07-سبتمبر-2020

قوى الحراك الشعبي تُطالب بحلّ البرلمان الجزائري (تصوير: فايز نور الدين/أ.ب.ف)

كشف النائب البرلماني السابق بهاء الدين طليبة خلال محاكمته عن عمليات بيع وشراء تخصّ إعداد قوائم حزب جبهة التحرير الوطني في تشريعيات 2017، وذكر النائب خلال استجوابه من طرف قاضي محكمة سيدي محمد أن المقعد الأوّل في قائمة الحزب في الانتخابات التشريعية سنة 2017 كانت تباع بـ 7 ملايير سنتيم (أكثر من نصف مليون دولار).

جاءت تصريحات طليبة لتؤكّد وتوثق ما كان يُتداول عن فساد البرلمان

تصريحات رسمية

وجاءت تصريحات رجل الأعمال والنائب السابق، لتؤكّد وتوثق ما كان يُتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن عمليات "البزنسة" في إعداد القوائم الانتخابية، أو الحصول على معقد سيناتور في مجلس الأمة، إضافة إلى المجالس الولائية والبلدية.

اقرأ/ي أيضًا: المتاجرة بقوائم "الأفلان".. طليبة يُورّط ولد عباس وطرطاق

وشهدت فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، اقتحام المال الفاسد للفضاء السياسي، حيث ربط رجال المال علاقات مع قادة أحزاب سياسية، قصد الترشح للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّة للحصول على الحصانة البرلمانية.

وفي ظلّ صراع المصالح بين أحزاب التحالف الرئاسي في وقت سابق، اتّهم الأمين السابق لحزب التجمّع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، المسجون حاليًا بتهم تتعلّق بالفساد، رجال أعمال محسوبين على حليفه التقليدي حزب جبهة التحرير الوطني بتزوير انتخابات مجلس الأمّة.

جدير بالذكر، أنه يقبع في السجن أربعة أمناء لأحزاب أغلبية البرلمانية وهم جمال ولد عباس، ومحمد جميعي، وعمر غول، وأحمد أويحيى، كما تم رفع الحصانة البرلمانية عن عدد من البرلمانيين.

تشريعيات 2017 باطلة قانونيًا

في سياق الموضوع، أكّد الناشط السياسي والخبير الدستوري رضا دغبار عن وجود ترتيبات سياسية وراء تصريحات النائب بهاء الدين طليبة، وقال إنه يمكن تكييف ما ذكره نائب المجلس الشعبي الوطني سابقا من الناحية القانونية والقضائية.

وكشف المتحدّث أن المادة 211 من قانون العضوي للانتخابات على أنه "يُعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من 2 إلى 10 مليون دينار، كلّ من قدم هبات نقدًا أو عينًا أو وعد بتقديميها، وكذلك كل من وعد بوظائف عمومية أو خاصّة أو مزايا أخرى قصد التأثير على ناخب أو عدة ناخبين عند قيامهم بالتصويت".

الترتيبات القانونية بحسب الخبير الدستوري، تفرض على النيابة العامة مباشر التحقيقات القضائية تمسّ كلّ نواب البرلمان، تطبيقًا لمبدأ المساواة بين المواطنين، وأكد المتحدّث أن المادة 222 من القانون العضوي الانتخابات، تنصّ على أنه إذا صدر حكم الإدانة من طرف المحكمة فإن العملية الانتخابية تُصبح كلها باطلة.

وأضاف المختصّ، أن تشريعيات 2017 تُصبح في حكم الملغاة حتى لو أصدر المجلس الدستوري عملية الترسيم والتنصيب، وبالتالي يقول المتحدّث "لا نملك مجلس تشريعيًا قانونيًا بحسب المادة 222 من قانون الانتخابات".

هل يمر الدستور الجديد عبر البرلمان؟

في هذا السياق، كان مراقبون قد تساءلوا إن كان مشروع تعديل الدستور سيمرّ على البرلمان، بعد تصريحات بهاء الدين طليبة، وهل يتماشى خطاب السلطة الحالية القائمة على بناء "جزائر جديدة"، قبل أن تفصل السلطة في هذا الأمر، وتعلن أن لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني، "ستعقد اجتماعًا برئاسة سعاد الأخضري، في الـ 7 أيلول/سبتمبر، وذلك لضبط رزنامة وبرنامج أشغالها المتعلقة بدراسة ومناقشة مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور".

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي أحسن خلاص لـ "التر جزائر": "لا أعتقد أن تصريحات طليبة ستضيف شيئًا للتصور الذي يمتلكه الشعب عن البرلمان".

وأضاف أن "السلطة تدرك ذلك غير أنها مضطرة دستوريًا لتمرير التعديلات الدستورية على البرلمان"، متابعًا أن "أي تهديد بحلّ البرلمان سيجعل البرلمان يطالب بالتصويت على المشروع بدل الاكتفاء بمناقشته كما أراد تبون".

ويتوقعّ محدثنا أن "السلطة ستتراجع عن تنظيم المحليّات قبل التشريعيات كما كان مبرمجًا في السابق".

أحزاب الاغلبية

من جهتها، أبدت أحزاب سياسية ذات الأغلبية النيابية، مقاومة من أجل إبعاد حلّ الهيئة التشريعية، حيث اعتبر الأمين العام حزب "جبهة التحرير الوطني" أبو الفضل بعجي في هذا الشأن، أن حلّ البرلمان هو مناورة سياسية، كما يرفض بدوره حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" قرار حلّ البرلمان.

ولا يُعرف الآن كيف تتعاطى السلطة القائمة مع الأغلبية البرلمانية، فعلى مستوى خطاب الرئاسة أو الحكومة، لم يوجّه أي انتقاد للهياكل الحزبية التي ضمت في صفوفها قيادات ورجال أعمال رهن الحبس، أو متابعين قضائيا في قضايا فساد.

لا خيار عن التوافقات

وفي غياب مسار تأسيسي انتقالي للعملية السياسية، يتّجه المشهد السياسي إلى تكريس مبدأ توافقات بين جماعات المصالح، وتمرير خارطة الطريق التي رسمها الفريق الرئاسي، الذي يعجز عن تشكيل قاعدة سياسية يرتكز عليها في تمرير أجندته وتطبيق برنامجه.

يبقى مطلب حل البرلمان مطلبًا سياسيًا يحظى بإجماع الفاعلين السياسيين والنشطاء في الحراك الشعبي

وعلى العموم يبقى مطلب حل البرلمان مطلبًا سياسيًا يحظى بإجماع الفاعلين السياسيين والنشطاء في الحراك الشعبي، بينما يتمسّك باستمرار بقائه جماعات المصالح التي لا تزال لها ارتباطات داخل السلطة الفعلية.