19-أبريل-2024
(الصورة: فيسبوك)

فريق التحرير - الترا جزائر

يمتلك سائقو السيارات في الجزائر لغة تخاطب فريدة من نوعها، سواءً باستعمال مصابيح السيارات أو أبواقها وماسحات زجاجها، إذ يعمد كثيرون على تبادل معلومات سريعة فيما بينهم أثناء القيادة دون الحاجة إلى التوقف وتبادل الحديث.

إذا كنت في طريق خارج المدينة، وعلقتَ خلف شاحنة تسير ببطئ، سيكون من الصعب عليك التجاوز خاصّة إذا كانت الطريق مليئة بالمنعرجات وكانت الرؤية رديئة، فهل يمكنك التخاطب مع صاحب الشاحنة لمعرفة إن كان الطريق سالكًا؟

يستعمل كثيرون من ذوي الخبرة لغة إشارات السيارات في تمرير رسائل للسائقين الآخرين. إذ أن هذه اللغة في التخاطب ليست موجودة في قانون المرور الجزائري، ولكن ابتكرتها حاجة السائقين في الطرقات للتواصل فيما بينهم لتسهيل حركة المرور أو للتنبيه والتحذير والتعبير عن الشكر والغضب والتحذير وحتى توديع بعضهم بعضًا.

ربما ليس الجزائريون فقط من يستعمل لغة السيارات هذه، فقد يتشاركون بعضها مع كثير من السائقين في دول العالم، ولكن طبعًا لكل بلد خصوصياته، وهناك اتفاق جمعي بين الجزائريين أثناء القيادة، ويبرز ذلك في كثرة استعمالها فيما بينهم، حتى السائق المبتدئ يمكنه تعلمها مع مرور الوقت بالملاحظة والتجربة مع مرور الوقت

لغة الخطر

ربما يكثر استعمال أضواء الخطر أو "مصابيح التأزم" للتنبيه إلى خطر محدق، أو دعوة للسائقين إلى تخفيف السرعة إذ وقع حادث ما أو كان هناك ما يعطّل حركة المرور، أو ربما يستعمله السائق عند التوقف الاضطراري حتى ينبه الآخرين من خلفه بتفاديه، أو حتى عند إصابة السيارة بعطب في الطريق ولا يكون باستطاعة السائق السير بسرعة كافية، وتُستعمل أيضًا أضواء الخطر حين يكون السائق في حالة مستعجلة أو ينقل مريضًا إلى المستشفى.

وقد يعبر السائقون عن الفرح والاحتفال باستعمال أضواء الخطر، ويكثر ذلك في مواكب الزفاف واحتفال الجماهير الرياضية بعد الفوز، ولكن لاستعمال أضواء الخطر لغة أخرى، يعبّر بها السائق عن الشكر والامتنان، فقد يحدث أن يُفسح سائق ما الطريق لسيارة كان ينوي سائقها التجاوز أو الدوران والإقلاع إلى الطريق ويكون خلفه سائق آخر يخفف السرعة للسماح له بالمرور، فعندها يُشعل السائق أضواء الخطر كتعبير عن الشكر، ويرد عليه الآخر بإشعال الضوء المبهر أو "الفار" بومضة خاطفة، تفيد بلغتنا أنه "لا شكر على واجب" أو "على الرحب والسعة".

ضوء متعدد الاستعمالات

الضوء المبهر له استعمالات كثيرة ومهمّة في الطرقات خاصة خارج المدينة، فهو ضوء قوي وساطع يمتد إلى 100 متر، وفي قانون المرور يسمّى ضوء الطرقات، وبالعامية يطلق على اسم "الفار"، ويستعمل غالبًا في حالة الظلام الدامس خارج المدن وفي وقت التقلبات الجوية وحتى في الاستعجالات، ولكن لهذه الإشارة لغة تخاطب يفهمها الجزائريون فيما بينهم.

يستطيع السائق إذا كان يريد الدوران أو الخروج إلى مسار الطريق طلب الإذن من سائق قادم نحوه بإشعال الضوء المبهر بومضة خاطفة، وفي هذه الحالة يجب عليه انتظار الرد، فإن رد عليه السائق الآخر بومضة مماثلة، فكأنه يقول له: "تفضل الطريق لك الآن"، ولكن إذ ردا عليه باستعمال الضوء المبهر المستمر لفترة أطول قليلًا تمتد من ثانية إلى ثانيتين تقريبًا، فمعنى ذلك التحذير، أو "ابقَ مكانك أنا قادم بسرعة ولا يمكنني التوقف".

في الطريق السيار، وحين يكون أحد السائقين يسير بسرعة، فقد يطلب من السائقين الذين أمامه بالتنحي عن الطريق، بإطلاق عدة ومضات سريعة ومتتالية للضوء المبهر، ويستعمل أيضًا لتنبيه السائقين بعضهم البعض من وجود رادار أو حاجز أمني نُصب لتوقيف السائقين الذين تجاوزوا السرعة القانونية، وقد يستعمله أيضًا سائقون في المسار المعاكس في الطريق السيار، لتنبيه سائقين قادمين نحو الحاجز الأمني، وقد يستعملها سائق آخر يسير في المسار نفسه لسائقين تجاوزوه حتى يخفّفوا السرعة، لأنه يمتلك معلومات أن رجال الأمني نصبوا حاجزًا أمنيًا للمخالفين.

إضافة إلى كل ذلك يمكن استعمال الضوء المبهر للتعبير عن الشكر والامتنان كما سبق وأسلفنا سابقًا.

يمكنك التجاوز

في هذه الحالة يمكن لسائقي الشاحنات من ذوي الخبرة، تشغيل ضوء الغمازة اليمنى لإيصال رسالة للسائق الذي خلفهم مفادها "يمكنك التجاوز.. الطريق آمن"، وقد يتطلب الأمر أحيانًا التواصل مع قائد الشاحنة لاستفساره إن كان الطريق آمنًا فعلًا بإشعال الضوء المبهر بومضة واحدة، وما عليك إلا انتظار الرد منه، فقد يُشعل ضوء الغمازة اليسرى ليقول لك: "لا تتجاوز" لأن هناك مركبةً قادمةً في الطريق المعاكس.

كيف تقول وداعًا؟

معروف أن ماسحات الزجاج لها وظيفية تقنية في السيارة، فهي تستعمل لإزالة مياه الأمطار أو الثلوج المتراكمة وتنظيفه من الغبار، ولكن إذ كنت قد ركنت سيارتك في مكان غير مسموح به أو أغلقت به مرآبًا أو باب أحد المنازل، فيمكن لصاحب المنزل توجيه إشارة تحذيرية لك ستجدها عند عودتك إلى سيارتك، وهي أن يرفع ماسحتي زجاجك الأمامي إلى الأعلى، وهي لغة مفهومة لدى السائقين مفادها "افتح عينيك".

يحدث في كثير من المرّات أن تُستعمل ماسحات الزجاج الخلفية بغرض إغاضة سائق آخر، فمن حينٍ لآخر، يتحوّل الطريق السيار إلى مضمار سباق بين سائقين يحاول أحدهما أن يسبق الآخر فيسيران بسرعة جنونية ويقومان بمناورات خطيرة وتجاوزات غير قانونية، ولكي يغيض أحدهما الآخر سيستعمل ماسح الزجاج الخلفي بمعني "وداعًا" أو "لقد تركتك في الخلف".

قد تستعمل الأبواق للتعبير عن الفرح أيضًا بالنقر عليها بطريقة إيقاعية في مواكب الزفاف أو احتفالات الجماهير الرياضية

لغة الأبواق

تُستعمل أبواق السيارات للتنبيه، هذا الغرض الذي وجدت لأجله، ويكفي النقر الخفيف على بوق السيارة لتنبه سائق آخر بوجودك أو أحد الراجلين، عند التقاطعات والتجاوز وفي حالات أخرى لتنبيه سائق آخر عند الانعطاف أو الخروج إلى مسار الطريق، ولكنها قد تستخدم للتعبير عن الغضب باستعمال صوت البوق المستمر، عند توقف سائق بشكل مفاجئ دون سبب، أو إبطائه السرعة، أو عند تنقله من مسار إلى آخر دون إشارة، وهي لغة تخاطب تحذيرية شديدة اللهجة بين السائقين، وقد تستعمل الأبواق للتعبير عن الفرح أيضًا بالنقر عليها بطريقة إيقاعية في مواكب الزفاف أو احتفالات الجماهير الرياضية.