10-يونيو-2020

تتيح المادة 96 من الدّستور لمجلس الأمّة تعطيل قرارات البرلمان (تصوير: فايز نور الدين/أ.ب.ف)

يمنح الدّستور الجزائريّ الحالي، الذّي عدّله عبد العزيز بوتفليقة سنتي 2008 و2016، وبقي ساري المفعول بعد استقالته بفعل ضغط الحراك الشّعبي عام 2019، الحقَّ لرئيس الجمهوريّة في تعيين ثلث أعضاء الغرفة الثانية للبرلمان، المعروفة بمجلس الأمّة الذّي تمتّ إضافته إلى البنية التّشريعيّة في زمن الرّئيس اليمين زروال عام 1996، حتّى يتمّ ضمان عدم هيمنة الغرفة الأولى، في حالة ما إذا استطاعت المعارضة السّيطرة عليها عبر الانتخابات.

تتيح المادة 96 من الدّستور لمجلس الأمّة، تعطيل قرارات البرلمان بعدم الموافقة عليها

وتتيح المادة 96 من الدّستور لمجلس الأمّة تعطيل قرارات البرلمان بعدم الموافقة عليها. وينتخب أعضاؤه الذّين يبلغون 96 عضوًا عن طريق المجالس البلديّة والولائيّة التّي عادةً ما تهيمن عليها أحزاب الموالاة، بالإضافة إلى ثلث يعيّنه الرّئيس "من الشّخصيات العامّة" ويتكوّن من 48 عضوًا.

اقرأ/ي أيضًا: تبون يعيد وزيرة التسعينات عسلاوي للواجهة

وأقدم الرّئيس عبد المجيد تبّون بحر هذا الأسبوع، على تعيين 14 عضوًا في الثّلث الرّئاسيّ الذّي بقي غير مكتمل، منهم وزيرة الرّياضة السابقة ليلى عسلاوي، وبلقاسم عبد العالي عضو "الفدراليّة الوطنيّة لتربية المواشي"، والمحامي عمر بلحاج ووزير العدل السّابق عمار عبد الحميد ماجي، وموسى شرشالي عضو "المنظمة الوطنيّة للمجاهدين"، ومحمّد بلحاج رئيس "اللّجنة الطبّيّة الوطنيّة لداء السّكّري".

وما أن تمّ إعلان رئاسة الجمهوريّة عن قائمة الوجوه المعيّنة، حتّى ثارت حفيظة قطاع واسع من الجزائريّين بمن فيهم محسوبون على مساندة الرّئيس والمسار الدّستوري، بسبب ما اعتبروه ابتعادًا من الرّئيس عن وعده بالتّجديد والتّشبيب والتّثقيف في تعيين إطارات الدّولة.

يقول الجامعيّ والنّاشط إلياس لهري إن كثيرًا من الجزائريّين والمتابعين للشّأن العام، كانوا يتوقّعون أن يستغلّ الرّئيس تبّون فرصة هذه التّعيينات ليبرهن على أنّ الجزائر دخلت فعلًا في مسار جديد يستند إلى الكفاءة غير المتورّطة في أخطاء الماضي ونقائصه واختلالاته، " لكنّه كان وفيًّا للمرحلة السّابقة التّي كانت تستند في تعييناتها لمعطى الولاءات لا الكفاءات، ولم يكن وفيًّا لوعوده التّي قطعها قبل وبعد انتخابه، بأن يمدّ يده للشّباب والمثقّفين والوجوه النّزيهة التّي لم تتلطّخ بوحل الزّمن البوتفليقيّ".

ويضيف محدّث "الترا صوت" بالقول: "أنا لا ألوم الرّئيس ومحيطه، فما هو إلّا ثمرة طبيعيّة لمرحلة ما تزال مستمرّة، بل ألوم الأطراف الشّعبيّة والسّياسيّة التّي غادرت مسعى الحراك الشّعبي والسّلمي، وساهمت في شيطنته وتخوين رموزه، بما سمح للمرحلة السّابقة بالاستمرار". يسأل: "بأيّ حقٍّ يرفضون اليوم قرارات الرّئيس الذّي شقّوا صفّ الشّعب من أجله؟ ألا يفترض بهم أن يزكّوها ويصمتوا انسجامًا منهم مع انتصارهم له، في عزّ حاجة الحراك إلى نصرتهم؟".

وأبدى الكاتب الصّحفي خليفة بن قارة، ملاحظة خلوّ قائمة التّعيينات الرّئاسيّة من أيّ وجه ينتمي إلى الحقل الثّقافيّ والمعرفي والفكري، "فالتّعيين من داخل هذا الحقل هو ما يعطي انطباعًا بأنّ هناك تغييرًا واحتكامًا إلى معيار الكفاءة والجدارة". وهو ما علّق عليه الجامعيّ كمال حجّام بالقول: "إنّ التّسويق للجزائر الجديدة بالأساليب القديمة، وضخّ المزيد من الشّحنات الاستفزازيّة جعل الإحباط يتدفّق جارفًا الأمل حتّى لدى أكبر الحالمين".

 

هنا، ورد في تدوينة فيسبوكيّة للباحث يوسف وغليسي: "جزائر جديدة بوجوه قديمة! أيّها الحالمون؛ اقتصدوا في أحلامكم".

وذهب معظم التّعليقات المستاءة إلى تعيين ليلى عسلاوي، بحكم أنّها تمثّل النّموذج الحيّ الذّي يذكّر الجزائريّين بوجوه المرحلة الدّمويّة، حيث كانت ضمن الجماعة المرافعة عن خيار توقيف المسار الانتخابيّ، وإلى تعيين بلقاسم عبد العالي رئيس الفدراليّة الجزائريّة لمربّي المواشي، من زاوية كون منظمته كانت ضمن المنظّمات المساندة لعهدة خامسة للرّئيس بوتفليقة، وكونها لا ترقى بحكم اختصاصها إلى أن تساهم في التّشربع للجزائريّين.

كتب النّاشر والنّاشط المدنيّ كمال قرور: "إلى المستائين من تعيين "موّال المواشي" في مجلس الأمّة. في ظلّ تقاعسكم وثرثرتكم، المرّة القادمة سيعيُّنون لكم المواشي ولم لا؟". وكتب الإعلاميّ حسان زهّار: "بعد تعيين ليلى عسلاوي في الثّلث الرّئاسيّ لمجلس الأمّة. آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه وساقيه وظهره وذراعيه".

أيّ طرفٍ ينوي الرئيس تبون استقطابه بتعيين وجوه محسوبة على المراحل السّابقة؟

هنا نجد أنفسنا أمام سؤال بات يملك مبرّر طرحه: إذا كان الرّئيس عبد المجيد تبّون قد لجأ، عند تعيين الحكومة مباشرةً بعد انتخابه قبل ستّة أشهر، إلى تعيين وجوه من الحراك بنيّة استقطاب قواه المختلفة، فأيّ طرفٍ ينوي استقطابه بتعيين وجوه محسوبة على المراحل السّابقة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

يسعد مبروك يهاجم مسودة الدستور

مسوّدة الدستور في الجزائر.. تعديلات مثيرة للجدل