05-فبراير-2023
الصحافي إسماعيل بن قايدية (فيسبوك/الترا جزائر)

الصحافي إسماعيل بن قايدية (فيسبوك/الترا جزائر)

إسماعيل بن قايدية، إعلامي وصحافي جزائري من مواليد مدينة قسنطينة سنة 1967، يعمل في مؤسسة التلفزيون الجزائري، ويشغل منصب رئيس تحرير في وحدة الإنتاج بمحطة قسنطينة الجهوية، ويشتغل بالتعليق الرياضي وتنشيط عدّة حصص منها حصة "صباح الخير من الجزائر" على قناة "كانال ألجيري" الناطقة بالفرنسية.

إسماعيل بن قايدية: لقد كان حضور العائلات والنساء في قسنطينة ملفتًا رغم الطابع المحافظ للمدينة

بدأ مشواره الصحافي سنة 1991 من خلال عناوين مهمة في الصحافة المكتوبة، بداية من جريدة أخبار الشرق، لينتقل إلى العمل في عدة جرائد أخرى منها الأصيل، ليبيرتي، آخر ساعة، لوسوار دالجيري، كومبيتيسيون والأحداث.

 انتقل بن قايدية من الصحافة المكتوبة إلى الإذاعة الجزائرية، واشتغل في القناة الثالثة و"سيرتا أف أم" منشطًا لحصص متنوعة قبل الالتحاق بالعمل التلفزيوني.

من خلال هذا الحوار، سنتعرف على تجربة هذا الصحافي كمسؤول تنظيم وتسيير في اللجنة الإعلامية لبطولة الشان في قسنطينة، وسنخوض في كواليس هذه التظاهرة الكروية وأحداثها من خلال احتكاكه بالمنظمين والضيوف والفرق الكروية والمتطوعين والجمهور في هذه المدينة التاريخية.

  • فيم تمثلت مهمة إسماعيل بن قايدية خلال "شان" الجزائر ؟

تمثلت مهمتي خلال فترة "الشان" في مدينة قسنطينة في الإشراف على لجنة وسائل الإعلام التابعة للجنة المحلية لتنظيم البطولة الأفريقية في قسنطينة تحت إشراف الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم، وقد كان هذا العمل قائما بالأساس على ضبط مهام الصحفيين المحليين والأجانب، وتسهيل مهامهم أثناء تأدية عملهم قبل، خلال وبعد فترة المقابلات المحددة في ملعب حملاوي بقسنطينة، لكن المهام توسعت مع الوقت بعد النزول إلى الميدان.

الصحافي إسماعيل بن قايدية

  • كيف كان يتم هذا التنظيم ؟

من المعروف أن هنالك ضوابط وقوانين تسنها الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم لضمان السير الحسن لأية بطولة تحت إشرافها، وقد أوكلت إلينا هنا مهمة الوقوف على ضمان سير هذه القوانين والضوابط التي تتحكم بالأساس في تسيير وتسهيل حركة الفرق التي وقعت عليها القرعة للعب في مدينة قسنطينة، إضافة إلى مد يد المساعدة لها للحصول على تجربة مريحة ومثمرة،  كما تكفلنا بالإشراف الكامل على الندوات الصحافية التي رافقت كل المباريات تحت قيادة الكاف واللجنة الخاصة بوسائل الإعلام.

علاوة على ذلك، كانت هنالك مهمة التكفل بالمنطقة المختلطة الخاصّة باستجوابات اللاعبين والمدربين وغيرهم ممن تطلب الصحافة المحلية والدولية استجوابهم ولقاءهم، وأيضًا، ضمان السير الحسن لقسم المترجمين الخاص بالصحافة الأجنبية، حيث عملنا على تسهيل التواصل اللغوي بين الإعلاميين والمشاركين، إضافة إلى تنظيم المداخلات أثناء الندوات الصحافية لتجنب الفوضى.

الصحافي إسماعيل بن قايدية

  • هل تم التحضير مسبقًا لهذه المهمة؟

بالطبع، فقبل الخوض في كل هذا العمل، كان لابدّ من استيفاء الشروط التي تفرضها الكونفدرالية الأفريقية على البلد المنظم، من خلال جاهزية الملعب وتنظيم المرافق التابعة لكل فريق، إضافة إلى ضرورة توفير أماكن كافية لأكثر من 120 صحافيًا، وتجهيز مقر منفصل خاص بهم، فيه كل ما يحتاجونه من أجهزة حديثة ومناخ جيد للعمل بأريحية لنقل فعاليات "الشان"، إضافة إلى تسهيل عملهم الميداني، وتجهيز المنصة الخاصة بالتعليق ونقل أحداث المباريات، وهذا ما تم العمل على توفيره وتجهيزه لأشهر قبل بداية هذا الحدث الكروي.

  • احك لنا تجربتك مع المتطوعين الذين رافقوك خلال هذه المهمة؟

لقد كان عملي الرئيسي خلال هذه الأسابيع وما قبلها، هو تأطير الشباب المتطوعين الذين اختاروا العمل على إنجاح هذه النسخة الجزائرية من الشان في قسنطينة، وقد كان لدينا حوالي 36 شابا وشابة، كانوا في مجملهم من طلبة كلية الإعلام والاتصال في المدينة.

 لقد تم اختيار هؤلاء الشباب لتمكينهم من فرصة الاحتكاك بالصحافيين المحليين والأجانب، إضافة إلى منحهم تجربة وخبرة العمل الصحافي الميداني، وكذا فرصة مساعدة مسؤولي الكونفدرالية الأفريقية الذين كانوا يؤدون مهامهم هنا.

لقد ساعدنا هؤلاء الشباب بشكلٍ كبيرٍ في إنجاز المهام الموكلة إلينا، وقد تجلى ذلك في عدة مشاهد أثناء توجيه الصحافيين وتأطير المصورين وجو التعامل الجيد مع الضيوف، ومنح أفكار شابة بعثت البهجة في الأجواء وفي قلوب الضيوف، وهذا هو الجانب الجميل الذي يبقى خفيًا عن أنظار الجمهور.

  • كيف كانت تجربة مشاركة العائلات -النساء خاصة- في الحضور الجماهيري في ملعب حملاوي؟

أظن أن أهم النتائج الإيجابية التي حققتها بطولة الشان في الجزائر هي تجربة العائلات في الملاعب، نظرًا لما ينتظرنا من استحقاقات رياضية مستقبلية، حيث وجب على الجميع الاعتياد على هذا الحضور المهم لإنجاح أي حدث رياضي.

لقد كان حضور العائلات والنساء في قسنطينة ملفتًا رغم الطابع المحافظ للمدينة، لكن رغبة العوائل القسنطينية في إنجاح هذه النسخة، ساهمت في تشجيعها على حضور كل المقابلات، وقد توافد الجميع بشكلٍ كبيرٍ ومبكر، وخصصت لهم الأماكن المغطاة نظرًا لوجود أطفال ونساء مسنات وشيوخ أيضًا.

 كانت الأجواء احتفالية بامتياز، ولم يشهد الملعب أي حركة أو تشويش، بل بالعكس، كان الحضور راقيًا ومنضبطًا، وتم تشجيع كل الفرق المشاركة بشكل جميل جدًا.

لقد اقتنع الجمهور القسنطيني أخيرًا أنه بالإمكان احتضان هذا النوع من التظاهرات والبطولات بشكل طبيعي وحضاري دون خوف، علينا فقط أن نتجرأ وأن نقبل التحديات وأن نعمل على تمثيل هذا البلد بالشكل الذي يليق به.

  • لمسنا خلال الشان اهتماما كبيرًا بالجانب السياحي والثقافي للمدينة من طرف اللجنة المنظمة. كيف كانت النشاطات المخصصة لذلك وما ردة فعل ضيوف "شان" الجزائر ؟

لقد كانت هذه المهمة غير المعلن عنها في نشاطاتنا من بين أفضل التجارب، حيث آثرنا أن نمنح الضيوف نفسا جديدًا وجوًا مبهجا، من خلال الخرجات التي قمنا بها دوريا أثناء إقامة الفرق ومسؤولي الكونفيدرالية وممثلي الصحافة الدولية على حدّ سواء.

الصحافي إسماعيل بن قايدية

لقد ارتأينا أن نمنح المدينة حقها أيضًا من هذا الحدث الكروي، نظرا لتاريخها الكبير وآثارها الجميلة، كما عملنا على توفير إقامة جميلة ومثمرة لضيوفها، حيث تكفلنا بزيارتهم لأماكن عديدة مثل مبنى المسرح الجهوي التاريخي، متحف سيرتا وقصر الباي، حيث تم تعريفهم بتاريخ المدينة من طرف مرشدين مختصين بذلك، إضافة إلى المرور بالجسور المعلقة وأخذ صور تذكارية في هذه الأماكن، كما تعرفوا على المطبخ القسنطيني من خلال زيارة مطاعم تقليدية مختلفة، وتجربة أكل الشارع الذي تمتاز به المدينة.

في الواقع، نحن محظوظون بالإقامة في هذه المدينة التاريخية، كان من واجبنا أن نعرف بها هؤلاء الضيوف، وأن نمنحهم فرصة اكتشافها بأعيننا، وكانت لدينا مساحة كبيرة وفروها لنا باهتمامهم الشديد، واحتفائهم الدائم بطيبة سكان المدينة وترحيلهم غير المشروط وغير الانتهازي، فقمنا خلال ذلك بقص روايات تاريخية عن المدينة وعن الحضارات التي مرت بها خلال عدة قرون، وبالاحتكاك بالشارع بشكلٍ مباشر، ما بعث روح الطمأنينة في قلوبهم، وما سمح لنا بخوض تجربة سياحية وثقافية تُضاف إلى التجربة الرياضية المثمرة.

  • هل كانت موجة البرد رحيمة بالضيوف وبكم  خلال "شان" قسنطينة؟

لقد عبر الضيوف عن إعجابهم الشديد بالمدينة رغم فترة البرد الشديد التي صادفت إقامتهم فيها، وقد عزم العديد منهم على العودة لزيارتها في ظروف مناخية معتدلة ليتمتعوا أكثر بجمالها وتجربة السياحة فيها.

كان بعضهم يتعرف لأول مرة في حياته على الثلج، وقد كان برد قسنطينة في تلك الأيام شديدًا، فتم إلغاء تدريبات فرق السودان ومدغشقر وغانا خلال يوم تساقط الثلوج لعدم اعتيادهم عليه، رغم صلاحية الأرضية التي لم تتأثر بأي عامل مناخي، لكن الأجواء العامة كانت جيدة وقد اعتادوا شيئًا فشيئًا على تلك الأجواء خلال الزيارات السياحية.

الصحافي إسماعيل بن قايدية

  • ما  خلاصة هذه التجربة بالنسبة إليك شخصيا كصحافي؟

شخصيًا، مررت كثيرًا بالعديد من التجارب والتغطيات الرياضية المحلية والعالمية عبر عدة سنوات، لكنني لم أتكفل يومًا بالتنظيم والإشراف على أي حدث كروي بهذه الأهمية أو حتى أقل.

لقد كان الأمر حساسًا وصعبًا بعض الشيء،  خاصة في كيفية تسيير وإرشاد ذلك الجمع الغفير من الزملاء والمتطوعين، وإقناع الجميع بأننا نشرف على تطبيق قوانين صارمة وجب مواكبتها وعدم تحييدها عن مسارها من أجل سمعة البلد وتنظيمه، لكنها كانت تجربة شخصية مهمة ساعدتني كثيرًا على اكتساب خبرة أحملها معي في تجارب مقبلة، وأظن أن أهم ما في هذا هو تأكدي أن هنالك قوة شابة تحب هذا البلد، ووجب الاستثمار فيها بشكل واسع وواثق ومنحها فرصها التي تستحق، لقد كانت تجربة إنسانية بامتياز.

لقد أعجب ضيوف الجزائر في قسنطينة بمشاركة الجمهور الغفير في كل مقابلة رغم برودة الطقس، ورغم غياب الفريق الوطني، وعدم وجود أي لاعب معروف دوليًا يستدعي كل ذلك الجمع الغفير، وهو ما أثار إعجاب الفرق والمسؤولين والصحافة الدولية على حد سواء، حتى أن أحد الضيوف عبر وقال لي : "أنتم مجانين كرة قدم، كنت أحسب أن البرازيليين فقط من هم كذلك، لكن الجزائر أيضًا بلد كرة القدم!"

 الجزائر قادرة جدًا على احتضان أعراس كروية ورياضية أهم وأكبر، لدينا كل الإمكانيات البشرية والمادية للقيام بذلك، بالإرادة يمكن تحقيق كل شيء.

إسماعيل بن قايدية: ستقام أربع لقاءات في ملعب حملاوي بقسنطينة في بطولة أفريقيا للاعبين أقل من 17 سنة 

  • ماذا عن بطولة أفريقيا لللاعبين الأقل من 17 سنة؟

ستنظم هذه البطولة قريبًا أيضًا في الجزائر خلال شهر أيار/ماي، ستقام أربع لقاءات في ملعب حملاوي، وأتمنى أن يكون هنالك أيضا لقاء ربع نهائي لتزيد المتعة، سنستقبل الفرق هذه المرة في جو أجمل وأكثر اعتدالًا بإذن الله، وستكون الظروف أفضل لسيرورة هذه البطولة، وضمان حضور جماهيري أكبر، كما أتمنى نجاحها مثل نجاح هذه النسخة من "الشان".