21-يوليو-2023

طلاب كلية الطب بالعاصمة (بلال بن سالم/Getty)

فريق التحرير - الترا جزائر 

ينتظر أن يشهد الدخول الجامعي المقبل فتح ملحقات لكيات الطب في عدد من الولايات، بهدف تقليل الضغط على الجامعات المركزي، فهل سيساهم ذلك في تحسين تكوين الإطار الطبي أم أنه سيعقد عملية الـتأطير أكثر؟

يرى متابعون أنه من غير المعقول في بلد بحجم الجزائر أن يجد طالب الطب نفسه مضطرًا لقطع مسافة 500 كلم ليدرس تخصصه

ويشكل الوضع الذي يعيشه قطاع الصحة جراء ضعف الخدمات ونقص الإطارات، في مقدمتهم الاختصاصيين أهم التحديات التي تواجهها الحكومة، إذ أنه بالرغم من الملايير التي تخصص سنويًا لقطاع الصحة، إلا أنه لا يزال دون تطلعات الجزائريين، وبالخصوص في المناطق النائية وجنوب البلاد.

14 ملحقة

نهاية شهر آذار/مارس الماضي، أشرف وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداريعلى مراسيم التوقيع على 13 شهادة إلتزام ما بين كليات طب وملحقات جامعية.

وجرت مراسيم التوقيع بحضور رؤساء الجامعات وعمداء كليات الطب، لكل من جامعات سعيدة، والمسيلة، وأدرار، وبسكرة، والجلفة، وبومرداس، وتيبازة، والوادي، وتيارت، والشلف، ومعسكر، وأم البواقي، وسكيكدة، وهي الجامعات التي تكون معنية بالمحلقات الـ14 لكليات الطب الحالية.

وقالت الوزارة إن الهدف من هذه الاتفاقية هو تخفيف الضغط المسجل على كليات الطب الكبرى وخلق نشاط طبي نوعي وتحسين التغطية الصحية.

وشكل هذا الملف أحد محاور الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، حيث شدد الرئيس عبد المجيد تبون على توفير التأطير اللازم والضروري للنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي.

وأمر تبون  بأن يكون الالتحاق بملحقات كليات الطب وفق الضوابط والشروط ذاتها المعتمدة في الكليات المركزية، مبينًا أن هدف هذا الإجراء هو تسهيل ولوج طلبة التخصصات العلمية وتخفيف الضغط على الكليات المركزية من جهة وتحسين نوعية التكوين من جهة ثانية.

وحسب المنشور رقم 01 ، المؤرخ في الرابع  تموز/جويلية 2023، والمتعلق بالتسجيل الأولي وتوجيه حاملي شهادة البكالوريا بعنوان السنة الجامعية 2023-2024، فإن الطلبة الجدد الذين سيلتحقون بتخصص الطب سيدرسون على مستوى 15 كلية للطب أو عبر 14 ملحقة تابعة لها، مع العلم أن المعدل الأولي المطلوب لهذا التخصص قد قدر بـ15/ 20 للناجحين في تخصصات العلوم التجريبية والرياضيات وتقني رياضيات، مع العلم أن القبول يتم في العادة باللجوء أيضًا إلى المعدل الموزون بالنظر إلى كثرة الطلب على الالتحاق بتخصص الطب.

تخوف

لقي هذا القرار تفاعلًا من قبل الأطباء وطلبة الطب، وبالخصوص بشأن توفير التأطير اللازم، بالنظر إلى أن الجامعات المركزية نفسها تعاني أحيانًا من توفر الأساتذة المدرسين للطب بالشكل الكافي.

وانتقد تعليق نشر على صفحة كليات الطب في الجزائر ما أسماه "بإغراق الجزائر بملحقات للطب هنا وهناك، ليست واحدة ولا اثنتين ولا ثلاث! بل 14 ملحقة جديدة، دون تأطير ودون مستشفيات".

وزعم صاحب المنشور أن عملية التكفل بالطلبة الجدد في  الملحقات ستسند لـ "أساتذة حقوق، وعلوم سياسيّة وفي أحسن الأحوال أساتذة البيولوجيا، من حقي كطبيب أن يدرسني على الأقل طبيب مختص ولما لا أستاذ مساعد أو محاضر أو بروفيسور".

وجاء في التعليق "وللذين يقولون أنّها السنوات الأولى فقط، فهل السنوات الأولى سنوات لعب ولهو، لا بل هي مهمة ومهمة جدًا، متى يدرس  التشريح وعلم وظائف الأحياء  وأليس في السنوات الأولى؟، لماذا هذا العدد الكبير من الكليات، هل أخبرك أحد أنّ البلاد تعاني نقصًا في عدد الأطباء حتى تفتح 14 ملحقة دفعة واحدة".

غير أن بعض التعليقات التي ردت على هذا المنشور لم توافق هذا الرأي، إذ رأى البعض أنه من غير المعقول في بلد بحجم الجزائر أن يجد طالب الطب نفسه مضطرًا لقطع مسافة 500 كلم ليدرس تخصصه، ليعاني الغربة إضافة إلى مشقة التكوين والدراسة في هذا التخصص.

وبدوره، علق رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية قائلًا "مازلت على الرأي نفسه و أقول إن هذا القرار ستكون له عواقب وخيمة على نوعية التكوين و التأهيل للطلبة في الطب و تخصصاته"، مضيفًا أن "المهم ليس في فتح كلية أو ملحق لكلية طب في كل مكان، بل في توفير أدوات التكوين والتأطير الجيد لطلبتنا و لأطبائنا، و هذا ما لم نحققه في العديد من المناطق الجامعية التي فتحت بها كليات للطب منذ سنوات".

رهان من نوع آخر

بالنسبة لعضو المكتب الوطني للمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي الأستاذ لخضر مداح، فإن قرار فتح ملحقات لكلية الطب كفكرة عامة قرار يستحق التثمين، بالنظر إلى أنه يحمل عدة إيجابيات، كونه سيقرب كليات الطب من طلبة الجزائر عبر كل الولايات، إضافة إلى انه سيساهم في توفير أطباء أكثر.

وأضاف مداح أن هذا القرار سيمكن طلبة الجنوب من دراسة الطب بشكل أكثر، وبالتالي المساهمة في تحسين الخدمات الصحية بالمناطق الصحراوية، كونه سيرفع عدد أبناء هذه الولايات الذين سيتخصصون في الطب، وبالتالي سيساهمون في سد النقص المسجل بالمؤسسات الصحية بالجنوب سواء العمومية أو الخاصة.

لكن مداح أشار أيضًا إلى أن قرار فتح ملحقات لكيات الطب قد يحمل جوانب سلبية، وقد لا يكون صائبًا، بالنظر إلى صعوبة توفير المؤطرين لهؤلاء الطلبة، وكذا المكان المناسب لدراستهم، إضافة إلى المشاكل المتعلقة بالمؤسسات الصحية التي يجرون بها موادهم وبرامجهم التطبيقية.

وقال مداح إن هذا المشكل قد لا يطرح بجامعة الجلفة، بالنظر إلى أنها تنتمي إلى ولاية تتوفر على مؤسسات صحية متخصصة كمستشفى العيون، ومركز معالجة السرطان الذي سيفتح في الأيام القامة، إلا أن بعض الولايات التي ستفتح بها كليات الطب  هذا العام لا تتوفر على الإمكانات الموجودة بالجلفة.

وأشار إلى أنه حتى قبل فتح هذه الملحقات، كان طلبة الطب يسعون لتغيير جامعاتهم إلى البليدة والجزائر العاصمة، بحجة توفرهما على طاقم تأطيري متخصص ومستشفيات كثيرة تساعد في إجراء تربص ميداني مقبول، لذلك فإن فتح هذه الملحقات  سيضاعف من هذه الظاهرة بدل أن يساهم في تقليلها.

نقابة أساتذة التعليم العالي: الدخول الجامعي المقبل سيكون أحسن رهان وامتحان للحكومة

وبالنسبة لممثل نقابة أساتذة التعليم العالي، فإن الدخول الجامعي المقبل سيكون أحسن رهان وامتحان للحكومة لتحويل الاستعدادات التي تتحدث عنها إلى حقيقة، لإنجاح هذه التجربة التي تحمل عدة جوانب إيجابية رغم كل الانتقادات الموجهة لها.