بعد 5 سنوات من الغلق، وبمجرد عودة نشاط استيراد السيارات في الجزائر، وبداية البيع والشراء على مستوى الوكالات المعتمدة لعدة علامات، وحتى الإعلان عن مشاريع تصنيع جديدة، عادت أسئلة إلى الواجهة، متعلقة بخدمات ما بعد البيع وتوفّر قطع الغيار، وإمكانية استفادة الزبون من الضمان، وهي أحد أهم القضايا التي كانت تؤرق زبائن السيارات في الأعوام الماضية.
مدير تسويق شركة "جيلي" لـ "الترا جزائر": علامتنا وفّرت قطع الغيار قبل وصول السيارات للسوق الجزائرية وذلك لضمان عدم تسجيل أية شكاوى مستقبلًا
لطالما اشتكى الجزائريون من قبل من قطع غيار مقلدة وعدم التزام الوكيل بخدمات ما بعد البيع، وهو الأمر الذي يفترض أن يكون غائبًا هذه المرة، وفقًا لما ينص عليه المرسوم الموقع من طرف الوزير الأول السابق أيمن بن عبد الرحمن، الصادر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، والذي يشدد على أن نشاط وكيل السيارات يفرض ضمان خدمة ما بعد البيع إلزاميًا.
مع بداية دخول بعض العلامات الجديدة إلى السوق الجزائرية، بدأت تظهر بعض الاختلالات في سوق السيارات، حيث اشتكى عدد من المواطنين من ندرة أو غياب قطع الغيار، وقد اصطدم بعض الزبائن بعد حاجتهم إلى قطع غيار ذات طابع استهلاكي، بعدم توفرها لدى الوكلاء الذين اقتنوا سيارات جديدة لديهم، إذ دار حديث على مواقع التواصل الاجتماعي، عن عمليات بحث عن فلاتر للزيت والهواء وبعض قطع غيار خاصة بتبديل زيت المحرك، ووصل الأمر إلى اقتناء من تعرضت سياراتهم لحوادث سير طفيفة، للتنقل إلى تونس من أجل الحصول على قطع الغيار.
دفتر شروط صارم
وفي التفاصيل يلزم دفتر شروط سواءً ذلك المحدد لكيفيات ممارسة نشاط تسويق أو المتعلق بنشاط تصنيع المركبات، بضمان خدمة مابعد البيع للمركبات المبيعة، ويتضمّن المرسوم وجوب أن تضمن مصلحة ما بعد البيع، المراجعات الدورية التي يغطيها الضمان، والعناية والصيانة والتصليح للسيارة الجديدة، مع ضمان بيع قطع الغيار واللوازم الأصلية ذات النوعية المصادق عليها من طرف المصنع المانح.
في السياق نفسه، يجب أن تتوفر لدى مصلحة ما بعد البيع، حسب نوع المركبة، ووفقًا لما ينص عليه المرسوم "مركبات المساعدة وأدوات التشخيص الإلكترونية، وأجهزة وأدوات الرفع الخاصة والعامة وأدوات التفريغ ومشاحن ومشغلات البطاريات وأدوات التنظيف والغسل وخزانات الهواء المضغوط ولوازم أشغال الهيكل والطلاء وأدوات التشخيص والصيانة لنظام التكييف وأجهزة القياس الكهربائي".
وضمن الشروط المحددة لممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة، وجوب أن يكون لدى الوكيل المعتمد المنشآت الأساسية الملائمة للعرض ولخدمة ما بعد البيع وللتخزين وتوفير مستخدمين يتمتعون بالمؤهلات المطلوبة وضمان التكوين المستمر لهم.
كما تفرض الشروط أيضًا على الوكيل المعتمد بعد انقضاء السنة الأولى من حصوله على الاعتماد، أن يتموقع على مستوى 28 ولاية على الأقل، كما يجب أن يتوفّر لدى الوكيل المعتمد مخزون كاف من قطع الغيار واللوازم الأصلية أو ذات النوعية المصادق عليها من طرف المصنع المانح.
ويأتي ذلك في وقت كان قد شدد رئيس اللجنة التقنية لملف السيارات على مستوى وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، مقداد عڨون بتاريخ 14 جانفي/ كانون الثاني، خلال ندوة صحفية عقدها بالعاصمة، على أن وزارة الصناعة ستوفد لجنة بعد مرور سنة فقط من ممارسة نشاط الوكلاء المعتمدين إلى الولايات لمعاينة مدى التزامهم بتوفير قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع.
وكان قد أصر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال لقائه مع أعضاء غرفتي البرلمان شهر كانون الثاني 2023 على ضرورة وقف استيراد قطع غيار السيارات من الخارج وإنتاجها محليًا.
تصنيع محلي لقطع الغيار
وحتى قبل بداية تسويق السيارات الجديدة بشكل رسمي، يقول رئيس النادي الاقتصادي الجزائري سعيد منصور في إفادة لـ "الترا جزائر"، إن السوق الوطنية لقطع الغيار عرفت انتعاشًا منذ شهر أكتوبر /تشرين الأول الماضي بعد التسهيلات التي منحتها الحكومة للمستوردين وكذا الاجراءات المتخذة للتعجيل في إصدار وثيقة التوطين البنكي.
وأوضح منصور أن هذه التسهيلات كلها صبت في صالح المواطن الجزائري خاصّة وان السوق الوطنية لقطع لغيار عرفت حركية وانتعاشًا أدت الى تراجع أسعار قطع غيار السيارات والمركبات بكل أنواعها بنسبة قدرت بـ 30 بالمائة، مشيرًا إلى أن هذه النسبة مرشحة للارتفاع بشكلٍ أكبر، في حال دخول متعاملين جدد في مجال قطع الغيار إلى عالم التصنيع.
في هذا الشأن ، قال منصور إن السلطات الجزائرية منحت تسهيلات للراغبين في دخول هذا المجال من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وكذا إصدار قوانين تشجع الصناعة المحلية، قائلًا: "ينتظر خلال النصف الثاني من هذه السنة، دخول متعاملين الى مجال تصنيع قطع غيار السيارات بصفة رسمية ".
وحسب المتحدث فإن المتعاملين في مجال المناولة في الجزائر شرعوا في عملية تصنيع ملحقات السيارات الخفيفة على غرار تلك المصنوعة بالزجاج والبلاستيك في انتظار تصنيع قطغ غيار من الدرجة الأولى بالشراكة مع الأجانب، مشيرًا الى أن المشكل المطروح حاليا متعلق بقضية التكوين بالدرجة الأولى خاصة وأن هذا المجال بحاجة إلى يد عاملة مؤهلة.
وكلاء يتعهدون بالجودة والوفرة
ويولي اليوم وكلاء السيارات المعتمدين اهتمامًا كبيرًا بخدمات ما بعد البيع امتثالًا لما ينص عليه المرسوم المحدد لشروط النشاط، الصادر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
وغير بعيد عن ذلك يكشف مهدي كاوة، مدير التسويق بشركة "جيلي الجزائر"، وهو أحد الوكلاء الحائزين على اعتماد النشاط السنة الماضية، أنهم بصفتهم وكلاء رسميون للسيارات في الجزائر يولون أهمية قصوى لتوفير قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع محليًا لتكون في متناول الزبون الجزائري، حيث يؤكّد أن علامتهم وفرت قطع الغيار حتى قبل وصول السيارات للسوق الجزائرية، وهذا لضمان عدم تسجيل أي شكاوى مستقبلًا بهذا الخصوص، والابتعاد عن السيناريوهات التي شهدها الجزائريون في الماضي، حينما كانوا يشتكون قبل سنوات من ندرة قطع الغيار وعدم توفر خدمات ما بعد البيع لدى الوكلاء المعتمدين وقتها.
ويقول كاوة في إفادة لـ "الترا جزائر"، أن خدمات ما بعد البيع "جيلي" متوفرة اليوم لدى 29 وكالة معتمدة تابعة لهم في انتظار فتح وكالات جديدة، حيث يتم بيع هناك السيارة وقطع غيارها وتوفير خدمات مابعد البيع، ويضرب مثالًا بالوكالة المتواجدة بمنطقة الأبيار بالجزائر العاصمة، والتي تم تدشينها بتاريخ 18 جانفي/كانون الثاني، حيث تفتح هذه الأخيرة أبوابها يوميًا إلى منتصف الليل، لتمكين الزبائن من التوافد إليها في أي وقت بعد استكمال أعباء العمل أو الوظيفة، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة قد تتوسّع إلى وكالات أخرى قريبًا.
وبخصوص نشاط التصنيع الذي تعتزم "جيلي الجزائر" مباشرته بولاية المدية، فيقول كاوة إن تصنيع السيارة محليًا سيكون مرفوقًا بإنتاج قطع الغيار أيضًا، من خلال جلب مناولين من الصين ذوي كفاءة عالية لإنتاج بعض القطع محليًا، وأيضًا التعاقد مع المناولين المحليين المؤهلين لخلق مناصب الشغل، وسيتم اختيار المناولين الجزائريين وفق دفتر شروط يحدد العملية في الوقت المناسب.
رئيس النادي الاقتصادي الجزائري لـ "الترا جزائر": السوق الوطنية لقطع الغيار عرفت انتعاشًا بعد التسهيلات التي منحتها الحكومة
يشار هنا، إلى مدير جيلي الجزائر صبري براهيمي، صرّح في وقت سابق، أنه حرص على استقدام قطع الغيار أولًا، وتوفير مخزون مهم لعلامة جيلي قبل البدء في استيراد السياراتـ وهذا لتفادي إشكالات ندرة قطع السيارات مع بداية استيرادها، وطمأن في الوقت نفسه، بشأن أسعار قطع غيار السيارات الصينية بأنها ستكون معقولة، عكس بعض العلامات التي تعتمد على بيع سيارات رخيصة الثمن، غير أن الزبون يفاجئ فيما بعد بارتفاع أسعار قطع الغيار.
