27-مايو-2023
احتجاجات حاملي شهادة الدكتوراه والماجيستير (فيسبوك/الترا جزائر)

احتجاجات حاملي شهادة الدكتوراه والماجيستير (فيسبوك/الترا جزائر)

هل سينتهي كابوس توظيف حملة الدكتوراه والماجستير في الجزائر نهائيًا بعد قرارات مجلس الوزراء الأخيرة؟ وهل تحتاج هذه القرارات إلى إعادة تفسير وتوضيح وفهم وتنسيق بين مختلف مكونات الأسرة الجامعية؟

يرفض الدكاترة البطالون والحاصلون على الماجستير التوظيف عن طريق المسابقات ويطالبون بالتوظيف المباشر بدلًا عن ذلك

سؤال بات يطرحه آلاف البطالين ممن ضاقت بهم سبل التوظيف سواء بشهاداتهم العليا أو إنصافهم بتعويضات مادية وأكاديمية تنجيهم من شبح البطالة العلمية، خاصة وأن موافقة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، على جملة قرارات تخص حل هذه الأزمة جاء ليروي ظمأهم بعد أكثر من سبع سنوات من النضال والوقفات الاحتجاجية.

لغز البيان ولبس القرار

 تضمن الإعلان الذي نشرته الرئاسة الجزائرية، بخصوص اجتماع المجلس الوزاري، الذي أفضى إلى موافقة الرئيس على مقترحات قدمها وزير التعليم العالي والبحث العلمي البروفيسور كمال بداري، تضمّن توظيف وإدماج حاملي شهادتي الماجستير والدكتوراه ضمن المناصب الجامعية، إلا أن الاجتماع لم يفصح بعد عن مختلف الإجراءات التي من المفترض اتخاذها لأجل تذليل معضلة" أزمة الدكاترة"، رغم أن وزارة التعليم العالي نشرت بعض محاور الإجراءات.

هذه المحاور أغضبت المعنيين، إذ أفصحت تدوينة عن الوزارة عن بعض نقاط ظلّ من اجتماع الرئيس بالوزراء، إلا أن بعض البنود تحتاج إلى شرح لأن الحاصلين على شهادة الدكتوراه والماجستير يطالبون بالتوظيف المباشر، عكس ما كانت عليه مقترحات الوزير الذي أعلن عن صيغ لتوظيفهم في المؤسّسات الجامعية كأساتذة باحثين، وكباحثين في مراكز البحث، والتوظيف في الإدارات برتب إدارية خاصة، علاوة عن التوظيف بالتعاقد في التدريس بالمؤسّسات الجامعية مع أجرة شهرية معادلة لأجرة أستاذ مساعد قسم - ب - دائم قابلة للتجديد.

وبالإضافة إلى ما سبق، فإنّ المخطط الذي كشفت عنه الوزارة يُمكِّن التوظيف للدكاترة العاطلين أيضًا بصفة "باحث متقاعد بمراكز ومخابر ووحدات البحث، وبرامج البحث الوطنية براتب يعادل أجرة باحث دائم، قابل للتجديد".

كما تعرّض اجتماع المجلس إلى عدة نقاط تهم الأسرة الجامعية، أهمّها مراجعة القانون الأساسي للأستاذ الباحث، والقانون الأساسي للباحث الدائم، فضلًا عن القانون الأساسي للإستشفائين الجامعيين، والنظام التعويضي لفائدة الأستاذ الباحث، إضافة إلى النظام التعويضي لفائدة الباحث الدائم، والنظام التعويضي لفائدة الاستشفائيين الجامعيين.

رغم أن كثيرًا من الأساتذة والجامعيين استبشروا خيرًا في اقتراب انفراج أزمة أصحاب الشهادات العليا، خاصة منهم الدكاترة، إلا أن التنسيقية الوطنية لحاملي وطلبة الدكتوراه والماجستير، استغربت بيان وزارة التعليم العالي ونددت به.

وذكر المجلس بأن بيان مجلس الوزراء تضمن عبارة واضحة لا لبس عليها وهي "توظيف حاملي شهادتي الدكتوراه والماجستير في مناصب جامعية "، موضحًا أن ذلك يعني الاستجابة لمطلب التوظيف المباشر الذي رفعته التنسيقية الوطنية لحاملي وطلبة الدكتوراه والماجستير ودافعت عنه منذ أزيد من سبع سنوات عبر نضال سلمي ومتحضر.

انتظار تحقيق المطالب

وتأسفت التنسيقية الوطنية لحاملي وطلبة الدكتوراه والماجستير عن الإفراج عن مخطط التوظيف الذي لا ينسجم مع مطالب الآلاف، إذ تضمنت مقترحات الوزارة صيغة التوظيف عبر "التعاقد"، رغم أن هذه الصيغة لا توفر المناصب التي أوصى بها الرئيس، مشيرًا إلى أن الرئيس في العديد من المناسبات يسعى جاهدًا إلى القضاء على التعاقد في الوظيف العمومي مع نهاية سنة 2023، كما تضمن كذلك المخطط "التوظيف في الإدارات العمومية" رغم أن بيان مجلس الوزراء لم يشير إلا إلى التوظيف في "مناصب جامعية".

وفي هذا الإطار يتعارض مخطط التوظيف "ومضمون وتوجيهات بيان مجلس الوزراء" بحسب المعنيين، ولهذا دعت التنسيقية، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى "الاجتهاد في مراجعة مخطط التوظيف وجعله يتطابق وتوجيهات رئيس الجمهورية الذي أوصى بضرورة توظيف حاملي شهادتي الدكتوراه والماجستير في مناصب جامعية"، مضيفة بأنه "لا يعقل بعد أن تم تعديل بيان مجلس الوزراء بحذف كلمة (إدماج) رغم ما لها من تأثير قانوني في تجسيد مطلب التوظيف المباشر.

عودة للاحتجاجات..

يرفض الدكاترة البطالون والحاصلون على الماجستير الذين يتجاوز عددهم الـ 14 ألف على المستوى الوطني وفي مختلف التخصصات العلمية والاجتماعية والإنسانية التوظيف عن طريق المسابقات، باعتبار أن حاملي شهادتي الدكتوراه والماجستير قد اجتازوا مسابقة وطنية سمحت لهم بالظفر بمنصب، وكذلك لمنطق التوظيف بالعقود الذي لا يضمن الحماية القانونية للمركز القانوني ولا يضمن مسارًا مهنيًا مستقر بكامل الحقوق.

ويرى المعنيون أن الحل الوحيد لقضية حاملي شهادتي الدكتوراه والماجستير هو التوظيف المباشر، الذي سيكون بمثابة إنصاف النخبة وانقاذ الجامعة الجزائرية من العجز الذي تعاني منه من حيث التأطير البيداغوجي والعملي.

إلى هنا،طالب العشرات من حاملي شهادات الدكتوراه العاطلين عن العمل، التنسيق فيما بينهم استعدادًا لاتخاذ إجراءات ميدانية قد تصل حد الاعتصامات المفتوحة، أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالعاصمة الجزائرية وعبر مختلف الجامعات الجزائرية، تأتي في سياق هذه القرارات " المبهمة" بحسب الباحث عبد الكريم آيت مسعودان من جامعة باب الزوار، الذي اعتبر القرار لا يعبر عن انتظارات الباحثين العاطلين.

وقال لـ" الترا جزائر" بأن ما اقترحه الوزير كان مرفوضا من قبل الآلاف من الدكاترة المعطلين، لأنه حسبه يطالبون بتوظيف مباشر في مناصب جامعية وليس عقود قابلة للتجديد.

وطرح الأستاذ آيت مسعودان فكرة أن الكثيرين هم موظفون في مناصب لا تنسجم مع شهاداتهم العليا فكيف يتركون الوظيفة من أجل عقد محدد بمدة زمنية، وهذا في حدّ ذاته إجحاف في حق الباحثين والدكاترة " نخبة المجتمع".

في سياق متصل، سبق لوزارة التعليم العالي إنشاء منصة إلكترونية لإحصاء حاملي شهادة الدكتوراه والماجستير، حتى تتمكن من توزيعهم بحسب المناصب المفتوحة على مستوى المؤسسات الجامعية والمراكز البحثية.

يسعى حاملو شهادات الدكتوراه العاطلون عن العمل للتنسيق فيما بينهم استعدادًا لاتخاذ إجراءات ميدانية قد تصل حد الاعتصامات المفتوحة

الحوار قبل التصعيد

وفي مستجدات هذه القضية، تقدم أعضاء من التنسيقية بطلب لقاء الوزير لفتح حوار والسماح بإيجاد مخطط يتوافق ومطلب التوظيف المباشر لجميع حاملي شهادتي الدكتوراه والماجستير، كما أعلنت أنه في حال رفض الوصاية لقاء وفد عن التنسيقية، ستدفع بها نحو التصعيد وتنظيم وقفة احتجاجية سلمية حاشدة و قوية يوم 29 أيّار/ماي الجاري أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للتعبير عن رفضها المطلق لمخطط التوظيف الذي طرحته الوزارة والتأكيد على مطلب التوظيف المباشر الذي تبرره النصوص القانونية والعجز الفادح في التأطير العلمي والبيداغوجي الذي تعاني منه الجامعات.