  المؤسسات الفندقية في الجزائر شبه فارغة حتى في فصل الصيف، لكن اليوم كل الفنادق بالولايات الساحلية محجوزة بنسبة لا تقل عن 75 بالمئة على الأقل، وهو ما يعني أن هناك توجهًا للسياحة الداخلية.

وأشار المتحدث إلى أن احتضان الجزائر لمنافسات دولية عقب جائحة كورونا كالألعاب المتوسطية والعربية وكأس أفريقيا لللاعبين المحليين ساهم هو الآخر في التعريف بالجزائر كوجهة سياحية مختلفة ومتنوعة، دون أن ننسى دور المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يساهم البعض منهم في التعريف بالسياحة الجزائرية.

تحسين أكثر

قبل عام من الآن، أعلنت الحكومة أنها تعمل على تحضير مرسوم تنفيذي جديد هدفه تسقيف أسعار الفنادق حسب درجات تصنيفهم، بهدف تشجيع السياحة الداخلية، لكن هذا القانون الذي انتظره الجميع لم يعرف مصيره حتى الآن، إذ لم يتم الإعلان عن صدوره من طرف الحكومة، لا يُرفإن كانت تخلت عنه، وهو الذي كان  ينتظر ان يساهم في ضبط أسعار المؤسسات الفندقية بالجزائر التي ما تزال فوضوية ولا تخضع للمعايير المتعارف عليها دوليًا، والمتعلقة بدرجة التصنيف وموسم الاستقبال، إذ أن أسعار الموسم السياحي تختلف عن باقي الأيام الأخرى، وهو ما ليس موجودا في الجزائر.

ويرى رئيس الجمعية الوطنية لوكالات السياحة والأسفار محمد أمين برجم أن هناك تحسنًا في أسعار الاستقبال في الجزائر مما شجع على السياحة الداخلية وحتى الأجنبية، غير أنها تبقى أعلى من تلك المقترحة بالدول التي يسافر لها الجزائريين.

وحسب بلرجم، فإن صعوبة الحصول على ثقة السائح الجزائري تتمثل في أنه اكتشف الخارج قبل الداخل، لذلك على المؤسسات السياحية والفندقية العمل على توفير أحسن الخدمات لكي تكون منافسة لما هو موجود خارجيا، وبالخصوص بعد تصالح الجزائري مع المنتج السياحي الداخلي بعد جائحة كورونا.

ويعتقد بلرجم أن الجزائر يمكنها أن تصبح رائدة في مجال السياحة العائلية، بالنظر إلى أن الجزائريين يذهبون إلى عطلهم الصيفية ضمن أفراد العائلة الكاملة، إضافة إلى أن طبيعة المجتمع الجزائري والخدمات المقدمة تصب في هذه الخانة، وهو ما جعلها في الفترة الأخيرة مقصدا للعائلات الليبية التي تحل بالجزائر في مجموعات وقوافل متوالية.

ويدعو بلرجم هنا إلى العمل على توفير مركّبات سياحية بغرفتين لتتماشى مع متطلبات السائح الجزائري وحتى الأجنبي، إضافة إلى تسهيل كراء المنازل للسياح بتخفيف الإجراءات الإدارية، وكذا تعميم قرار منح التأشيرة الذي طبق هذا العام بولايات الجنوب، ليشمل المناطق السياحية أيضًا.

محمد أمين برجم: تونس تبقى ضمن الوجهات الخارجية المفضلة للسياح الجزائريين

وإذا كان بلرجم يقر بأن تونس وتركيا وشرم الشيخ المصرية تظلّ أفضل الوجهات الخارجية للجزائريين، فإنه يشير أيضًا إلى تحسن في أداء قطاع السياحة الجزائري حتى ولو كان ما تزال نتائجه دون الأهداف المطلوبة، ولا تتماشى مع الإمكانات السياحية الفريدة للجزائر.