تشهد كتب التنمية البشرية والتطوير الذاتي رواجًا منذ انطلاق صالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته 26، حيث كان لدور النشر المتخصصة في مجال نشر كتب التنمية البشرية وموضوعات حول الصحة النفسية حضورًا قويًا ولافتًا.
استشارية في مجال الصحة النفسية لـ "الترا جزائر": احذروا من يوهمكم بدورات خاصة في التنمية البشرية والمتحايلون بشعارات "نعم أستطيع"
وشهِدت أجنحة الصالون إقبالًا كبيرًا للباحثين عن هذا النوع من الكُتب والمهتمين بمجال التطوير الذاتي، وينطق الأمر على دار ملهمون (الإمارات) ودار الخيال ودار دون للنشر ومكتبة جرير السعودية، فضلًا على دور النشر الجزائرية على غرار دار الأنيس للنشر والتوزيع.
دافع قوي
تقول سهام وهي طالبة جامعية تدرس في جامعة باب الزوار، تخصص علوم البيولوجيا، إنها اكتشفت أهمية كتب التطوير الذاتي في مرحلة الثانوية، خصوصًا في الطور النهائي والاستعداد للشهادة البكالوريا.
وأضافت أن كتب التطوير الذاتي ساعدتها كثيرًا في تحضيرها للشهادة البكالوريا، كما أنّها "شكلت دفعاً سيكولوجيا ونفسيًا من أجل رفع التحدي والتغلب على المشاكل المرحلية وتجاوز الصعوبات."
وبخصوص أهمية كتب التطوير الذاتي في حياتها عمومًا، أشارت إلى أن "قراءة كُتب التنمية البشرية ساهمت في تحديد هوياتها كطالبة أولًا، من خلال تصميم الأهداف وتخطيط لحياتها بشكل عام."
وتابعت: "في البداية كنت مُتخوّفة ومتردّدة في مطالعة هذا النوع من الكتب، لكن زميلة ليأعارتني كتاب "نظرية الفستق جزء الأول"، الذي كان له صدى إيجابي في تغيير ذهنيات سلبية لدي، ورفع سقف طموحاتي الدراسية."
وقالت محدثة "التر جزائر"إنه ورغم تخصصها في الشعبة العلمية، إلّا أنّها ما تزال جدّ مهتمة ومتابعةلأحدث إصدارات في هذا المجال.
تثقيفٌ وكسب مادي
ترى مندوبة المبيعات في جناح عصير الكتب أن "دار النشر أعدّت لهذه السنة جملة من أفضل الكُتب في مجال كتب التنمية الذاتية وعلم النفس، سواءً المترجمة أو المكتوبة باللغة العربية."
وأضافت أن كتبًا مثل "جلسات نفسية" أو "عُقَدُك النفسية سجنك الأبدي" أو "المخ الأبله والمخ السعيد" أو "قوانين التحرر من الصراع النفسي" تشكل أهم مبيعات الدار، فضلًا عن عناوين أخرى.
مندوبة مبيعات: الإقبال على كُتب التنمية البشرية مردّه الفضول أو التكسّب المالي والتواصل مع الآخرين كمدرّب في التخصّص
وفي ردّها عن أسباب الإقبال على هذا النوع من المنشورات، قالت محدثنا إنّ"الاهتمام قد يعود إلى أسباب كثيرة وعديدة، منها عامل التثقيف الذي قد يكون الدافع الأول."
وأردفت:"هناك من يرغب في كسب مهارات في مجال التنمية البشرية قصد التكسب المالي والتواصل مع الآخرين كمدرب في هذا التخصص."
صناعة المحتوى
وفي سياق متصل، أفادت، السيدة حمودة، استشارية في مجال الصحة النفسية، بأنّ"مُعظم المتابعين والمهتمين بقراءة كتب التنمية البشرية يبحثون على صناعة محتوى في مجال التنمية الذاتية والتطوير الذاتي."
وأكملت: "كُتب التنمية البشرية لا تتطلّب تخصصًا دراسيًا عميقًا، أو شهادة جامعية تأهّلك إلى التواصل ومخاطبة الغير."
وزادت أن "وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في الإقبال على كتب التنمية البشرية"، موضحة أن "تقديم الدروس عبر منصات التواصل الاجتماعي أصبح ظاهرة منتشرة في العالم العربي والجزائر بالأخص."
تنبيه
ومن جهة أخرى، حذرت السيدة حمودة من بعض دروس التنمية البشرية التي تُقدّم بشكل سطحي وعمومي الطرح، لافتة إلى أنّ "البعض يوهم الآخرين عبر مهارة التواصل وتخطي بعض المشاكل النفسية وتجاوز بعض الصعوبات في درس أو في دورة خاصة."
وأفادت هنا أن "المعالجة النفسية قد تحتاج إلى جلسات خاصة وطويلة وليس في الفضاء العام وترديد شعارات مثل "نعم أستطيع " أو "لا أخاف"."
أما ما يتعلق ببعض الكتب والعناوين في مجال التنمية البشرية، أشارت المتحدثة إلى أن "بعض الكتب المترجمة تحتاج إلى تدقيق أو مراجعة."
وأضافت: "تلك الكتب التي تحمل "Best Seller" أي الأكثر مبيعاً، كُتبت وفق بيئة خاصة تختلف تمامًا عن بيئتنا الإسلامية ومجتمعاتنا المحافظة."
وتابعت: "الأمراض النفسية في المجتمعات الغربية تأتي نتيجة الإدمان على المخدرات والكحول أو الفراغ الروحي والإلحاد والعنف الأسري والعائلي أو بسبب الفردانية."
وأوضحت أن "المجتمعات الإسلامية تختلف تركيبتها النفسية والعقلية عن المجتمعات الغربية بشكل عميق."
مختصّة في علم النفس: مجال التنمية البشرية استنساخٌ لبيئات غربية تختلف تركيبتها النفسية عن مجتمعنا
وزادت محدّثة "الترا جزائر" أن "هذا لا ينفي وجود مشاكل نفسية وأمراض عقلية في مجتمعاتنا، ولكن هناك أسباب وبواعث تستجيب إلى ظروف وشروط خاصة."
وعلى سبيل التفسير، أبرزت المتحدثة أن "فكرة التأمل التي تُسوّق في كتاب "التأمل" للكاتب "أوشو" يفرغ محتوى التأمل من سياقه الروحي والإيماني، إذ أنّ التأملفي الإسلام أبعد من النظر في الفراغ، بل يحمل معنى"التبصر" في عظمة الله، أي النظر إلى ما وراء الكون أو الوجود تعظيما لله وليس الفراغ."
