09-نوفمبر-2023
port

ميناء الجزائر (الصورة: Getty)

خصّصت الحكومة عبر مشروع قانون المالية لسنة 2024 ميزانية دولة ضخمة تعادل 111 مليار دولار أو تفوقها بقليل (تحديدًا 15 ألف و285 مليار دينار ).

الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف لـ"الترا جزائر": تخصيص ميزانية تفوق الـ111 مليار دولار في 2024 تلبيةً لاحتياجات المواطنين وتسيير شؤون الدولة بأريحية دليل آخر على عدم اللجوء لما يُعرف بـ"سياسات التقشف"

وستوجه هذه الميزانية بالدرجة الأولى لرفع التجميد عن المشاريع العالقة واستكمال تجسيد الوعود التي قدمها الرئيس عبد المجيد تبون في برنامجه الانتخابي سنة 2019 والتي اختصرها وقتها في 54 محورًا.

وتتزامن نهاية العام المقبل مع استكمال عهدة الرئيس تبون بقصر المرادية، حيث سيعرف شهر كانون الأول/ديسمبر 2024 تنظيم انتخابات رئاسية جديدة.

وتُجابِه الحكومة العديد من التحديات خلال سنة 2024 جعلتها تقرُّ ميزانية ضخمة، منها تشييد المساكن، حيث يتضمن البرنامج على الأقل 130 ألف مسكن اجتماعي (سوسيال) و50 ألف سكن إيجاري "عدل"، ناهيك عن التحضير لإطلاق برنامج سكنات "عدل 3" التي وعد بها الرئيس تبون.

كما تنتظر السلطات انتخابات رئاسية ستستنزف 40 مليار دينار أي 2.9 مليار دولار، وكذا زيادات الأجور والمعاشات، ومواصلة برنامج الدعم وملفات أخرى تجعل السلطة ملزمة بإنفاق المزيد من المال للتمكن من سدّ الاحتياجات المالية لهذه المشاريع.

أرقام ومؤشرات..

إلى هنا يكشف عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، كمال بلخضر، عن بعض الأرقام والمؤشرات الخاصة بسنة 2024 والمتضمنة في مشروع قانون المالية للعام المقبل، والتي وصفها بالأعلى على الإطلاق، منها ميزانية تفوق 15 ألف مليار دينار وتعادل 111 مليار دولار سواء رخص الالتزام أو اعتمادات الدفع.

كما يتحدث بلخضر في تصريح لـ"الترا جزائر" عن عائدات تصل 9102 مليار دينار أي أزيد من 67 مليار دولار، مقابل عجز في خزينة الدولة يلامس 5 آلاف و700 مليار دينار أو 43 مليار دولار.

وبلغة الأرقام يشدّد النائب البرلماني على أن  قانون المالية لسنة 2024 يقوم على سعر مرجعي للبترول الخام يعادل 60 دولارا خلال الفترة 2024 إلى 2026. ومبلغ 70 دولارا كسعر تقديري للسوق، كما يتحدث عن نسبة نمو تعادل 4.2 بالمائة سنة 2024 ثم 3.9 بالمائة سنة 2025 ثم 4 بالمائة سنة 2026.

وتصل صادرات السلع 49.8 مليار دولار السنة الأولى ثمّ 50.3 مليار دولار سنة الثانية و51.6 مليار دولار سنة 2026، أما الواردات فتعادل 43.5 مليار دولار سنة 2024 ثم 47.4 مليار دولار للعامين المواليين، ويصل فائض الميزان التجاري 6.3 سنة 2024 ثم 2.9 مليار دولار ثم 4.2 مليار دولار في السنتين المواليتين على التوالي، وهي الأرقام التي وصفخا بلخضر بالمعقولة والمقبولة.

لماذا أكبر ميزانية؟

أكد الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن هادف، أنّ مشروع قانون المالية لسنة 2024 جاء تماشيًا مع قرارات الرئيس عبد المجيد تبون الذي أعطى أولوية كبرى للحفاظ على المكتسبات الاجتماعية للمواطن الجزائري خلال السنة المقبلة.

وأوضح هادف في إفادة لـ "الترا جزائر" ان المشروع الجديد تضمّن العديد من الإجراءات لفائدة المواطن على رأسها الحفاظ على القدرة الشرائية، حيث لم ينص على أية ضرائب جديدة، كما تم إعادة النظر في تقييم سلم الأجور لموظفي المؤسسات العمومية، وتخفيض ضرائب بعض المواد واسعة الاستهلاك لتسهيل التحكم في ظاهرة التضخم، وهو ما يُبرر رفع المقدرات المالية، بحسبه.

وفي الجانب الاقتصادي، يكمل هادف: "تضمن قانون المالية عدة آليات تهدف إلى بعث عجلة الاقتصاد لاسيما ما تعلق بالاستثمار، حيث شدّد على ضرورة التسريع في إطلاق المشاريع الاقتصادية، إضافة إلى قرارات تصبّ في صالح المؤسسات منها إلغاء الضريبة على النشاط المهني التي تعدّ مكسبًا مهمًا للمؤسسات الاقتصادية."

ناهيك عن تخصيص تمويلات للمشاريع المهيكلة على غرار المنشآت القاعدية والسكن، أما في الجانب الجبائي، فلم يتضمن المشروع أية ضرائب جديدة معتبرة، وفق الخبير الاقتصادي.

ويذهب محدّثنا إلى أبعد من ذلك مشدّدا على أن قرار الرئيس بتخصيص ميزانية تفوق 111 مليار دولار خلال سنة 2024 دليل على أن الجزائر ماضية نحو رفع مستواها الاقتصادي وتلبية كل احتياجات المواطنين وتسيير شؤون الدولة بأكثر أريحية وعدم اللجوء لما يُعرف بسياسات التقشف، حيث بات من الضروري، يقول، هادف، الانفتاح أكبر على السوق الاقتصادية من خلال ضخ المزيد من التمويلات لصالح المشاريع الاقتصادية وكذا تعزيز القدرة الشرائية عن طريق رفع الأجور وتعزيز منحة البطالة وتحيين منح التقاعد، وهي آليات يؤكّد محدثنا، تعتمد للحفاظ على المكتسبات الاجتماعية .

ومن بين المبررات التي لجأت إليها الحكومة في تخصيص هذه الميزانية، وفق رأي هادف،ـ المشاريع الكبرى التي سيتم الانطلاق فيها خلال سنة 2024 لاسيما في مجال المنشآت القاعدية (سكك حديدية، السكن والقطاع المنجمي)، لذلك لا بُدّ من توفير أغلفة مالية ورفع قيمة النفقات.

أولوية

من جانبه، يقول البرلماني السابق عمار موسى أن صرف ميزانية 2024 سيكون في إطار القانون العضوي 18_15 الذي يعمل بصيغة جديدة مبنية على أساس تحديد الأهداف لذلك فإن هذه المخصّصات المالية ستصبُّ ضمن البرامج ذات الأهداف التنموية الاجتماعية والاقتصادية .

أما بالنسبة للقطاعات التي ستحظى بالأولوية في صرف ميزانية 2024 فهي ذات الصلة بالشأن الاجتماعي على رأسها قطاع الصحة، الذي يحتاج إلى ضخ أموال إضافية لتحسين مستوى أداء القطاع ونوعية الهياكل والتجهيزات والمعدات الطبية، وكذلك قطاع التربية الوطنية من خلال توظيف الأساتذة ودفع المخلفات المالية، كما ستكون أكبر حصة موجّهة لدعم التحويلات الاجتماعية منها صندوق التقاعد والخدمات العمومية لاسيما في مجال الطاقة.

ومن بين القطاعات التي ستكون لها أولوية في ميزانية 2024، قطاع النقل وكذا الأشغال العمومية حيث تم تخصيص أغلفة مالية لدعم المنشآت القاعدية سواءً تعلق بالنقل بالسكك الحديدية إضافة إلى قطاع السكن والموارد المائية.

وبخصوص تأثير ميزانية 2024 على القدرة الشرائية، هذه الأخيرة ستسمح يقول المتحدث، بالتكفل بالأثر المالي الناجم عن تنفيذ قرارات السلطات العمومية وبالخصوص تحسين الأجور ومنحة البطالة ومنح التقاعد، مواصلة المجهودات الاستدراكية لفائدة بعض الولايات، وضمان الأمن الغذائي عن طريق رفع قدرات تخزين الحبوب،  ودعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع (الحليب، السكر والزيت الغذائي).

النائب بن خلوف: البرمجة الاستعجالية لعرض مشروع قانون المالية 2024 بالبرلمان سيؤثّر على تدخلات النواب خاصة وأنّ نصّه يحتوي على أزيد من 3 آلاف صفحة

كما سيتم توجيه مبالغ معتبرة لتحسين ظروف الفئات الاجتماعية المحتاجة عن طريق إعادة تثمين المنحة الجزافية للتضامن تمنح للفئات الاجتماعية، لا سيما أرباب العائلات والعائلات والأشخاص البالغين أكثر من 60 سنة وكذا الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة لذين يستوفون الشروط المحددة عن طريق التنظيم.

وخلافًا لكل ذلك، يوجه القيادي بحركة البناء الوطني، كمال بن خلوف، في تدخّل لـ"الترا الجزائر" انتقادات لاذعة لطريقة عرض مشروع قانون المالية لسنة 2024 بالبرلمان، مؤكدًا أن تأخر إحالته لمكتب المجلس بـ20 يومًا ستكون له انعكاسات سيئة على طريقة مناقشة أكبر ميزانية في البلاد.

وشدّد بن خلوف على أن البرمجة الاستعجالية وضغط الجلسات قد يؤثر على نوعية تدخلات النواب ودقتها، ومستوى المعالجة النقدية لمختلف النقاط التي يتضمنها مشروع القانون والذي يحتوي أزيد من 3 آلاف صفحة.