خطاب بن صالح.. النفخ في رماد النظام
10 أبريل 2019
ما الذي قاله رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في خطابه الأول الذي وجهه للشعب الجزائري؟ تقريبًا لم يقل شيئًا! رزمة من الوعود، وكثير من العاطفة.
لم يكن خطاب بن صالح سوى حديث عاطفي لا يختلف في رطانته عن خطابات الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة
سمعنا خطابًا عاطفيًا لا يختلف في رطانته عن خطابات الرئيس السابق. وباستثناء تلك البلاغة المتوهجة بالعرفان بسلمية الحراك الشعبي؛ فالنظام ما زال يتحرّك في توقيت مختلف عن توقيت الشارع.
اقرأ/ي أيضًا: عبد القادر بن صالح.. رئيس مؤقت في حقل ألغام
بن صالح هو نفسه وجه غير مرغوب فيه لأنه جزء من النظام الذي يطالب الشعب بتغييره منذ 22 شباط/فبراير؛ وبذلك فإنّ ترسيمه كرئيس للدولة من طرف برلمان فاقد للشرعية، هو ضرب بمطالب الشّعب عرض الحائط، وتمديد للأزمة السياسية، فلا يعقل أن يتم تفعيل بعض مواد الدستور وتعطيل مواد أخرى، ونتحدّث تحديدًا عن المادة السابعة التي تقول إن السلطة تعود إلى الشعب. إنّها عقيدة الدولة الجزائرية.
في خطاب بن صالح مغازلة صريحة للحراك الشعبي، أهم سيماتها الالتزام بوعود كثيرة، على رأسها "إدارة المرحلة القادمة وفق ما يمليه التزامه الأخلاقي وما يقتضيه القانون"!
وإن كنا نتساءل: ما هو القانون الذي يتحدث عنه بن صالح؟ وهو الذي كان عرّاب النظام البوتفليقي، وتحت إدارته تمّ تمرير كل القوانين الجائرة ضد إرادة وكرامة الشعب، والتي بوّأت رئيس الجمهورية كل السلطات حتى أنه أصبح في مقام الإله.
وبمناسبة الحديث عن رئيس الجمهورية السابق، لم يشر بن صالح إليه لا من قريب ولا من بعيد، كأنه يوهم بأنّه يعلن قطيعة جذرية، في مستوى الخطاب على الأقل، عن المرحلة السابقة.
إلاّ أنّ النقطة السوداء في هذا الخطاب هي عدم الإشارة إلى التزام رئيس الدولة بمحاكمة الشخصيات السياسية والمالية التي نهبت ثروات الشعب، بل اكتفى فقط بضمانات بتسيير الدولة إلى غاية انتخاب الرئيس الجديد.
وبموازاة تنصيب بن صالح على رأس الدولة، تغيّرت طريقة تعامل قوات الأمن مع مسيرة الطلبة في عاصمة الجزائر، وهذا ما يطرح علامات استفهام، حيث تمّ هذه المرة استعمال خراطيم الماء والقنابل المسيلة للدموع لتفرقة المتظاهرين ما أسفر عن سقوط بعض الجرحى ووقوع حالات اختناق وإغماء.
وقد فسّر البعض هذا الأسلوب بأنّه إشارات إلى ملامح لثورة مضادة الغرض منها إخماد حراك الشارع، والتضييق عليه. كما شاهدنا عودة الحواجز الأمنية في الطرقات بعد أن اختفت طيلة أيّام الحراك، فهل استعادت الدولة نشاطها بتنصيب رئيسًا لها؟
والآن نتساءل: ما هي الرسالة الخفية للنظام من وراء إصراره على الإبقاء على وجوهه القديمة لتسيير المرحلة القادمة؟ ألاَ يُمكن أن يؤدّي هذا إلى انفجار الشارع، وخروجه عن السيطرة؟ ألم تصله بعد رسالة الشعب وسخطه الذي يزداد أسبوعا بعد أسبوع؟
يقول الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني متحدثًا عن " الثورة"، إنّها "عملية انخراط ميكروتاريخية في شعور معمّم بالسخط الكبير، الذي مع ازدياد منسوب الغضب العام سيتحوّل إلى ضرب من الاستياء الإيجابي، عندئذ يصبح النزول إلى الشارع ليس فقط أمرًا ممكنًا بل ومشروعا أيضًا".
تأكيد بن صالح وغيره على مشروعية الحراك الشعبي يظلّ حبيسًا للخطاب فقط، في ظل غياب أي إرادة حقيقية لتجسيد مطالب الشعب
فتأكيد بن صالح وغيره بمشروعية الحراك الشعبي يظلّ حبيسًا للخطاب فقط، في ظل غياب أي إرادة حقيقية لتجسيد مطالب الشعب، بقدر ما نشهد استمرار النظام في سياسة صمّ الآذان، علّه يكسب مزيدًا من الوقت.
اقرأ/ي أيضًا:
البرلمان ينصب بن صالح رئيسًا للجزائر والشعب يتمسك برفض "الباءات الثلاثة"
الكلمات المفتاحية

الشاب حسني.. حيٌّ يُغنّي
مازال الشاب حسني يغنّي حتى الآن. بعد ثلاثين عامًا، مازال يجلس في المقاهي بعمر السادسة والعشرين

الشباب والانتخابات في الجزائر.. بين المقاطعة والعزوف إلى عدم الانتماء
لا يعبر تخلي الشبان عن هذا الحق عن موقف سياسي ما من المترشحين، حتى يمكن وضعه في خانة يجري في العادة تصنيفها تحت مسمى المقاطعة

بدء الاقتراع.. ملاحظات على هامش البرامج الانتخابية
ضغط البُعد الإقليمي والدولي، كان عاملًا مساعدًا على توافقات في الخطاب (اتفاق شبه كلي) وأيضًا على مستوى المواقف حيال ما يجري في تخوم الحدود البرية

نقابة "أنباف" تندّد بالتضييق النقابي وغلق أبواب الحوار بالمؤسسات التربوية
ندّدت نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين (أنباف) بـ"التضييق النقابي" وغلق أبواب الحوار والنقاش على مستوى المؤسسات التربوية.

تصفيات أمم أفريقيا للمحليين.. بيتكوفيتش يحفّز أشبال بوقرة في أول أيام التربص بسيدي موسى
شرع المنتخب الوطني للاعبين المحليين، مساء الأحد، في تربصه التحضيري بالمركز التقني الوطني بسيدي موسى (من 27 نيسان/أفريل إلى 9 أيار/ماي) استعدادا للمباراة المزدوجة ضد منتخب غامبيا ضمن تصفيات بطولة أمم أفريقيا للاعبين المحليين (الشان) 2024.

ما بعد ترحيل عائلات حي "بلانتير" بوهران.. 3 أسئلة لمُواجهة أزمة السكن الفوضوي
حادِثة انزلاق التربة وتضرّر سكان حي الصنوبر (المعروف سابقًا باسم "بلانتير") في ولاية وهران، التي أسفرت عن 4 قتلى و13 جريحاً، تبرز أزمة العشوائيات في الجزائر، رغم محاولات الترحيل المستمرة. يطرح هذا الوضع ثلاثة أسئلة مهمة: هل الترحيل هو الحل؟ وهل يعالج المشكلة أم يخفف من تداعياتها؟ وكيف يمكن معالجة الأسباب الجذرية للأزمة العمرانية والاجتماعية؟