28-سبتمبر-2023
 (الصورة: Getty) طلبة جامعة الجزائر 3

(الصورة: Getty) طلبة جامعة الجزائر 3

لماذا وصلت الجامعة الجزائرية إلى حيث وصلت الآن؟ بعد أن وُضعت عدة شروط لتوظيف الدكاترة وحاملي شهادات الماجستير وتسوية وضعية الآلاف منهم في إطار التوظيف التي أمر بها الرئيس عبد المجيد تبون؟ ولماذا لم ينظر بعد في ملف الدكاترة الأجراء في مؤسسات خارج الجامعة؟ وهل استجابة الوزارة لإيجاد حلول لهذه الفئة يمر عبر أمر رئاسي؟

دعت التنسيقية الرئيس عبد المجيد تبون لإنصاف حاملي أعلى شهادة جامعية في الجزائر، حيث تؤكد على مشروعية مطالبها المتعلقة بتوظيف حاملي شهادة الماجستير والدكتوراه الأجراء من دون إقصاء تعسفي

المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لحملة وطلبة الدكتوراه والماجستير (تنسيقية تنظم النخبة الجامعية من الدكاترة)،  نظم وقفات احتجاجية سلمية أمام مقر الولايات ابتداء من 14 أوت/ أغسطس، لمناشدة الرئيس تبون التدخل لإنصاف الدكاترة وحملة الماجستير الأجراء المقصيين من التوظيف بمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي طبقا لما أقره الرئيس.

ومن قرارات الرئيس قبل شهرين هي موافقته على منح قرابة ثمانية آلاف منصب ٍماليٍ دائم لجميع حاملي الدكتوراه والماجستير دون استثناء، وهو الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا وغضبًا شديدًا بالنسبة للدكاترة الموظفين في عدة مؤسسات عمومية، إذ أقبلت الوزارة على إقصائهم وتنفيذ مخطط توظيف الدكاترة والحاصلين على شهادة الماجستير البطالين فقط، دون فئة أخرى.

وفي إطار تصعيد مواقف المعنيين وإنجاح الوقفات السلمية وإيصال رسالة النخبة إلى رئيس الجمهورية، وتلافيًا لأي طارئ أو أي خلل دعت التنسيقية جميع فروعها في الولايات إلى الحفاظ على الطابع السلمي والحضاري والنخبوي للوقفات الاحتجاجية وضرورة التحلي بالتنظيم والمسؤولية اللازمة لاسيما ضرورة المحافظة على مقتضيات حفظ النظام العام والتعاون الإيجابي والتام مع مصالح وأعوان الأمن الوطني.

واعتبرت التنسيقية إقصاء الأجراء من التوظيف في الجامعة “غير دستوري"، وتخلٍ عن أساسيات المواطنة وضياع تعب وكفاح السنين من أجل العلم والبحث الأكاديمي، حسب ما ورد في بيان التنسيقية.

كما تتخوف التنسيقية الوطنية لحاملي وطلبة الدكتوراه والماجستير من إصدار قانون يلغي حقوق الموظفين والعمال وأصحاب المهن الحرة في المشاركة في مسابقات التوظيف الخارجية، في مقابل صمت النقابات على مستوى الوظيف العمومية.

ودعت التنسيقية الرئيس تبون لإنصاف حاملي أعلى شهادة جامعية في الجزائر، حيث تؤكد على مشروعية مطالبها المتعلقة بتوظيف حاملي شهادة الماجستير والدكتوراه الأجراء من دون إقصاء تعسفي، داعية أيضًا إلى تحرير المناصب المالية المجمدة منذ 2014 .

وعملًا بالمراجع القانونية التي استندت عليها التنسيقية فإن التشريعات تنص في المادة 67 المتعلقة بتساوي جميع المواطنين في تقلد المهام وفقًا لمؤهلاتهم، كما تشير المادة 74 من الأمر 06/03 الذي ينص على مبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العمومية.

أما المادة 15 من المرسوم التنفيذي رقم98/ 254 المؤرخ في 17 أوت 1998، الذي ينصّ على خضوع مناصب التوظيف في الدكتوراه للاحتياجات الكمية والنوعية التي تعبر عنها الجامعات من حيث الأساتذة الباحثون.

كما تفيد المادة 34 من المرسوم التنفيذي 08/130 مؤرخ في 03 ماي سنة 2008، المتضمن القانون الأساسي الخاص بالأستاذ الباحث، تحت عنوان شروط التوظيف والترقية نص المادة 34 منه.

وفي الإطار نفسه، أقرت المادة 80 من الأمر 06/03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 المتضمّن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية حق التوظيف المباشر لحاملي شهادة الدكتوراه، باعتبارهم قد تابعوا تكوينًا متخصصًا منصوصًا عليه في القوانين الأساسية لدى مؤسسات التكوين المؤهلة.

حاجة التكوين

من جانبها، طالبت التنسيقية الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية (سناباب)، السلطات العليا في البلاد والوصاية بالتكفل الأمثل لشريحة أصحاب شهادة الماجستير والدكتوراه الاجراء مع إيجاد حلول مناسبة من أجل توظيفهم بالمؤسّسات الجامعية والمدارس العليا ومراكز البحث.

وشدد المنسق الوطني للتنسيقية، البروفيسور عزالدين رامي، على أن الجامعة الجزائرية بحاجة ماسة لمؤطرين وباحثين، ووجب الاستفادة من كفاءات هي خارج أسوار الجامعة وضرورة احتضانها من المؤسسات الأكاديمية لتحقيق فائدة مشتركة لمؤسّسات العلم والبحث العلمي والمصالح العليا للبلاد.

ثروة مهدورة

مع تصاعد الاحتجاجات، والقلق بالنسبة للدكاترة الأجراء، يرى البعض أن الأمور ستسير نحو الحل بتوظيف الدكاترة البطالين أولًا، ثم الانتقال نحو توظيف الفئة الثانية بعد تقديم استقالاتهم من المؤسّسات التي يشتغلون بها، إذ يقول الدكتور فريد شطايبي بأنه تحصل على الدكتوراه في عام 2015 ويشتغل في مؤسسة حكومية، لكنه يفضل أن يتوجّه للجامعة والبحث العلمي لأنه "مجاله وشغفه الذي درس لأجله".

وشدد شطايبي في تصريح لـ" الترا جزائر"، على أن الجامعة بحاجة إلى كفاءات البحث العلمي وهو ما يتسق مع متطلبات التغيرات الحاصلة في العالم وفي البحوث العلمية، مشيرا إلى أن " الدكاترة وأصحاب الشهادات العليا ثروة مهدورة".

 بينما يرى رأي ثالث أن الأمر لا يتوقف عند هذه الجزئية، على اعتبار أن الآلاف يطالبون بالتوظيف المباشر أي بعد الحصول على الدكتوراه وجب توفير منصب مالي للمعنيين وتوظيفهم وفق القانون دون مسابقات أو سنوات انتظار.

هذا الأمر يحتاج حسب القائمين إلى تكافئ في الفرص وفي المناصب المفتوحة على مستوى الجامعات، خاصة وأن المؤسسات الجامعية مازالت لم تعلن بعد عن احتياجاتها الحقيقية في ظل الإقرار بتوظيف الدكاترة في مراكز البحوث ما يعني امتصاص الدكاترة البطالين.

التوظيف في الجامعة يستدعي عملية إحصاء كبرى على مستوى الجامعات وفرض قرارات صارمة تتعلق بمركز الأستاذ الجامعي ووضعيته الأكاديمية والاجتماعية

هذه الآراء وحدها لا تكفي في سياق ميداني يفتقر لعملية إحصاء شفافة وصارمة، رغم أن وزارة التعليم العالي وضعت تحت تصرف الحاصلين على الشهادات العليا منصة إحصاء رقمية، ما يعني أن العملية ستتم بطريقة سلسلة ومكشوفة، بينما هناك من يتحدث عن "عملية تشويش" إذ تم فتح المنصة وإغلاقها مرتين سابقًا وتحدثوا عن وجود عدة موظفين في مؤسّسات عمومية، بينما كانوا يمارسون التدريس الجامعي وفق أطر غير قانونية، وهو ما يستدعي عملية إحصاء كبرى على مستوى الجامعات وفرض قرارات صارمة تتعلق بمركز الأستاذ الجامعي ووضعيته الأكاديمية والاجتماعية.