09-أكتوبر-2019

عبد المجيد تبون، الوزير الأوّل السابق (تصوير: بلال كرامدي/أ.ف.ب)

يُجيب عبد المجيد تبون، المرشّح المحتمل للرئاسيات القادمة، في لقاء خاص مع الصحافيين، على أسئلة طالما طرحها الشارع الجزائري، فهو ينفي في هذا اللقاء أن يكون مرشّح السلطة أو أيّ حزب آخر، ويدعو إلى إعادة فتح ملف الخليفة الذي سبق وأن استُدعي فيه كشاهد فقط، ويتهرّب من الإجابة عن سؤال متعلّق  برأيه في إطلاق سراح معتقلي الرأي في الحراك الشعبي، بالقول إنّه لا يتدخّل في شؤون مؤسّسة القضاء.

تفادى تبون في هذا اللقاء، الحديث عن ملف ابنه المتورّط في قضية الكوكايين 

تفادى تبون في هذا اللقاء أيضًا، الحديث عن ملف ابنه المتورّط في قضية الكوكايين المعروفة إعلاميًا بقضية "البوشي"، مؤكّدًا أنّ هذا السؤال يطال حياته الخاصّة، ويدعو في الوقت نفسه إلى انتظار نتائج القضاء. يعد المتحدث أيضًا ببناء جمهورية جديدة تكون فيها القطيعة بين السياسية والمال، ويستثمرُ في صراعه السابق مع "الكارتل المالي" المحسوب على نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. كما يكشف حقيقة لقائه بالوزير الأوّل الفرنسي خلال إجازته في باريس، وأسباب سفره إلى مولدافيا.

اقرأ/ي أيضًا: هل سيكون عبد المجيد تبون الرئيس القادم؟

نِعمة الحراك الشعبي

يُجيب عبد المجيد تبّون، على سؤال متعلّق برأيه في الحراك الشعبي الذي أطاح ببوتفليقة، وأرسى فكرة إرساء دولة القانون لدى الشباب الجزائري، بأنّ "الحراك نعمة، وأن العائلات والشباب الذين خرجوا للشارع أعادوا للجزائريين نخوتهم المفقودة، في وقت كانت فيه وسائل الإعلام الدولية تنقل صورة ساخرة عن الواقع الجزائري، وتناقش المشهد السياسي في الجزائر بطريقة كاريكاتورية". مضيفًا أن "الحراك الشعبي قد أعاد للجزائريين كرامتهم ومسح تلك الصورة النمطية عن الفرد الجزائري، وهذا ما شعرت به شخصيًا".أمّا ردّه على سؤال متعلّق بالموقوفين والمعتقلين في فترة الحراك، فاكتفى تبّون بالقول إنّه معروف بعدم تدخله في عمل مؤسّسات الدولة، خاصّة حين يتعلق الأمر بالقضاء، مؤكدًا أنّه في حال انتخابه رئيسًا للجمهورية سيعمل على تقديس حريّة التعبير والرأي .

لست مرشّح السلطة

نفى عبد المجيد تبّون في معرض إجاباته على الأسئلة، أن  يكون مرشّح السلطة، أو أية جهة أخرى، فمن يروّج لمثل هذه الإشاعات، لا يستند لأيّ دليل مادي واضح مثل مكالمة هاتفية أو تصريح أو وثيقة، حسبه، فوزير السكن الأسبق يرى نفسه مترشحًا حرًا يعرض خدماته على الشعب الجزائري، الذي سيختار بحرّية رئيسه القادم. يضيف تبّون: "قرار ترشّحي جاء بعد تفكير مطوّل، قلت لم لا أقدم خدماتي للشعب، وبالنسبة للذين يقولون إنّ عبد المجيد تبون مرشّح السلطة أقول لهم كفوا عن الأقاويل، أنا رفضت حتى الترشّح تحت لواء حزب جبهة التحرير الوطني لأنني أرى نفسي مرشحًا للشعب".

هذه حقيقة لقائي مع إدوارد فيليب

يتطرّق عبد المجيد تبّون في هذا اللقاء، إلى الحديث عن لقائه الشهير مع الوزير الأوّل الفرنسي، إدوارد فيليب، والذي ربطه البعض بإقالته السريعة من على رأس الحكومة على خلفية لقائه غير الرسمي مع شخصيات فرنسية رسمية. هنا، يجزم تبّون أن لقاءه بالوزير الأوّل الفرنسي كان بصفته وزيرًا أوّل وليس بصفته الشخصية، وبموافقة رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة، وما وقع حينها أن الرئيس طُلب منه أخذ عطلة سنوية تمتدّ من يوم 3 إلى 18 آب/أوت، وكان الوزير الفرنسي قد طلب لقاءً معه بعدما بلغه أن تبّون سيقضي جزءًا من فترة راحته في العاصمة الفرنسية، ويضيف "أطلعت مدير ديوان الرئاسة حينها أحمد أويحيى بأنّ الوزير الفرنسي طلب مقابلتي، وأريد موافقة الرئيس حول الأمر".

يسترسل عبد المجيد تبّون، في سرد تفاصيل القضية: "بعد استشارة دامت أقلّ من نصف ساعة، أخبرني مدير الديوان أن الرئيس موافق على ذلك، شرط ألّا تلتزم بأيّ شيء خاصة في بعض الملفات، ولمّا وصلتُ إلى باريس اتصلت بالسفارة للتنسيق مع الوزارة الأولى الفرنسية لضبط موعد اللقاء، وذهبت مع المكلّف بالإعلام في السفارة في سيارة تابعة لها، بعد خروجنا لتناول الغداء تلقى هذا الأخير محضرًا، وبعد عودتي قدمت للرئيس تقريرًا مفصلًا حول اللقاء، هل هناك شفافية أكثر من هذه؟".

أما عن سفره إلى مولدافيا، فيرى عبد المجيد تبّون أنه أمرٌ شخصي لا مجال للحديث فيه، "أردت وجهة يمكنني المشي والتجوّل فيها بحرّية وبدون بروتوكولات، فرأيت أن بلدًا مثل مولدافيا يوفّر لي ذلك، هذا كلّ ما في الأمر".

انقلاب في مرسيليا؟

يصرّ تبون أن أهم أسباب إقالته من رئاسة الحكومة كان الحرب المعلنة التي بدأها ضدّ رجال الأعمال "الفاسدين"، ورفضه لتحكّم "الكارتل المالي" في القرارات السياسية، فبعد عشرين يومًا من تنصيبه بدأت بعض الأطراف تنظم اجتماعات سرّية من أجل تشويهه والدفع به نحو الخروج من الباب الضيّق.

هنا يقول تبّون إنّه سيمنح سبقًا صحفيًا: "البعض شرعوا بعد عشرين يومًا فقط من تنصيبي على رأس الحكومة في إعداد مؤامرة للإطاحة بي، لن أذكر الأسماء، لكن هناك اسم ذكرتيه الآن (كان يتحدث لصحفية ذكرت اسم علي حداد)، وشخص آخر كان حرّيًا به أن يكون مع العمال (يقصد عبد المجيد سيدي سعيد). لقد اجتمع بمرسيليا ستّة أشخاص وقرّروا تخصيص مبلغ ضخم، واستغلال أقلام مأجورة لتشويه صورتي لدى الرأي العام، المعلومة رسمية ونقلها لي صحافيون طُلب منهم الكتابة ضدّي مقابل أموال".

إعادة فتح ملف الخليفة

تُعتبر قضية بنك الخليفة أحد الأسئلة الملحة التي تنتظر إجابةً من طرف عبد المجيد تبّون، فمن المعروف لدى الرأي العام أن تبّون مثل أمام القضاء كشاهد في المحاكمة الأولى لعبد المومن خليفة، غير أنه لم يشأ الخوض في تفاصيل القضية وأجاب بدبلوماسية أنها "مجرّد فزّاعة، وسأتكلم عنها في الوقت المناسب"، لكنه في الوقت نفسه، أبدى تأييده لفتح ملف القضية من جديد.

عبد المجيد تبون أكّد في وقت سابق أن قضية الكوكايين التي تورّط فيها ابنه كانت تستهدف شخصه

أمّا بخصوص قضية "البوشي"، وحقيقة تورّط نجله في ذلك، أصرّ  تبّون أنه يحترم قرارات العدالة الجزائرية، رافضًا الحديث حول تفاصيل يراها "شخصية"، داعيًا الصحفيين الحاضرين للتقرّب من المحامين لمعرفة الحقيقة. وهو ما يتناقض مع تصريحاته أثناء سحبه لاستمارات الترشح، إذ صرّح تبون وقتها أن سجن ابنه هو استهداف لشخصه.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حرب تصريحات بين فليس وتبّون.. نيران صديقة؟

حوار | علي بن فليس: حاصر الحراك الجزائري التصحر السياسي والمغامرة بمصير الدولة