11-ديسمبر-2023
حافلات

(الصورة: Getty)

يبدو أن سنة 2023 شهدت، فعلًا، انفراج أزمة السيارات في الجزائر، والتي دامت قرابة الـ6 سنوات، من خلال فتح المجال رسميًا لاستيراد المركبات الجديدة لعشرات الوكلاء وحتى المركبات المستعملة أقل من 3 سنوات.

الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي لـ"الترا جزائر": متوسط عمر حظيرة الحافلات الجزائرية اليوم 15 سنة وهو ما يؤثر بشكل كبير على نوعية الخدمة ويتسبب في حوادث مرور بالجملة وقرار استيراد الحافلات سيسمح بتجديدها

ففي مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024، دافع نواب المجلس الشعبي الوطني على إدراج مواد جديدة تُتِيح استيراد السيارات النفعية المستعملة أقل من 3 سنوات والحافلات المستعملة أقل من 5 سنوات، وهي التعديلات التي حظِيت بموافقة لجنة المالية.

ويرتقب أن يساهم دخول هذه المركبات السوق الجزائرية بداية من سنة 2024 في زيادة الوفرة والقضاء على الندرة، التي لطالما اشتكى منها المواطنون والمتعاملون على حد سواء، وتجديد الحظيرة المهترئة للحافلات التي يتجاوز متوسط عمرها 15 سنة إضافة إلى كسر الأسعار وإنعاش النشاط في قطاعات النقل والتجارة والصناعة والخدمات.

وتلقى جزائريون خبر السماح باستيراد هذا النوع من السيارات بفرحة كبيرة، وطالبوا بتعجيل الحكومة في تطبيقه فورًا بإصدار النصوص التنظيمية المؤطرة للعملية، كما اعتبروا أن عام 2024 سيجعل من أزمة السيارات بمختلف أشكالها وأصنافها في الجزائر مجرد ماض، ولا علاقة له بما هو قادم.

دفاع..

رافع نواب المجلس الشعبي الوطني، باستماتة، عن قرار توسيع استيراد المركبات المستعملة إلى السيارات النفعية أقل من 3 سنوات والحافلات أقل من 5 سنوات، مؤكدين أن "هذا الإجراء سيحمل آثارًا إيجابية كبرى خلال سنة 2024، لاسيما في قطاعات النقل والتجارة والصناعة والخدمات."

ويقول كمال بلخضر، عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، أن "اللجنة اقترحت بناءً على مطلب تقدّم به هو شخصيًا إضافة مادة جديدة لقانون المالية لسنة 2024، خاصة باستيراد السيارات النفعية، المادة 113 مكرر 3، لضمان وفرة هذه المركبات في السوق بأسعار تنافسية وجودة عالية والقضاء على ندرتها."

وفي عرض الأسباب، يشدد بلخضر في تصريح لـ"الترا جزائر" أن اللجنة اقترحت هذه المادة للترخيص بجمركة السيارات المستعملة النفعية التي تقل عن ثلاث سنوات نظرا للنقص الكبير لهذا النوع من السيارات في السوق الوطنية، مضيفا: "حتى إن وجدت فهي لا تُلبي الطلب المتزايد عليها".

كما يتحدث بلخضر عن تعديل آخر يتعلق بالترخيص باستيراد الحافلات أقل من 5 سنوات، وذلك من خلال تعديل المادة 110 مكرر جديدة، والتي سيتم بموجبها الترخيص لمتعاملي نقل الأشخاص باستيراد حافلات لنقل الأشخاص أقل من 5 سنوات.

وتحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم، حسب بلخضر، إلاّ أن أهم الأسباب التي قدمها أمام اللجنة بصفته أحد مقترحي التعديل، هي الحالة المزرية، التي وصلت إليها حظيرة حافلات نقل المسافرين، والتي يقدر متوسط عمرها بأزيد من 15 سنة، ما يؤثر سلبًا على نوعية الخدمات المقدمة، وما تسببه من تلوث بيئي.

خطوة هامة

ويثمن الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي في إفادة لـ"الترا جزائر" قرار فتح الاستيراد للسيارات النفعية أقل من 3 سنوات والحافلات المستعملة أقل من 5 سنوات، متوقعًا آثارًا إيجابية للقرارين المدرجين في التقرير التكميلي للجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني بخصوص قانون المالية لسنة 2024، والذي صوّت عليهما النواب بالأغلبية في جلسة المصادقة بتاريخ 5 كانون الأول/ديسمبر 2023.

ويعتبر الحيدوسي أن هذه المركبات، خاصة الحافلات المستعملة، مطلب المتعاملين منذ فترة، والداعين بالسماح بتجديد الحظيرة الوطنية للحافلات، حيث يناهز متوسط عمر حظيرة الحافلات الجزائرية اليوم 15 سنة وهو ما يؤثر بشكل كبير على نوعية الخدمة ويتسبب في حوادث مرور بالجملة وله تداعيات سلبية حتى على البيئة.

ويشدد الخبير الاقتصادي على أن هذا القرار جاء استجابة لمطالب المتعاملين في مجال النقل، خاصة وأن أسعار الحافلات الجديدة ارتفعت لمستويات قياسية نظرًا لمحدودية العروض مقارنة مع الطلب المتزايد بفتح خطوط جديدة، إضافة إلى الاقبال الكبير للمتعاملين لتجديد حافلاتهم، الأمر الذي يجعل من خيار فتح استيراد الحافلات المستعملة أقل من خمس سنوات، خطوة هامة ينتظر أن تحمل آثارًا إيجابية على قطاع النقل في الجزائر، حسبه.

ويقول هنا: "هذا القرار سيوسع من عدد الحافلات المسجلة في الحظيرة الوطنية للحافلات ويقضي على الندرة ويحسن الخدمة في الجزائر".

ويضيف المتحدث: "نفس الشيء بالنسبة للسيارات النفعية أقل من 3 سنوات، هذه الأخيرة سترفع من عدد المركبات المتواجدة بالحظيرة وتلبي طلب شريحة كبيرة من مستعملي هذه السيارات وتخلق نشاط اقتصادي وتفتح مناصب عمل، باعتبار أن السيارات النفعية تساهم أيضا في النشاط التجاري والصناعي والاقتصادي ككل بشكل معتبر."

سحب الحافلات المهترئة

من جهتها، ثمنت جمعية حماية المستهلك قرار إدراج مقترح تعديل في مشروع قانون المالية لسنة 2024 يسمح باستيراد الحافلات الأقل من 5 سنوات وكذا المركبات النفعية الاقل من 3 سنوات.

وأكد المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، فادي تميم، لـ"الترا جزائر" أن القرار في حال تمت الموافقة عليه بالغرفة الثانية للبرلمان بالأغلبية، سيُعيد إحياء الحظيرة الوطنية للحافلات المُتهالكة من سنوات بسبب وقف استيراد الحافلات والأمر نفسه بالنسبة للشاحنات النفعية .

وأوضح المتحدث أن حماية المستهلك سبق لها وأن طالبت بتجديد حظيرة الحافلات، حيث تُشير آخر الإحصائيات المتعلقة بحوادث المرور في الجزائر إلى أن 70 بالمائة من الكوراث الناجمة عن حوادث المرور سببها قِدَمُ وسائل النقل خاصة الحافلات، التي تقل المسافرين إلى مسافات طويلة.

وقال تميم إن الحافلات المستوردة حتى وإن كانت أقل 5 سنوات فإنّها بالنسبة للجزائريين جديدة ومناسبة للطرقات الجزائرية، واستغل محدثنا الفرصة ليطالب السلطات بإحصاء الحافلات القديمة الموجودة في الحظيرة الوطنية والتي لاتزال تستعمل، لسحبها من السوق ووقف نشاطها.

والأمر نفسه فيما يخص المركبات النفعية، التي سيكون لها دور كبير في تحقيق الانتعاش الاقتصادي سيما بالنسبة لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على اعتبار أن السوق الوطنية اليوم متعطشة للمركبات النفعية كما هو الأمر بالنسبة للسيارات.

ويأمل المنسق الوطني لحماية المستهلك أن تكون أسعار هذه الحافلات والشاحنات مناسبة للمتعاملين والمواطنين على حد سواء.