07-فبراير-2023

سوق السكوار بالعاصمة (فيسبوك/الترا جزائر)

في حركة معاكسة، وبعدما كان سعر صرف العملات الأجنبية ينخفض تدريجيًا خلال الأشهر الماضية، عرف ارتفاعًا في السوق الموازية خلال هذه الأيام، في مقابل تحسنٍ طفيفٍ في أسعاره على مستوى التعاملات الرسمية.

يُرجع عدد من نشطاء سوق "السكوار" سبب ارتفاع الأورو إلى رغبة مالكي الأموال في تحويل مدخراتهم للعملة الصعبة خوفًا من الملاحقة

يشهد سعر الأورو في السوق الموازية منحىً تصاعديًا منذ أسبوعين تقريبًا، إذا ارتفع سعر الأورو الواحد مباشرة من 215/219 دينار إلى 223/224 دينار، فيما عرف سعر صرف الدولار مقابل الدينار ارتفاعًا طفيفًا، حيث يقابل الدولار الواحد 206 دنانير، وبحسب البنك المركزي فإن الدولار الواحد يساوي 135.6 دينارًا والأورو 147 دينارًا جزائريًا.

الأسباب المجهولة

في هذا السياق، حاولت "التر جزائر" رصد الأسباب التي رفعت سعر صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الموازية، وإن غابت التفسيرات الاقتصادية لدى تجار العملة الصعبة في البلاد، فقد تباينت الآراء بين من يرجعها إلى ارتفاع الطلب وتزايد الرحلات إلى الخارج، وبين من يربطها بالاحتكار وغياب المنافسة.

إلى هنا، يعتقد نُشطاء في مجال صرف "الدوفيز" في السوق السوداء، أن أسباب ارتفاع العملة الأجنبية لا تبدو واضحة، وعلل البعض ضبابية ارتفاع سعر الصرف العملات العالمية أمام العملة الوطنية إلى عدم وجود أي معايير اقتصادية ومصرفية، تُمكّن المختص من تفسير وفهم أسباب ارتفاع سعر الصرف مقابل الدينار؛ فالسوق السوداء للعملات الأجنبية، حسبهم، تخضع إلى قواعد غير ثابتة وغير شفافة وتستجيب إلى "البروباغندا" أو الدعاية، إضافة إلى احتكار السوق من طرف كبار النشطاء في مجال صرف العملات الأجنبية.

نقص التدفقات المالية

من جهتهم، كشف بعض تجار العملة الصعبة في السوق السوداء، أن السوق تشهد خلال هذا الفترة نقصًا في تدفق الأورو والدولار في السوق السوداء، وبالتالي نقصًا في السيولة المالية للعملات الأجنبية، حيث يعترف بعض من تواصلت معهم "التر جزائر" أن العملة الصعبة أحيانًا تكون غير متوفّرة بشكل كافٍ تستجيب إلى الطلب.

لكن يُقرّ البعض أن الارتفاع لا يكون بنسبة محسوسة تؤثر سلبًا على سوق الصرف، هنا، يؤكد فؤاد، وهو أحد تجار العملة الصعبة أن الطلب خلال هذه الفترة عادة لا يعرف إقبالًا كبيًرا، خصوصًا في ظلّ تراجع نشاط الاستيراد ومنع عديد المواد المستوردة، والتضييق على تجارة الشنطة خصوصًا الهواتف النقالة.

تكهنات السوق السوداء.

من جهته، تتداول تكهنات عن ارتفاع محسوس ومفاجئ لسعر الأورو، ومن بين تلك التخمينات، يقول محمد وهو أحد النشطاء في تجارة العملة الصعبة، إنه ورد مؤخرًا أن هناك هرولة أصحاب "الشكارة" ومالكي ملايين الدينارات إلى شراء العملات الأجنبية، وأضاف أن ما زاد حالة الهلع هو تحذير وتعقب السلطات لمن يختزن أموال هائلة نقدًا خارج القطاع المصرفي الرسمي، وسقوط بعض الأسماء وتداول بعض الصور على مواقع التواصل الاجتماعي.

من جانبه، لا يستبعد محمد هذا السبب، غير أنه كشف أن تجار العملة الصعبة في السوق السوداء عادة لا يتعاملون مع أطراف مشبوهة المصدر، وغير مشهود لهم بالنشاط التجاري.

في السياق، يبقى احتمال ارتفاع العملة الصعبة في السوق السوداء خلال الفترة الأخيرة، إلى مؤشرات فتح استيراد السيارات المستعملة الأقل من ثلاث سنوات، وبالتالي وجود ارتفاع الطلب على شراء العملة الصعبة احترازًا واكتنازًا إلى غاية فتح السوق أمام الاستيراد.

بيد أن بعض النشطاء لم يلفت انتباههم وجود عينة من هؤلاء الزبائن الجدد، وذكر محمد أن الطلب على العملة الصعبة من طرف تجار السيارات المستوردة والخواص من الخارج لم يتوقف يومًا، كاشفًا عن إحصائيات رسمية أن عدد السيارات المستوردة من الخارج من طرف الخواص بلغت حوالي 10 آلاف سيارة جديدة سنة 2022، وغالبًا ما يلجأ الخواص إلى السوق السوداء لاقتناء العملة.

موسم أداء مناسك العمرة

في سياق متصل، يبرّر البعض ارتفاع العملة الصعبة أمام الدينار، إلى عودة النشاط السياحي الديني وإعادة فتح العديد من الوكالات السياحية التي تنشط في مجال الترويج لي عروض أداء مناسك العمرة، بعد تجميد نشاطهم لمدة سنتين تقريبًا بسبب جائحة كورونا.

إلى هنا، يعترف صاحب وكالة سياحية لـ "التر جزائر" أن موسم العمرة لهذا السنة يشهد إقبالًا كبيرًا من طرف المواطنين، خصوصا عروض واقتراب شهر رمضان الكريم.

لكن وفي غياب أرقام وإحصائيات دقيقة عن حركة رؤوس الأموال بالعملة الصعبة، في مجال السياحة الدينية وأداء مناسك العمرة، يصعب التكهن بانعكاس ارتفاع أسعار الدولار والأورو بسبب أداء فريضة الحج أو مناسك العمرة.

تبقى كل القراءات عن أسباب ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق السوداء واردة ومحتملة

وعلى العموم، تبقى كل القراءات عن أسباب ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق السوداء واردة ومحتملة، كونها تخضع إلى ظروف السوق ومحتكري النشاط الموازي، الذين يعملون على تجويع السوق وإحداث ندرة في النقد الأجنبي داخل السوق غير الرسمية، ما يتطلب تنظيم وتأطير سوق الصرف بمقاربة أكثر واقعية وتدرج زمني من أجل امتصاص أموال السوق الموازية.