27-نوفمبر-2019

مرشحو الرئاسيات تطرّقوا إلى فتح الحدود مع المغرب في حملتهم الانتخابية (صحيفة العرب)

شغلت العلاقات بين الجزائر والمغرب حيّزًا مهمًّا من خطابات المرشّحين للرئاسة في الجزائر، خاصّة عند زيارتهم إلى المناطق الحدودية مع المغرب مثل تملسان وبشار، إذ ركّزت هذه الخطابات في إطار الحملة الانتخابية على عدّة نقاط خلافية في أبعاد العلاقات الثنائية بين البلدين، تعد حجر الزاوية في الملفات العالقة بين البلدين منذ عشريتين تقريبًا.

تظلّ قضية فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب، أولى القضايا التي أثيرت من قبل المرشّحين للرئاسة

فتح الحدود

تظلّ قضية فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب، أولى الملفات التي أثيرت من قبل المرشّحين للرئاسة. إذ بقيت هذ القضية عالقة منذ أن أغلقت الحدود في عام 1995، بعد تفجير إرهابي استهدف فندق أطلس آسني بمراكش المغربية، إذ تعتبر هذه الحادثة، أبرز ما وتّر العلاقات بين البلدين منذ ما يقارب ربع قرن من الزمن.

اقرأ/ي أيضًا: انفراج محتمل بين المغرب والجزائر.. هل تصلح كرة القدم ما أفسدته السياسة؟

حول هذه المسألة، اشترط المرشّح المستقل عبد المجيد تبون عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل 1995 أن "تقدّم الرباط اعتذارًا رسميًا قبل فتح للحدود" إذ قال أنه من الواجب "على المغرب أن يطلب الاعتذار من الشعب الجزائري كشرط لفتح الحدود بين البلدين"، وبذلك ترك رئيس الحكومة السابق، الباب مواربًا من منظوره السياسي حول القضية والدعائي خلال فترة الحملة الانتخابية، معبّرًا عن ذلك بقوله إن "الحدود يمكن أن تفتح يومًا ما، لكن على المغرب أن يعتذر للجزائر"، نافيًا أن تكون الحدود قد أغلقت بسبب قضية الصحراء، وإنما "بسبب تفجير مراكش الإرهابي الذي نفذه إرهابيون مغاربة، بينما أرادت السلطات المغربية إلصاق التهمة بالجزائريين".

في السياق نفسه، قال المرشح الرئاسي عبد العزيز بلعيد، في تجمّع شعبي بولاية تلمسان غرب العاصمة إنه في حال تمكنه من الفوز بـ"ثقة الشعب ووصلت إلى كرسي الرئاسة، سأفتح باب الحوار مع دول الجوار"، وشرح بلعيد أن "فتح الحدود يتمّ بشروط تتعلق بالتزام مشترك بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية ومعالجة المسائل العالقة، وكذا احترام مواقف الجزائر ومصالح شعبها".

سياسة الجزائر الخارجية

تطرّق المرشّح بلعيد، إلى بعد آخر في علاقات الجزائر والمغرب، يتعلق بقضية الصحراء، إذ اعتبرها "قضية مبدأ" بالنسبة للجزائر، وهي ملتزمة بالقضية الأممية التي تخضع لتقرير المصير، على حدّ قوله.

وتعهد بإعادة بعث الاتحاد المغاربي و إصلاح العلاقات في هذا الحيّز الجغرافي، وتعزيز التعاون في مختلف المجالات، لافتًا إلى أن البلدان يخسران كثيرًا من الناحية الاقتصادية والتجارية بسبب الخلافات وضعف المبادلات التجارية.

 من جانبه، لم يشذ مرشّح حزب طلائع الحرّيات علي بن فليس عن القاعدة بخصوص العلاقات الثنائية مع المغرب، إذ تعهّد هو الآخر ببعث الاتحاد المغاربي، الذي يعتبر بعدًا ثالثًا في علاقات البلدين، وهو ما يتطلّب بحسب بن فليس، إطلاق جولات الحوار مع دول الجوار المغاربي، لإيجاد حلول مشتركة لنقاط الخلاف والقضايا التي تصنع التوتّر في المنطقة.

وقال بن فليس في أحد تجمّعاته بالغرب الجزائري إن قضية الصحراء "ثابت رسخته الثورة الجزائرية"، مضيفًا أن الخلافات بين الدول الجارة من بين كل الخلافات الأخرى تستدعي التركيز عليها والسعي الحثيث لإيجاد حل لها، مستغربًا استمرار القطيعة بين البلدين حتى هذا الوقت، واستطرد المتحّدث "لا يعقل أن الاتصالات واللقاءات على أعلى مستوى في الجزائر والمغرب قد انقطعت تمامًا منذ أزيد من عشريتين، وعليه فإن المشاكل القائمة بين الدولتين مهما كانت صعوبتها ومهما كان تعقيدها، تتطلّب التواصل والتحاور بشأنها من أجل الوصول إلى تسوية مُرضية للطرفين".

 أما النّقطة الرابعة الخلافية التي تعيق إعادة العلاقات بين الجزائر والمغرب، مرتبطة بقضية استمرار تهريب المخدّرات إلى الجزائر، وهي المسألة التي تطرق إليها مرشح حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة قائلًا إن "هناك تصديرًا ممنهجًا لكميّات هائلة من المخدّرات من المغرب إلى الجزائر".

وعبر بن قرينة عن تخوّفه من استمرار التهريب، الذي يحاصر مستقبل الشباب، مقترحًا وضع رؤية لمحاربته إن حظي بثقة الشعب الجزائري.

خلافات مقلقة بين الجزائر والمغرب

تؤثّر هذه الخلافات بين الجزائر والمغرب، على الشعبين كثيرًا، وعائقًا اجتماعيًا واقتصاديًا، إذ يرى متابعون للشأن المغاربي والعلاقات الدولية أن هذه المسائل الأربعة أفشلت أيّة محاولة لإصلاح وترميم العلاقات بين الجهتيين، كما اعتبرها الباحث في العلوم السياسية مصطفى بودهان، الشقوق التي أحدثتها خلفيات أطالت من عمر التوتّر على مستوى العلاقات الثنائية السياسية، موضّحًا لـ"الترا جزائر"، أنها خلافات أثّرت على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

ورغم محاولات القيادات السياسية في كلا البلدين في عدّة مناسبات إلى " رأب الصدع بين الجانبين" غير أنها "ظلّت بيانات مرتبطة بمناسبات، لم تعجّل في حلحلة الأزمة"، يُضيف المتحدث، "لقد أبقت تلك المحاولات الرسمية على ذلك الخدش في عمق العلاقة رغم القرب التاريخي والجغرافي بين البلدين والبعد الاجتماعي بين الشعبين".

أن يتصدّر ملفّ العلاقات الجزائرية المغربية خطاب المرشحين لرئاسة الجزائر، في اعتقاد البعض، هو محاولة لـ"التفاف المرشّحين للرئاسة حول مبدأ الجزائر الراسخ منذ فترة طويلة"،هنا، يقول الباحث في العلاقات الدولية عبد الكريم شملول لـ" الترا جزائر"، أن الخطاب السياسي في الحملة الانتخابية يُعتبر خطوة نحو استقطاب الجزائريين حول "عقيدة دبلوماسية"، سارت عليها الجزائر منذ فترة طويلة في علاقة مع القضايا الخلافية مع المغرب الشقيق، غير أن "العملية فعليًا على الأرض تحتاج إلى رؤية واضحة يطرحها الرئيس القادم"، بعيدًا عن الترويج لبرنامج انتخابي أو دعاية سياسية تذوب مع انتهاء الانتخابات، على حدّ قوله.

من جهتها، أفادت الباحثة الجزائرية في العلاقات المغاربية سعاد قاسمي لـ"الترا جزائر" أن الملف الدبلوماسي مرتبط بمصالح أخرى أبعد من قرار سيادي، يتعلّق بفتح الحدود، خاصّة أنه يتعلق أيضًا بملف تقرير المصير في الصحراء ومشكلة المخدرات العابرة للحدود.

الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تعهّد في أوّل عهدة رئاسية له بحلّ الخلاف مع المغرب

في الحملة الانتخابية، يلعب المرشّحون على عدّة أوتار سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن اللافت أن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تعهّد في أوّل عهدة رئاسية له بحلّ هذا الملفّ الشائك، غير أنه لحد اللحظة بقي هذا الملفّ يراوح مكانه، رغم الروابط التاريخية والاجتماعية بين الشعبين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كأس العالم لكرة القدم.. أهم الحقائق والأرقام في تاريخ البطولة

المغرب تبكي حلم 2026.. ألم الطعنة في الظهر