24-يناير-2020

عبد المجيد تبون, عبد العزيز بوتفليقة, الشاذلي بن جديد, شارل ديغول (تركيب: الترا جزائر)

يشترك الرئيس عبد المجيد تبون مع سلفه عبد العزيز بوتفليقة، في عدم رضاهما عن الدستور، ولم يتردّد كلّ منهما في الذهاب إلى "مراجعة عميقة" للقانون الأساسي الذي يحكم البلاد، وعلى عكس بوتفليقة الذي طالب بالمزيد من الصلاحيات، واستولى منذ أيّامه الأولى على مهام رئيس الحكومة، فإنّ الرئيس الحالي أكّد على تقليصها.

عندما جاء بوتفليقة إلى الحكم، بدا أنه كان متقمّصًا شخصية الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول

ولئن أخذ بوتفليقة وقتًا كبيرًا قبل الذهاب إلى إقرار "دستوره"، فإنّ تبون يستعجل الأمر، من أجل الذهاب إلى انتخابات تشريعية مسبقة، ومع هذا "الإصرار"، ارتفعت أصوات تؤكّد أن عهدته ستنتهي قبل موعدها، وستكون بمثابة مرحلة انتقالية غير معلنة، وهو الأمر الذين شاع عند بداية عهد بوتفليقة وسلفه الشاذلي بن جديد.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| خالد زياري: خالد نزّار تآمر على انتفاضة أكتوبر والحراك الحالي أيضًا

وعلى عكس ما توقّع الجميع، من أن عهدة بن جديد لن تتجاوز السنة في أحسن الاحوال، فقد استمرّ في الحكم ثلاثة عشر سنة كاملة، قضى خلالها على كل خصومه السابقين واستفرد بالحكم، رغم الحديث عن "ضعف شخصيته".

وفي تسجيل مسرّب لرئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى، قال إنّ الشاذلي بن جديد، لولا الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي ضربت البلاد في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، والتي أدّت إلى إقرار التعددية الحزبية، لاستمر في قيادة البلاد في إطار الأحادية الحزبية إلى أن توّفاه الله سنة 2013.

أمّا بوتفليقة الذي جاء في ظروف استثنائية، قيل إنّ حكمه في نهاية تسعينيات القرن الماضي، لن يستمر طويلًا، فقد كان المرشّح الوحيد يوم الانتخاب، بعد انسحاب خصومه الستة من السباق، وكان هو نفسه يهدّد بـ"العودة إلى بيته" في أية لحظة، ولكنّه استمر في الحكم عشرين سنة كاملة، ولولا الحراك الشعبي لكان يحكم الآن مستهلًا "عهدته الخامسة"، رغم غيابه التام عن المشهد السياسي، بسبب جلطة دماغية أصابته في نهاية عهدته الرئاسية الثالثة.

عندما جاء بوتفليقة إلى الحكم، بدا أنه كان متقمّصًا شخصية الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول، الذي كان بطلًا في الحرب العالمية الثانية، وأبرز من حاربوا النازية قبل أن يذهب إلى التقاعد ويكتب مذكّراته، وعندما استنجدت به باريس في سنة 1958، مع اشتداد الثورة التحريرية الجزائرية، اشترط إقرار دستور جديدٍ والاحتفاظ بصلاحيات واسعة لمواصلة مخطّطه الاستعماري.

وردًا على منتقديه الذين اتهموه بـ"الدكتاتورية"، قال إنّه لا يكمن أن يكون دكتاتورًا وهو في ذلك السن (68 سنة)، لكنّه استمرّ في الحكم إلى أن أطاحت به مظاهرات الطلبة والعمّال سنة 1969.

وعلى طريقة ديغول، قال بوتفليقة إنه لا يمكن أن يكون دكتاتورًا وهو في ذلك السن (62 سنة)، لكنّه كان يخطّط لأن يموت في كرسي الحكم، ولم يتوقّع أحد أن يحطّم الرقم القياسي في الجلوس على كرسي المرادية، لكنّه فعل ذلك ودام حكمه عشرين سنة كاملة.

وما يقال حاليًا عن "تقليص" عهدة عبد المجيد تبوّن، يعيد إلى الأذهان، الطريقة الذي صعد بها الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة و"ملهمه" شارل ديغول إلى الحكم وتحطيمهم لـ"أفق الانتظار".

ربما سيحقّق تبون ما لم يحققه سالفوه، بالموت على كرسي الحكم ويحظى بجنازة رسمية

لكن ما يختلف فيه تبون عن سالفيه، هو سنّه المتقدّم في عهدته الرئاسية الأولى (75 سنة)، ولأنّ لكرسي الرئاسة منطقه الخاص، فربما سيحقّق تبون ما لم يحققه سالفوه، بالموت على كرسي الحكم ويحظى بجنازة رسمية، وهو الحلم الذي راود سلفه عبد العزيز بوتفليقة كثيرًا ولم يحقّقه، وقد نقل عنه البعض قوله عند دخوله قصر المرادية سنة 1999، إنّه لن يخرج منه إلا محمولًا إلى مقبرة العالية، حيث ينام هواري بومدين والأمير عبد القادر وغيرهما كثير من الزعماء والرموز.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يُكمل تبون عهدته الرئاسية أم ينسحب في منتصف الطريق؟

صورة بوتفليقة تنوب عنه في المحافل.. والجزائريون يسخرون من الصدمة