02-سبتمبر-2019

عدلان قديورة، يوسف عطّال، ياسين ابراهيمي، يوسف بلايلي (الترا جزائر)

بعد أن عاد الفريق الوطني الجزائري بالتاج الإفريقي من مصر، توقّع متابعون أن يكون موسم انتقالات "محاربي الصحراء" ساخنًا جدًا؛ وتكهّنوا أنهم سيجلبون أنظار الأندية وكشّافي المواهب، الذين سيسعون للظفر بخدمات اللاعبين الجزائريين.

لم يكن عدلان قديورة وحيدًا في رحلته إلى الدوحة، بل وصل قبله براهيمي الذي اختار التوجّه نحو الدوري القطري

 لكن بعد نهاية فترة "الميركاتو الصيفي"، في غالبية دوريات أوروبا، خابت توقّعات جماهير المنتخب الوطني، ولم يستطع لاعبو "الخضر" الظفر بعقود كبيرة، وعاد السؤال نفسه الذي طُرح بعد مشاركة المنتخب في كأس العالم بالبرازيل إلى الواجهة، لماذا لا تتعاقد الأندية الأوروبية الكبيرة مع نجوم "الخضر"؟

اقرأ/ي أيضًا: الكأس في الجزائر والفرح في فلسطين

رحلة الصيف نحو الخليج..

أثناء كأس إفريقيا، وحين كان "الأفناك" يصنعون مجدًا جديدًا في أرض الكنانة، كانت الصُّحف والمواقع الرياضية المتخصّصة تتناقل أخبار اهتمام أندية أوروبية عريقة بنجوم المنتخب الجزائري؛ حينها تمّ ربط ياسين براهيمي بنادي أرسنال، ومهدي زفّان بـ إسبانيول برشلونة، وعيسى ماندي بذئاب روما، وتحدّثت أوساط عن خلافة يوسف عطّال للبرازيلي داني ألفيس، في نادي باريس سان جيرمان، فيما وضعت بعض التقارير يوسف بلايلي تحت مجهر نادي أسي ميلانو الإيطالي.

لكن مباشرة بعد نهاية المغامرة الإفريقية، وفراغ اللاعبين من فترة راحتهم القصيرة، بدأت تتهاطل الصور الرسمية لإمضاء أبطال إفريقيا في أندية لم يتوقعهاعشّاق "محاربي الصحراء"، حيث اختار عديد الدوليين الجزائريين الوجهة الخليجية التي أصبحت خيارًا مميّزًا في السنوات الأخيرة.

كانت الدوريات الخليجية، ملاذًا للاعبين الجزائريين، حيث كان يختار هؤلاء إنهاء مشوارهم الرياضي هناك والاستفادة من مزايا مادية كانت غير متاحة لهم في أوروبا، وهو ما جعل عدلان قديورة، أحد أحسن اللاعبين في تشكيلة بلماضي في "كان مصر"، يختار نادي الغرّافة القطري، قادمًا من تجربة ثرّية في ملاعب إنجلترا، ليزامل دوليًا جزائريًا آخر، وهو سفيان هنّي "الهارب" من برد موسكو.  

لم يكن عدلان قديورة وحيدًا في رحلته إلى الدوحة، بل وصل قبله ياسين براهيمي الذي اختار مغادرة أوروبا والتوجّه نحو الدوري القطري من بوابة نادي الريان، وهو قرار أثار استغراب الجمهور الجزائري الذي يرى أن اللاعب كان باستطاعته المواصلة في أحد الأندية الأروبية، خاصّة وأنه يبلغ من العمر 28 سنة فقط. لكن يبدو أن اعتبارات كثيرة دفعت براهيمي لهذا القرار، كغياب العروض الرسمية وعدم رغبة نادي بورتو في الاحتفاظ به، دون تجاهل الحوافز المالية التي يمنحها له هذا الاختيار.

من جهته بات الدوري السعودي أيضًا وجهة جديدة للاعب الجزائري، حيث التحق المدافع مهدي تاهرات بنادي أبّها، بينما شكّلت صفقة نجم الخضر يوسف بلايلي خيبة أملٍ للجمهور الرياضي، بعد التحاقه بنادي الهلال السعودي، وهو الذي كان ينتظر المتابعون أن يلفت نظر الأندية الأوروبية بعد أدائه الباهر في كأس إفريقيا.

حركة محتشمة في أوروبا

قد يكون إسماعيل بن ناصر، الملتحق حديثًا بنادي ميلان الإيطالي، الاستثناء الوحيد في صفقات انتقال اللاعبين الجزائريين بعد كأس إفريقيا، فرغم أن عظيم لومبارديا، لم يعد بنفس الهيبة التي كان يتمتّع بها على الصعيد الأوروبي، لكن يبقى من بين الأندية العريقة في تاريخ الساحرة المستديرة.

من جهته، أضاف المدافع رامي بن سبعيني خطوة أخرى في مشواره، بانتقاله من نادي رين الفرنسي إلى بوريسيا مونشنغلادباخ الألماني، وهو النادي الرابع الذي سيحمل ابن قسنطينة ألوانه في ميادين القارة العجوز، وعكس بن ناصر وبن سبعيني، فقد خطى آدم وناس الذي أنهى كأس إفريقيا كهداف للمنتخب، خطوة إلى الوراء، بعد انضمامه إلى نادي نيس قادمًا من عملاق الجنوب الإيطالي نابولي، وقد قدم ونّاس لنادي المدينة الفرنسية في الأيّام الأخيرة من "الميركاتو"، بعد غياب العروض الرسمية رغم كثرة الكلام عنها، وبعد أن أخبره مسؤولو النادي الإيطالي بعدم حاجة النادي لخدماته.

وفي صفقات أخرى، حطّ المهاجم إسلام سليماني الرّحال بنادي إمارة موناكو، بعد موسم فاشل في نادي فينربخشة التركي، بينما اختار زميله مهدي عبيد، الانتقال لنادي نانت، رغم أن تقارير إعلامية نقلت اهتمام مرسيليا به، أمّا الظهير الأيمن مهدي زفّان فبقي بدون فريق لحدّ الساعة.

عقدة تاريخية؟

على عكس لاعبي المنتخب الجزائري، ظفر لاعبون أفارقة لم يتميّزوا كثيرًا في نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة، بعقود مع كبرى الأندية الأوروبية، تجسّد ذلك في صورة انتقال الإيفواري نيكولاس بيبي من نادي ليل الفرنسي إلى نادي أرسنال، في صفقة ناهزت قيمتها 80 مليون يورو، ليُصبح صاحب أغلى عقد في تاريخ الكرة الإفريقية.

لم يعد مسلسل فشل انتقال اللاعبين الجزائريين إلى أندية كبيرة أمرًا جديدًا، بل صار مُرافقًا لكل فترة انتقالات تلي مشاركة الجزائر في منافسات قارّية ودولية، خاصّة بعد أن فشل نجوم المنتخب في لفت أنظار كبار الكرة، بعد الأداء الباهر في مونديال بلاد السامبا عام 2014، والهجرة الشهيرة لنجوم المنتخب نحو دوري نجوم قطر، بعد مشاركتهم في مونديال جنوب إفريقيا سنة 2010.

من جهة أخرى، ينبغي التذكير، أنّ اللاعب الجزائري، ليس وحده فقط من يعاني من مشكلة الاعتراف الأروبي. إذ كثيرًا ما يجد لاعبو شمال إفريقيا صعوبة في العثور على عروض من الأندية الكبيرة، مقارنة مع نظرائهم من  قارة إفريقيا في السنوات الأخيرة، إذ يعدّ رياض محرز ومحمد صلاح استثناءات للاعبين صنعوا لأنفسهم مكانًا ضمن أندية عريقة، يضاف إليهم بدرجة أقلّ، قائد أسود الأطلس المهدي بن عطية. ونتذكّر هنا أيضًا النجوم المصريين الذين سيطروا قرابة عقد من الزمان على بطولة القارة السمراء، لكن قلّة منهم تمكّنوا من لفت أنظار الأندية الكبيرة.

على صعيد آخر، تساهم الأندية المحليّة في تقديم تأشيرة الذهاب إلى الأندية الأوروبية، فقد أضحى نادي بارادو الذي تمتلكه عائلة زطشي، خزّانا حقيقيًا للمواهب الكروية في الجزائر، وأصبح بوّابة  للاحتراف في القارة العجوز ومشتلة للاعبي كرة القدم، بل وصار أمرًا طبيعيًا أن يتحصّل لاعبوه على عقود احتراف في أندية محترفة في الخارج.

بعد يوسف عطّال وبن سبعيني، سيخوض اللاعب هشام بوداوي أوّل تجربة له في أوروبا مع نادي نيس الفرنسي

بعد يوسف عطّال ورامي بن سبعيني، اللذين فرضا نفسيهما كقيمتين ثابتتين في تشكيلة المنتخب، سيخوض نجم الفريق هشام بوداوي أوّل تجربة له في أوروبا مع نادي نيس الفرنسي، وسبقه قبل ذلك هدّاف البطولة الوطنية زكريا نعيجي، الذي وقّع عقدًا مع الصاعد لدوري الأضواء في البرتغال جيل فيسنتي، في انتظار ترسيم انتقال لوصيف لنادي فرنسي، لتقطف أكاديمية هذا نادي بارادو، بعد 12 سنة من التأسيس، ثمار العمل الجدّي والإستراتيجية المدروسة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

يوسفي بلايلي.. مجرّد مدمن على كرة القدم

5 أسباب لتفاؤل الجزائريين في أمم أفريقيا 2017