رغم قلة الإنتاج الدرامي والترفيهي في التلفزيونات الجزائرية مقارنة بالدول العربية الأخرى، إلا أنه في كل رمضان تعود للشاشات برامج "توك شو" الخاصة بتقييم الأعمال المعروضة على مختلف القنوات في الشهر الفضيل، وهي البرامج التي تقدم نفسها كناقد للإنتاج السمعي البصري المقدم هذه الأيام.
هذه البرامج غالبًا ما ينشطها صحافيون مختصون في المجال السياسي، ما يضفي على المنتوج المقدم نوعًا من الجدية على عكس ذلك المقدم من قبل مذيعين وصحفيين معروفين في المجال الترفيهي
وبالنظر إلى عدد المشاهدات التي تحققه سنويًا على منصات التواصل الاجتماعي، فقد صار هذا الطابع من البرامج في الشاشات الجزائرية قطعة أساسية وحتمية في الشبكة البرامجية الرمضانية لمعظم القنوات، رغم الانتقاد الذي يوجه لها في بعض الأحيان من حيث الشكل والمضمون.
اهتمامات الجمهور الجزائري
لم تمنع كثرة البرامج الرمضانية في الجزائر وخارجها في رمضان سواءً الدرامية أو الدينية أو الترفيهية، المشاهد الجزائري من متابعة برامج النقاش و"الموائد المستديرة" التي تعرض هذه الأيام، ويكون أساس محتواها الإنتاج الرمضاني من الدراما والفكاهة إلى الكاميرا الخفية والبرامج الدينية، وحتى الرياضية وبعض الملفات السياسية الاستثنائية التي يتم طرحها وبالخصوص في القنوات الإخبارية.
وبالنظر إلى ما يعرض حتى الآن، نجد برنامج "بريفينغ" على قناة البلاد، وبرنامج "حنا في رمضان " (نحن في رمضان)على الشروق نيوز، و"زابينغ رمضان " على النهار ضمن أهم البرامج من هذا النوع.
وتحقق هذه البرامج رغم طابعها الجدي مقارنة بنظيرتها التي تعرض على القنوات العامة نسب مشاهدة هامة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالخصوص فيسبوك ويوتيوب، بل إن بعض حلقاتها تصنع الحدث وتصير محل اهتمام الرأي العام، لتصبح بعض لقطاتها أكثر تداولا على المنصات الرقمية.
وإضافة إلى البرامج السالفة الذكر التي تقدم في طابع يميل إلى الجدية بما أنها تعرض على تلفزيونات إخبارية، تهتم القنوات العامة أيضًا بما يقدم يوميًا من دراما رمضان، لنجد برامج " ما تقول حتى لواحد" أي لا تقل لأي أحد على الشروق و" رانا سهرانين" على البلاد وبرنامج "ما عندنا حاجة" (لسنا مبالين) على قناة الهداف و"تري كومند" (ارمي آلة التحكم) على "بي تي في" و "قصر الباهية" على "الباهية تي في" هي الأخرى مهتمة بمعالجة ومناقشة محتويات الشبكة البرامجية حتى وإن أرفقت أحيانا بطابع هزلي وساخر وفكاهي، وحتى أيضًا إن كانت القناة مهتمة بالرياضة فقط.
وتهدف كل هذه البرامج بشقيها الإخباري والترفيهي إلى تحقيق هدف واحد هو جذب انتباه الجمهور سواءً على الشاشة أو عبر الإنترنيت، بالنظر إلى أن التجربة أثبتت أن هذه البرامج تشد الجزائريين، حسب ما سجل في السنوات الماضية، حينما كانت هذه البرامج مقتصرة على قنوات معينة، إلا أن اليوم صار هذا المحتوى موجود في أغلب القنوات، إذا ما استثنينا بعض قنوات التلفزيون الحكومي.
ترويج البرامج
بالنسبة للقنوات التي لها إنتاج كثير في رمضان، تدخل هذه البرامج أيضًا ضمن خططها التسويقية، بحيث تركز في الغالب على نقد ومتابعة حبكة المسلسلات التي تعرض على شاشتها، والإشادة بالتفاعل الذي تلقاه برامجها، خاصة تلك التي تحقق متابعات قياسية تفوق المليون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعتمد القنوات في عملية الترويج على استضافة أبطال الأعمال الدرامية المعروضة عليها في برامج "توك شو" وإبراز مسارهم الفني حتى ولو كان قصيرًا، وتقديمهم للجمهور كأنهم ممثلين فريدين، مع نقد بعض الأعمال المنافسة بطريقة قد تحمل في بعض الحالات إظهار الجانب السلبي أكثر من الإيجابي.
وترفق هذه العملية بأخرى مماثلة على مواقع التواصل الاجتماعي، تنشر خلالها البرامج وبعض مقاطعها لأكثر من مرة، وذلك بالاستعانة أحيانا بالخلافات بين الممثلين والمغنين وكل أهل الفن.
وما يساهم في الترويج لهذه الأعمال السمعية البصرية هو أن هذه البرامج غالبًا ما ينشطها صحافيون مختصون في المجال السياسي، ما يضفي على المنتوج المقدم نوعًا من الجدية على عكس ذلك المقدم من قبل مذيعين وصحفيين معروفين في المجال الترفيهي.
نقد؟
رغم استعانة برامج "توك شو" التي تناقش مضمون الشاشة الصغيرة في رمضان بمعلقين سواء كانوا صحفيين مهتمين بالشأن الثقافي أو ممثلين أو مخرجين يبقى التساؤل إن كان المحتوى المقدم يرقى إلى أن يكون نقدا فنيا مكتمل الجوانب.
وفي الغالب، لا تستطيع مختلف البرامج تحقيق الوصول إلى النقد الفني المقبول أو المتوسط، بالنظر إلى افتقاد هذه البرامج في معلقيها إلى نقاد حقيقيين إلا ما ندر، حيث لا ترتقي وجهة نظر الصحفي أو الممثل من الناحية المنهجية إلى مستوى الناقد حتى وإن توافقت مع نظرة هذا الأخير.
رجع البعض عدم الاستعانة بنقاد حقيقيين إلى غياب هذا التخصص في الجزائر بشكل مستقل
ويرجع البعض عدم الاستعانة بنقاد حقيقيين إلى غياب هذا التخصص في الجزائر بشكل مستقل لأن من يمارسونه يكونون غالبًا إما مخرجين أو ممثلين أو صحفيين، وقليل منهم من تلقى تكوينا خاصا في النقد التلفزيوني والفني، لذلك يبقى محتوى هذه البرامج التي تظل صبغة جزائرية بامتياز على الشاشات التلفزيونية مقارنة بدول عربية كثيرة مجرد متابعة للحدث الدرامي في الشهر الفضيل، والتي تبقى رخم صغر التجربة الجزائرية في ميدان السمعي البصري الخاص تحظى بمتابعات معتبرة من قبل الجمهور حتى اليوم.