04-أبريل-2024

أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس الرابع من نيسان/أفريل 2024، فرنسا، بسبب ظروف العيش "المخالفة لاحترام الكرامة البشرية" في مخيمات "الحركيين" الذين قضوا فيها سنوات بعد إجلائهم من الجزائر.

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: فرنسا انتهكت منع إخضاع مواطنيها لمعاملة غير إنسانية أو مذلة

ورأت المحكمة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية أنّ "فرنسا انتهكت منع إخضاع مواطنيها لمعاملة غير إنسانية أو مذلة"، معتبرة بالتالي أن "قيمة التعويضات التي قضت بها محاكم فرنسية لهم كانت غير كافية".

ومع استقلال الجزائر في الخامس من تموز/جويلية 1962، نُقل، الآلاف من الحركى مع عائلاتهم إلى فرنسا ووضعوا في "مخيمات مؤقتة"، لا تتوفّر على ظروف العيش الكريم التي تركت ندوبا لا تمحى، وفق ما أفادت "فرانس برس."

وعانى الحركى الذين استطاعوا مغادرة الجزائر إلى فرنسا، من سوء معاملة وعنصرية من جانب الفرنسيين، وبعضهم سكن في محتشدات لا تليق بعيش الآدميين، رغم وقوفهم مع فرنسا ضد أبناء بلدهم.

وتتحرك هذه الفئة منذ زمن طويل للاعتراف بخدماتها لصالح الدولة الفرنسية، لكن كل الحكومات، حتى المحسوبة على اليمين المتعاطف معهم، كانت تكتفي بلفتات رمزية دون أن تعالج ما يعتبرها الحركى مأساتهم الوطنية.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدث منذ سنوات عن قانون لتعويض الحركيين عما ألم بهم، ويعترف هذا القانون بالمعاناة والتضحيات التي تعرضوا لها.

وفي 2022، قدّم، المؤرّخ بينجامين ستورا للرئيس الفرنسي تقريرًا عن ملف الذاكرة المشتركة بين البلدين.

ومن المقترحات التي تضمّنها تقرير ستورا اقتراح يوم 25 أيلول/سبتمبر يوما لتكريم الحركى، مع اقتراحه أيضًا "إيجاد أرضية للتفاوض مع الجزائر حول تنقل الحركى وعائلاتهم بين البلدين".

وهنا، تُعتبَر قضية الحركى حساسة جدًا في الجزائر، إذ رفضت البلاد منذ الاستقلال السماح لهم بزيارة مسقط رأسهم، بسبب الجراح العميقة التي تتسببوا فيها لأبناء بلدهم بانحيازهم إلى جانب المستعمر خلال الثورة التحريرية. كما يعتبرون في نظر الجزائريين "خونة".

والحركيون مقاتلون سابقون يصل عددهم إلى 200 ألف جندوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال الثورة الجزائرية (1954-1962).

وكان الرئيس عبد المجيد تبون، أكّد، في آخر حوار له مع الصحافة الوطنية، نهاية آذار/مارس الماضي، تمسّكه بالذاكرة الوطنية، مؤكدًا أنّ اللقاء المرتقب مع نظيره الفرنسي سيكون "موعدًا مع التاريخ."

وقال الرئيس تبون، إنّ "زيارتي إلى فرنسا لا تزال قائمة ولقائي مع الرئيس ماكرون هو موعد مع التاريخ"، مردفًا: "سننظر إلى الأمور كما يجب أن نراها وليس عاطفيًا. نحن اليوم في مرحلة إعادة التأسيس للعلاقات بين البلدين".

كما شدّد على "التمسك بالذاكرة الوطنية وبواجب الوفاء لشهداء المقاومة الوطنية والثورة التحريرية المجيدة"، متابعًا: "هناك فريق يعمل على ملف الذاكرة ولن نتخلى عنها."

ويُرتقب أن يقوم الرئيس عبد المجيد تبون بزيارة دولة إلى فرنسا "في نهاية أيلول/سبتمبر وبداية تشرين الأول/أكتوبر"، حسبما أعلنت الرئاسة الفرنسية قبل أسبوعين، عقب اتصال هاتفي بين تبون وماكرون.