30-مارس-2023
شربة

(الصورة: فيسبوك)

يحرصُ المغتربون الجزائريون حرصًا شديدًا على استحضار التقاليد الأصيلة للوطن في شهر رمضان، حيث تتحوّل بعض المناطق المعروفة بكثافة الجالية الجزائرية فيها لأسواق في الهواء الطلق لبيع المنتجات الخاصة بشهر الصيام، كالزلابية وقلب اللوز وغيرها من أساسيات المائدة الرمضانية.

في الدائرة الـ19 من العاصمة الفرنسية باريس، هناك تقليدٌ رمضانيٌ يتجدد كل سنة، وبات من بين أهم طقوس رمضان لدى الجالية الجزائرية في عاصمة "الجن والملائكة"، حيث يعود هذا التقليد لأكثر من ثلاثين عامًا، فمع قدوم شهر رمضان، ترتسم هناك خيمةٌ عملاقةٌ تقدّم الوجبات الساخنة للصائمين وتقيم إفطارًا يوميًا ترعاه جمعية "شربة للجميع".

شُربة للجميع

حول مائدة واحدة، يجتمع أشخاص من أصول وأجناس وأعمار مختلفة، يوميًا، لإعداد وجبات الإفطار التي يقدمونها للصائمين بمناسبة شهر رمضان. يأتي 600 إلى 800 شخص للجلوس كل يوم إلى مقر الجمعية التي تحمل شعارها: "المشاركة والتضامن".

شربة

نشأت الجمعية عام 1992، ودأبت منذ ذلك الحين على تنظيم تقليدها السنوي الذي أصبح ذائع الصيت في باريس، جاءت فكرة إنشاء هذه الجمعية من مجموعة من الطلاب المهاجرين بهدف تجميع المغتربين الجزائريين لتقاسم وجبات الطعام في المساء، وهي تتألف من مجلس إدارة من 7 أعضاء، 4 منهم يشكلون المكتب، طباخٌ وسائق كموظفين ونحو 220 متطوعًا.

شربة

"شربة للجميع" هو مشروع مجتمعي مبني بالكامل على التطوع، حيث يشرح رئيس الجمعية عبد النور دادوش أن "كل فرد يقدّم الدعم على طريقته لإفطار الصائمين في باريس، هناك من يساعد بماله، وهناك من يقدّم تبرعات من المواد الغذائية، فيما يتطوّع أخرون بوقتهم، لتحضير الوجبات، وتهيئة المكان، وتوزيع وجبة الفطور وتنظيف الأواني وغيرها من المهام".

قبل شهر رمضان، تفتح الجمعية باب التسجيلات أمام المتطوعين لتنظيم عملية الإفطار حيث يتوزع المتطوعون على مجموعات، تقوم كل مجموعة بمهمة خاصة، يقول رئيس الجمعية إنه ضمن المتطوعين نجد مهندسين، وأطباء، وغيرهم، معلّقا: "تجد هنا مدير شركة يقوم بغسل الصحون، وهذا سرُ نجاحنا".

مائدة جزائرية

في شهر رمضان يُصبح مقر الجمعية ومطعمها في الدائرة الـ19 خلية نحل، ومحجًّا للمتطوعين والصائمين من جنسيات مختلفة، فرغم أن الجمعية متكوّنة من جزائريين حصرًا، إلا أن المتطوعين يمثلون بلدانًا مغاربية وأفريقية وإسلامية، يُشاركون في إعداد الطعام ويتشاركون مع القادمين وجبة الإفطار، التي تتزيّن بأشهى أكلات رمضان الجزائرية، إنهم يُحاولون بشكل ما خلق ذلك الدفء العائلي المفقود في ديار الغربة.

شربة

تحضّر الجمعية قرابة 500 وجبة يوميا، وتطلب الجمعية من القادمين إلى مطعمها التواجد في عين المكان أربعين دقيقةً قبل موعد الإفطار من أجل السير الحسن لعملية توزيع الوجبات من طرف متطوعيها الذين يحضرون إلى المطعم ساعات قبل الإفطار.

تنبعث من مطبخ الجمعية رائحة الأكل الجزائري الخاص برمضان، حيث غالبًا ما يكون الطبق الرئيسي هو الشربة و"البوراك" القاسم المشترك لموائد المغرب الكبير، كما تقدّم الجمعية التمر واللبن والماء، وطبقًا ثانيا وكذا تحلية رمضانية كالزلابية وقلب اللوز إضافة للفاكهة.

لا تقتصر خدمات جمعية "شربة للجميع" على شهر رمضان فقط، بل هي "باب مفتوح" طوال السنة، حيث تقدّم المساعدة والعون للمهاجرين الذين يتواجدون في ظروف صعبة، من خلال توزيع المنتجات الغذائية على العائلات والأفراد، وكذلك تقديم الدعم المالي والإداري.