20-أكتوبر-2019

من معرض الجزائر الدولي للكتاب (Getty)

لا يبدو أن الحراك الشعبي في الجزائر، سيقتصر فقط على بلاتوهات النقاشات السياسية في التلفزيون، والمسيرات الشعبية في الشارع، وحتى موجة الأغاني التي أطلقها عدّد من الفنانين انسجامًا مع الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد؛ ولكن الظاهر، أن الطبعة الرابعة والعشرين لمعرض الجزائري الدولي للكتاب، ستعرف حراكًا آخر، ويُصدر عدد من الكتّاب الجزائريين، مؤلّفات تستنطق الشعارات التي رفعها المحتجّون في الحراك طيلة الأشهر الماضية.

يبدو أنّ هناك توجهًا كبيرًا لتوثيق "الحراك الشعبي" في الجزائر الذي يتواصل منذ 22  شبّاط/ فبراير الماضي

قبل أيّام من انطلاق معرض الجزائر الدولي للكتاب، الذي تتواصل فعالياته، ما بين 30 تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري و9 تشرين الثاني/ نوفمبر الداخل، بمشاركة 1020 ناشرًا من أربعين دولة (السنغال ضيف شرف الطبعة)، توحي عنوانين جديدة أعلن عنها أصحابها، أنّنا بصدد استقبال مكتبةٍ كاملةٍ تتناول موضوع الحراك الشعبي في الجزائر، وأنّ كثيرين منهم، أجلّوا أعمالهم الأدبية ودراساتهم النقدية، وفضّلوا أنّ يخصّصوا مؤلّفاتهم هذه السنة للأحداث السياسية في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: ثقافة الجحود في الجزائر

نوّارة لحرش، الشاعرة والصحفية التي رفضت الكتابة في السياسة وبقيت وفيّة للكتابة في الشأن الثقافي عبر مختلف المنابر الإعلامية في الجزائر وخارجها، وجدت نفسها أخيرًا متورّطة فيما تجنبته طويلًا، ربّما من حيث لا تدري، ودخلت ذلك العالم من باب "الحراك الشعبي" الذي طرحت أسئلته منذ أسابيعه الأولى على نخبة من الكُتّاب والباحثين، وجاءت محصّلة ذلك في كتاب "الحراك، أسئلة ومآلات".

الكتاب صدر مؤخرًا عن "دار خيال" بالجزائر، وهو مجموع "ملفّات واكبت الحراك بالتحليل والمقاربات"، أرادت نوّارة توثيقها بطلب من كثير ممن شاركوا فيها، "حتى تكون وثيقة للباحثين في هذا الموضوع".

يُراهن الكاتب والباحث لونيس بن علي، على إصداره الجديد "الكتابة على أطراف النهر… السيرة الكتابية للحراك"، الصادر عن "دار ميم"، وهو "في جزءٍ كبير منه متابعة للحراك الشعبي بقراءات وتأمّلات وحوارات"، ليلقى صدى بمناسبة عرضه وتوزيعه مع بداية المعرض الدولي للكتاب في طبعته القادمة.

يبدو أنّ هناك توجهًا كبيرًا لتوثيق "الحراك الشعبي" في الجزائر الذي يتواصل منذ 22  شبّاط/ فبراير الماضي، وأن معرض الجزائر للكتاب الذي سيُفتتح في نهاية هذا الشهر سيكون بطعم خاص، ويتميّز بجرعة زائدة من السياسة بأقلامٍ كثير من الكتّاب والباحثين والروائيين، لم يسبق لهم أن كتبوا في السياسة بشكل مباشر.

في هذا السياق، صدر للروائي واسيني الأعرج كتاب واسيني: "الدّرجة الصّفر للدّولة... من العسكرة إلى الكرنفال" عن "دار خيال" للنشر، وهو "هواجس ميدانية من قلب الحراك"، الذي واكبه واسيني في بداياته وكتب عنه في مختلف المنابر الإعلامية.

من جهته، اختار الروائي فيصل لحمر عنوان "ديموس كراطوس" الذي يقول بشأنه إنه يتناول "الحراك الجزائري وأمراض الديمقراطيات في العالم"، ويحتوي المؤلّف على "نقد العقل الديمقراطي، ونقد العقل الديمقراطي الإسلامي، ونقد العقل العولمي، ويوميات حراك22 شبّاط/ فيفري، وفي فلسفة الحراك... شبكات القراءة والتفسير".  

لم يتأخّر الشاعر والكاتب عبد الرزاق بوكبة عن الموعد، وهو الذي كتب عن الحراك منذ أسابيعه الأولى، وكان من السبّاقين لجمع "تأمّلاته وهواجسه" ضمن كتاب "رماد يذروه السكون: تأمّلات في الحراك الجزائري" عن "دار ضمّة" للنشر.

وممّا رصده في الكتاب "تجلّيات تغييب الشّاب الجزائريّ الجديد لنفسه، واقعيًّا وافتراضيًّا، حتّى يتمكّن من تكوين نفسه وإعدادها للمرحلة القادمة، ثمّ أعلن عن نفسه يوم 22 شباط/ فبراير، بما سبّب صدمةً ومفاجأةً كبيرتين لكثير من المنظومات الحاكمة والمتحالفة معها، وحتّى لتلك التّي كانت تمارس المعارضة الشّكليّة، إذ كانت تبني أحكامها على هذا الجيل بناءً على سكونه وانسحابه من الحياة العامّة".

يبدو أن "دار خيال" هي دار النشر الأولى في الجزائر التي احتضنت "أدب الحراك"، ومن إصداراتها الملفتة في هذا الشأن الكتاب الجديد للشاعر والباحث عمر أزراج وعنوانه "يوميات الحراك.. نحو تحرير الجزائر من النظام الدكتاتوري"، ويرى أزراج أنّ كتابه الجديد ليس مجرّد صدى لما يحدث حاليًا وإنما يأتي في سياق نقده الطويل لنظام الحكم في الجزائر منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وعن "دار خيال" أيضًا صدر للكاتب الصحافي بوعلام رمضاني "أحبُّ وطني رغم أنفكم.. يوميات صحفي وسط الحراك"، وعن الدار نفسها، صدر للمؤرّخ محمد أرزقي فرّاد "في ظلال الحراك الشعبي" الذي اعتبره وثيقة من وجهة نظره الخاصّة تؤرّخ للحدث الذي يعتبره منعطفًا كبيرًا في تاريخ الجزائر.

في هذا السياق، يحاول الصحافي والبرلماني السابق محمد بوعزارة الاقتراب من الحدث وتسجيل بصمته ضمن إصداره الجديد الذي اختار له عنوان "من الصعلكة السياسية إلى الحراك الشعبي"، والذي اعتبره تنبيهًا لمن يريد قيادة البلاد في المستقبل بأسلوب "الصعلكة" التي أدّت إلى الأزمة السياسية الحالية.

وتناول الصحفي محمد علال الموضوع من زاوية أخرى، ومن خلال عنوان كتابه "بوتفليقة والزنزانة رقم 5″، يمكن أن نتبع يوميات الحراك المتواصل منذ عدّة أشهر. ويرى علال أنه ابتعد عن أسلوب التحليل والتنظير ليقدّم رؤيته الخاصّة لما حدث بطريقته الخاصّة.

واقتباسًا من عالم الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز وكتابه "ليس للكولونيل من يراسله"، يبدو أن أمين الزاوي هو الوحيد الذي اقترب من الحراك في شكلٍ روائي، من خلال عمله الجديد "الباش كاتب.. لم يبق لكاتب رسائل الرئيس ما يكتبه" الصادرة مؤخرًا عن منشورات ضفاف في لبنان ومنشورات الاختلاف في الجزائر.

بعد أن أبهر الحراك الشعبي الجزائري العالم بسلميته، هل تنجح الكتب التي اقتربت منه وتناولته في إبهار القارئ؟

بعد أن أبهر الحراك الشعبي الجزائري العالم بسلميته، هل تنجح الكتب التي اقتربت منه وتناولته في إبهار القارئ؟ أم هي مجرّد خواطر ويوميات يُحاول أصحابها ركوب الموجة؟ يبدو أن الأمر غير قابل للتعميم في هذا الاتجاه أو ذاك، والامتحان الحقيقي هو يوم لقاء القارئ في معرض الكتاب بعد أيّام قليلة من الآن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دُور الثّقافة في الجزائر.. لأيّة ثقافة؟!

المؤسسات الثقافية في الجزائر كأداة لخدمة النظام