22-أبريل-2019

قاطعت أغلبية القوى السياسية جلسة الأولى للمشاورات التي دعا لها بن صالح (أ.ف.ب)

انطلقت بالجزائر، اليوم الإثنين 22 نيسان/أبريل 2019، مشاورات سياسية لحل الأزمة الانتقال بعد تنحي عبدالعزيز بوتفليقة على إثر الحراك الشعبي.

انطلقت في الجزائر جلسة مشاورات سياسية بدعوة من الرئاسة، غاب عنها الرئيس بن صالح، وقاطعتها أغلب الأحزاب السياسية

وتعكف هذه المشاورات التي دعت إليها رئاسة الجمهورية، إلى تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، وسط عزوف كبير من مختلف التشكيلات السياسية وشخصيات وطنية.

اقرأ/ي أيضًا: بعد استدعاء أويحيى.. صيفٌ ساخن جدًا للقضاء الجزائري مع ملفات الفساد

المفاجأة!

والمفاجأة أنه في حين دعت الرئاسة لهذه المشاورات، غاب الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، الأمر الذي استدعى طرح عدة تساؤلات بين فاعلين سياسيين، وشكوك لم تغب في الشارع الجزائري.

وعقدت الجلسة الأولى للمشاورات بقصر الأمم بنادي الصنوبر، غرب العاصمة. وافتتحها الأمين العام للرئاسة حبة العقبي، والذي قال إن اللقاء التشاوري "من شأنه مناقشة آليات إنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلفة بتحضير وتنظيم الانتخابات" المزمع تنظيمها في الرابع من تموز/يوليو المقبل.

بن صالح
غاب بن صالح عن المشاورات التي دعا إليها بنفسه

ويشارك في هذا النّقاش السياسي الذي تجري أعماله في جلسة مغلقة، عدد قليل من الأحزاب السياسية، ومثلهم من ممثلين عن المجتمع المدني والجمعيات، إلى جانب شخصيات سياسية مستقلة، ومختصين في المسائل القانونية والدستورية، فيما أعلنت غالبية الأحزاب عن عدم حضورها للمشاورات والتزامها بتطلعات الحراك الشعبي في الشارع، والمطالب باستقالة مختلف رموز الفساد أو من باتوا يعرفون بـ"العصابة"، وتقديم ملفاتهم للعدالة.

ومن بين الأحزاب السياسية التي أعلنت رفضها المشاركة في الجلسة الأولى من المشاورات التي دعت إليها الرئاسة، حزبي تجمع أمل الجزائر والحركة الوطنية الشعبية، المعروفين بحزبي السلطة، وكذلك حركة مجتمع السلم، وحزب الحرية والعدالة، وحزب العمال، وجبهة العدالة والتنمية، والجبهة الوطنية الجزائرية، وطلائع الحريات، والحزب الوطني للتضامن والتنمية.

وبهذا بدت المشاورات التي دعا إليها الرئيس المؤقت، قد "ولدت ميتة"، بحسب الناشط السياسي عبدالله بودهان، الذي قال لـ"الترا جزائر"، إن "الندوة التشاورية تشبه الإعداد للعرس دون عريس"، في إشارة إلى غياب عبدالقادر بن صالح، فضلًا عن  مقاطعة كبرى الأحزاب السياسية وأبرز الشخصيات الوطنية.

كما اعتبر بودهان أن بن صالح بهذه الدعوة، "يصرّ على عدم سماع أصوات الشعب الجزائري، بعد 60 يومًا من الاحتجاجات والمظاهرات والمسيرات الشعبية".

شهدت الجلسة الأولى للمشاورات غيابًا واضحًا لأغلبية القوى السياسية

ويؤكد الناشط السياسي أنه "لا مفر من رضوخ الرئاسة للمطالب الشعبي، في ظل الانسداد الحاصل"، قائلًا إنه "من غير المعقول أن تقام ندوة للمشاورات حول موضوع الساحة، وهو الانتخابات والانتقال السياسي السلس، دون مشاركة فاعلة من الأحزاب السياسية المعترف بها في الساحة السياسية".

من جانبه باشر عبدالقادر بن صالح في استقبال عدد من الشخصيات خلال الأسبوع الماضي، في إطار ما أسماه بيان الرئاسة بـ"المساعي التشاورية لمعالجة الأوضاع السياسية في البلاد". ومن أبرز الوجوه التي استقبلها بن صالح، رئيس حركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ورئيسي المجلس الشعبي الوطني السابقين، عبد العزيز زياري ومحمد العربي ولد خليفة، والحقوقي ميلود براهيمي.

السباق نحو الوراء

تعرف الجزائر أزمة سياسية منذ استقالة عبدالعزيز بوتفليقة في الثاني من نيسان/أبريل الجاري، على خلفية ضغط شعبي دفع به للتنحي برسالة وداع، لم تشف غليل الملايين. وفي حين تمسك الشارع بالحل السياسي للانتقال، والذي يتضمن تنحي الباءات الثلاثة، تتمسك السلطات، بما فيها المؤسسة العسكرية، بما تسميه "الحلول الدستورية".

وكان عبدالقادر بن صالح في خطاب توليه، قد تعهد باستحداث "هيئة وطنية سيدة"، تتكفل بتوفير الشروط الضرورية لإجراء انتخابات رئاسية "نزيهة"، وذلك بالتشاور مع الفاعلين سياسيًا وفي المجتمع المدني.

يرى سياسيون أن المشاورات استمرار في تعنت الرئاسة مع مطالب الحراك

كما دعا بن صالح في خطابه، الشعب الجزائري، إلى "تجاوز الاختلافات والتوجسات، والتوجه نحو عمل جماعي تاريخي في مستوى رهانات المرحلة، قوامه التعاون والتكافل والتفاني للوصول إلى الهدف الأساسي وهو وضع حجر الزاوية الأولى لجزائر المرحلة المقبلة".

غير أن دعوات بن صالح لم تجد لها صدى في الشارع الجزائري أو بين الفاعلين السياسيين. وخرجت المسيرات عقب توليه، مشددة على مطلب رحيله، وبقية "الباءات الثلاثة"، وقد رحل بالفعل منهمرئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز.

يأمل الجزائريون أن تتدارك السلطات السياسية والعسكرية الاحتقان الذي تعرفه بالبلاد، بالتخلي عن التعنت أمام مطالب الحراك

ومع المقاطعة الشعبية والسياسية لجلسة المشاورات الأولى، التي غاب عنها بن صالح نفسه، تنتظر الجزائر ما قد تسفر عنه هذه الخطوة والتفاعل السياسي السلبي معها. في حين يأمل نشطاء وسياسيون تدارك السلطات السياسية والعسكرية، للاحتقان الذي تعرفه البلاد، بما يُعجّل تلبية المطالب الشعبية، بدلًا من التعنت الذي يعتبر مراقبون أن الدعوة لهذه المشاورات، إعلاء لرايته من قبل الرئاسة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل انتهى "الأفلان" بنهاية بوتفليقة؟

عبدالقادر بن صالح.. رئيس مؤقت في حقل ألغام