10-سبتمبر-2023

المؤرّخ بنجامين ستورا (الصورة: Getty)

قبل أيام، نشر المؤرخ الفرنسي بينجامين ستورا، كتاب "الوصول" والذي يروي قصّته من قسنطينة إلى باريس، وكيف تركت عائلته منزلها في مدينة الجسور المعلّقة بعد استقلال الجزائر، إنها قصة طفل كان يلهو في الأزقة الضيّقة لمدينته ليجد نفسه يتحوّل إلى رجل يحتضن حياةً جديدة في مدينة واسعة الشوارع.

ستورا: اكتشفت في باريس نظرة الفرنسيين للأقدام السوداء العائدين من الجزائر

يقول ستورا في حوار مع صحيفة "واست فرانس" واصفًا يوم مغادرة عائلته للجزائر: "كان يوم 12 حزيران/جوان 1962. أتذكر حزن والِدَيّ في المطار، كنت أبلغ من السن 12 عامًا، وأختي أكبر قليلًا، كل واحد منّا يحمل حقيبتين وكلنا نرتدي ملابس دافئة على الرغم من الشمس الساطعة."

ليكمل: "لأكثر من عام، كنت أسمع والديّ يتهامسان لبعضهما البعض، مليئين بالقلق: هل سيرحلان؟ في ذلك اليوم كنا نغادر إلى باريس. كنا نغادر إلى مدينة كبيرة سمعت عنها الكثير، أعجبني الأمر، لكنني لم أتخيل للحظة أننا لن نعود أبدًا إلى قسنطينة".

يمضي المؤرخ المتخصص في تاريخ الثورة الجزائرية في رواية قصة طفولته في مدينة قسنطينة، مُشيرًا إلى أنه عامًا قبل المغادرة "كنت محبوسًا في المنزل. كان هناك عنف في كل مكان، نسمع الانفجارات دون أن نعرف مصدرها، تم غلق المدارس. كان هناك جنود وضباط في كل مكان، بالنسبة لي، كان هذا الرحيل يعني الذهاب إلى بلد ينعم بالسلام، بلا حرب".

كتاب

نزلت الطائرة التي تحمل العائلة ليلًا في باريس، "كان كل شيء مظلمًا، ولم يكن هناك شيء يُضيء. وفي اليوم التالي، تستيقظ في بلد آخر. في صمت، لا تعرف أحداً، لكن يمكنك الخروج والمشي كما تريد. إنه شعور غريب جداً"، يقول بينجامين ستورا.

كان ستورا يتحدث عن غرابة الانتقال إلى باريس بلسان "الفتى الذي كان يُقيم في حي يهودي مسلم، بشوارع ضيقة مكتظة ببعضها البعض. في باريس، كل شيء واسع، ودور السينما والمقاهي في كل مكان. إنها دولة جديدة".

في حياته الجديدة، اكتشف بينجامين ستورا نظرة الفرنسيين للعائدين من الجزائر، معلّقًا: "كانت لدي لهجة "الأقدام السوداء" الواضحة للغاية وحاولت ألّا يُلاحظ الآخرون ذلك، لذا كنت هادئًا، أعمل بجدّ، كما كنت طالبًا مُجتهدًا".

ويُضيف: "هناك سمات مشتركة بين معظم العائد من الجزائر: التشتت، الوحدة، الخوف من عدم العثور على عمل ومسكن، ما هو فريد من نوعه هو مجتمعي الأصلي، يهود قسنطينة، التقليديين للغاية، اكتشفت وجود يهود ملحدين عندما وصلت إلى باريس".